سوريا من منظور بوتين
من استمع لما قاله القيصر الروسي في سوتشي عبر مؤتمر " فالداي " للحوار الاستراتيجي يدرك حقيقة تخلي العالم عن سوريا وعن شعبها وقضيتها العادلة .
فقد حاول بوتين إقناع مستمعيه ومشاهديه بأن التدخل الروسي في سوريا والذي بدأ منذ 3 سنوات جاء لحماية روسيا وجيرانها من الإرهاب، ولمنع تقسيم سوريا .
وتابع واثقا : " لقد اثبت الزمن أننا كنا على حق " .
بوتين لم يتطرق إلى ثمن هذا التدخل وعدد ضحاياه ، وكم هي المدن التي دمرتها الطائرات الروسية عن بكرة ابيها ، ليس بدءا بحلب ولا انتهاء بمحيط دمشق سواء في الغوطة أو أخواتها .
والمستغرب أن الرئيس الروسي مقتنع بأنه منع تفتت الدولة السورية وتحولها إلى ما يشبه الصومال ، وهذا " السيناريو غير مرغوب فيه " كما قال ، معللا : " لأن ذلك يعني أن يقوم الارهابيون والمتطرفون بالتسلل الى روسيا عن طريق الدول المجاورة التي نمنح مواطنيها الدخول بدون تأشيرات وبدون جمارك " متناسيا بأن نظاما للفصل الطائفي بدأ يستقر في سوريا مشكلا عدة دويلات في الدولة " المهشمة " .. إلا أنه أكد فخره بـ " الحفاظ على مؤسسات الدولة " مع أن هذه المؤسسات هي التي دفع السوريون ثمنا باهظا من أجل اقتلاعها .
لم يقنع بوتين مشاهديه بأنه يسعى لحل في سوريا عن طريق الأمم المتحدة ، وهو الذي انتقد في حديثه الامبراطوري المبعوث الأممي المستقيل دي مستورا معتبرا إنجازه صفرا ، ومذكرا بأن هناك مسعى جادا لتشكيل لجنة دستورية من شأنها أن تعد الدستور المنتظر .
في غمرة ذلك ، لم ينس بوتين أن يعرج على إدلب ، بل امتدح الدور التركي فيها : " مع أن الأتراك لم ينجزوا كل ما وعدوا " غير أنه قال بأنهم عملوا بجد على ترجمة الإتفاق الموقع بين الجانبين بخصوص هذه المدينة .
وليعيد ترسيخ سبب تدخله العسكري في عقول مشاهديه ومستمعيه ، عاد مرة اخرى الى الارهاب مؤكدا بأن داعش بدأ ينشط في الشرق السوري بسبب تقاعس الأمريكيين الذين لم ينجزوا مهمتهم حتى الآن .
وفجر بوتين مفاجأة عندما أكد بأن منظمة داعش الارهابية احتجزت أمريكيين واوروبيين من بين رهائن تم اقتيادهم الى جهات مجهولة عقب سيطرة التنظيم على عدة قرى مؤخرا ، واستغرب كيف أن ترامب والزعماء الأوروبيين أخفوا ذلك عن شعوبهم .
ما أراد بوتين قوله في المؤتمر لم يكن سوى رسائل سياسية للجميع وفي كل الإتجاهات ، أما عن حقيقة ما يخطط له الروس وغيرهم ، فإنه لم يقل شيئا ، مع أن أي أحد وأيا كان ، يدرك بأن سوريا التي نعرفها باتت مستعمرة للروس والايرانيين والأمريكيان والأوروبيين ناهيك عن الاسرائيليين الذين يقررون من يقف على حدودهم المصطنعة ،وعلى رأسهم الفرس الصفويون الذين عاثوا خرابا في هذا البلد العربي حتى بات يتحدث بأكثر من لغة ، ويدين بأكثر من عقيدة ومذهب .
وعلى ذكر الصومال التي يقول بوتين إنه جنب سوريا تجربتها المرة ، فإنها بالتأكيد جنة عدن قياسا لما يجري في " الشام " الأسيرة..
والمحتلة !.
د.فطين البداد
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews