Date : 29,03,2024, Time : 09:06:50 AM
3716 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: الخميس 07 صفر 1440هـ - 18 أكتوبر 2018م 12:14 ص

لماذا يميل المصريون إلى روسيا أكثر من الولايات المتحدة

لماذا يميل المصريون إلى روسيا أكثر من الولايات المتحدة
محمد أبوالفضل

تجد الزيارات التي يقوم بها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى روسيا أصداء إيجابية لدى قطاع كبير من المواطنين، تفوق تلك التي يقوم بها إلى الولايات المتحدة، ومن السهل أن تتم ملاحظة الانتعاش والترحيب في وسائل الإعلام ولدى النخبة السياسية والثقافية ووسط الرأي العام.

انعكس هذا الاهتمام بالاحتفاء المصري في الاستقبال الحار الذي أعده الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للرئيس السيسي، وهو ما يعتبره كثيرون تأكيدا على الود المتبادل بين الزعيمين، وأن المسؤولين والمواطنين في روسيا يحملون القدر ذاته من الاهتمام.

يجذب الحديث العاطفي حيال موسكو اهتمام فئة كبيرة من المواطنين في مصر، ويتذكرون على الفور أحلام فترة سابقة كانت حافلة بالتعاون الوثيق بين البلدين، عندما كان الاتحاد السوفييتي في أوج قوته، ومصر في قمة يقظتها الإقليمية. ولا تزال موسكو ترى في القاهرة مركزا مهما في الشرق الأوسط، وتعول عليها في استكمال طموحاتها الإقليمية التالية لتدخلاتها في الأزمة السورية، ربما تكون في ليبيا أو غيرها، وتعتقد أن التحالف ومن ثم التنسيق معها أحد أهم صمامات الأمان الإقليمي، ومن ضمانات السيطرة الروسية على جزء معتبر في سوق الغاز الموجه ناحية أوروبا.

مع أن موسكو نجحت خلال السنوات الأخيرة في نسج علاقات وثيقة مع دول كثيرة في المنطقة، غير أن حنينا ما يجذب قادتها حيال مصر بالتحديد، حنينا له علاقة بالأبعاد الاستراتيجية أولا، وله علاقة بالهيبة الروسية ثانيا، لأن موسكو لن تنسى عملية طرد خبرائها من مصر في عهد الرئيس الراحل أنور السادات، الذي مال بوضوح ناحية الولايات المتحدة، ولأن موسكو تسترد هيبتها تدريجيا في العالم، وقد يكون جزء منها العودة مظفرة إلى القاهرة.

ساعد صعود الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى سدة السلطة في مصر ووجود فلاديمير بوتين على رأسها في موسكو على إذابة الكثير من الجليد، الذي حال في وقت سابق دون تطويرها، لأن الكيمياء السياسية والخلفية العسكرية للرجلين فتحتا الطريق أمام محاولة تخطي بعض المرارات، وتهيئة التربة لبناء علاقات متينة كل طرف يعرف تماما الحدود التي يتحرك فيها، والنقاط التي من الواجب أن يتوقف عندها.

لدى مصر قراءة متقدمة لبنية التطورات الدولية وتداعياتها، تجعلها تعتقد أن موسكو تمثل كفة الميزان الضابطة للعلاقة مع الولايات المتحدة، والتي يمكن المناورة بها عند اللزوم، خاصة إذا حاولت واشنطن ممارسة ضغوطها التقليدية على القاهرة، وهي الثغرة التي ولدت شعورا سلبيا عند القيادة الروسية، وجعلتها تمارس “النوستالجيا” مع مصر بقدر من الانضباط.

لذلك تتريث موسكو كثيرا ولا تستعجل القفز على الحواجز، وتعمل بطريقة كلما تقدمت القاهرة خطوة قوبلت بخطوتين، ومارست قدرا من الابتزاز المشروع، بناء على خبرات تراكمت من خلال معرفتها ببرغماتية القيادة المصرية.

لم يشهد الاتفاق حول بناء مفاعل الضبعة حلحلة سوى بعد أن أيدت القاهرة دخول روسيا بنسبة تصل إلى 30 بالمئة في حقل “ظهر” المصري، وعندما سقطت الطائرة الروسية فوق صحراء سيناء في نهاية أكتوبر 2015 توقف الطيران وحجبت السياحة الروسية تماما، وعاد الأول في بداية العام الجاري. لكن استمر توقف السياحة إلى أن حصلت روسيا على تطمينات مؤخرا تشير إلى ارتفاع درجة التفاهم السياسي والأمني في قضايا حيوية، ومقرر أن يتم استئناف السياحة خلال الأيام المقبلة.

تؤكد معطيات كثيرة أن هناك انحيازا عاطفيا وسياسيا ناحية موسكو على حساب واشنطن، وأن معادلة التوازن التي تعتمد عليها القاهرة لضبط العلاقة بين الجانبين، أخفقت في مداراة الانحياز للجبهة الأولى، مع أن روسيا مثل الولايات المتحدة تدير علاقاتها الخارجية بدرجة عالية من النفعية والحرص الشديد على تحقيق المصالح الرئيسية للدولة.

لم تعد موسكو التي كانت تغلّب المواقف الأيديولوجية في كثير من تصوراتها إبان حقبتي الخمسينات والستينات من القرن الماضي، هي موسكو التي تقيم قدرا كبيرا من علاقاتها الآن وفقا لتقديرات دقيقة وعميقة، وهو ما يدركه المصريون، مع ذلك لا تزال العاطفة، الرسمية والشعبية، نحوها جياشة.

يكفي أن الولايات المتحدة لا تخفي دعمها السافر لإسرائيل، وتعمل صراحة على تفوقها الاستراتيجي. هذا في الوقت الذي تحاول فيه روسيا التحلي بشيء من الانضباط في التعامل مع إسرائيل والموقف من القضايا العربية الشائكة، ولا تزال تلتزم بالقوانين الدولية الداعمة لوجود دولة فلسطينية. يتصاعد التفاهم بين موسكو وتل أبيب في قضايا إقليمية عديدة، لكنه لم يصل إلى حد الانسجام، كما هو حاصل من قبل واشنطن.

ولأن القضية الفلسطينية، مع كل ما لحق بها من إخفاقات، تبقى جرحا عربيا يصعب على أي قيادة تجاوزه، تظل المواقف الدولية بشأنها أحد المحددات النفسية والسياسية التي يمكن أن نقيس عليها بوصلة بعض الدول العربية تجاه القوى الكبرى.

تميل أيضا العقيدة العسكرية المصرية نحو روسيا أكثر من الولايات المتحدة، مع أن جزءا كبيرا من المعدات والأسلحة في الجيش المصري مصدره واشنطن، لأن عددا كبيرا من الضباط درسوا في موسكو، وربما لأن الروس أكثر تسامحا ومرونة في التدريب والتعليم ومنح قطع الغيار، ناهيك عن الممانعة في تقديم معدات أكثر حداثة من الولايات المتحدة.

تجد مثل هذه العوامل أصداء نفسية إيجابية لدى العسكريين في مصر، بينما لا نجدها واضحة عند من تعلموا في واشنطن، وقد يكون المستوى التعليمي هناك أكثر تطورا، لكن لا تجد الود ذاته، ويحتفظ الأميركيون دائما بمساحة من الخصوصية، تبدو بعيدة مقارنة بتلك التي يحتفظ بها الروس، وغالبا ما تكون محببة لدى بلدان الشرق الأوسط.

تحظى انطباعات التواضع الروسي، التكنولوجي والبشري، بمساحة أخرى من التقدير في عقل المصريين الذين يعتقد قطاع كبير منهم أن العجرفة الأميركية كفيلة بالنفور من الولايات المتحدة، على الرغم من تعاظم المصالح المشتركة معها.

يمنح المصريون، مثل غيرهم من الشعوب العربية، الأبعاد النفسية جانبا كبيرا من التقدير، ولا يفضلون الخطاب المتعالي، ويميلون إلى دعم من يشعرهم بدرجة من الندية، ولو على سبيل المجاملة، بينما يظل الأميركيون مرتبطين بفكرة الإمبريالية والاستغلال، وأنهم من الورثة الطبيعيين للحقب الاستعمارية الغربية، التي عانت منها دول عربية كثيرة.

تفرض المصالح علاماتها على الدول، وتتراجع الحدود الإنسانية، لكن الأخيرة تظهر في اللقاءات وطريقة الحفاوة، ويشعر تجاهها العرب بالارتياح، وضمنهم المصريون بالطبع، لأنها تتسق مع عاداتهم وتقاليدهم، وهو ما يحرص الروس على التأكيد عليه عند استقبالهم قيادات عربية، وأصبحت الهدايا والعبارات الرنانة والخطب الطنانة من أهم الطقوس التي تمارس مع زائري موسكو، لذلك من الطبيعي أن يميل المصريون إلى الروس أكثر من ميلهم إلى الأميركيين.

العرب اللندنية 




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :

اضف تعليق

مواضيع شبيهة
يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد