الولايات المتحدة والأوبك غير مختلفين
الرئيس الأميركي دونالد ترمب غير راضٍ عن أسعار النفط، التي يرى أنها مرتفعة، ولذلك يناشد في تغريداته على تويتر الأوبك بالعمل على خفض أسعار النفط، وهذا أمر قد يبدو غريبًا للوهلة الأولى، فالولايات المتحدة لديها مشروعات نفط في الجرف القاري، وقد طرحت في أغسطس الماضي مناقصة، تعد الأكبر، لتطوير حقول نفط وغاز في الجزء الأميركي من خليج المكسيك، كما تخطط الولايات المتحدة لاستغلال النفط القابل للاستخراج في الآسكا، والذى يقع مخزونه الأكبر في الجبال الصخرية غربًا، وهذه كلها مشروعات مكلفة وتحتاج إلى استثمارات ضخمة.
وأنا أقول إن طلب الرئيس الأميركي خفض أسعار النفط يبدو غريبًا؛ لأن تطور الصناعة النفطية في تلك الأماكن الصعبة يحتاج إلى سعر مرتفع وليس منخفضاً، فكلنا يعرف ما الذي حدث لمنصات الغاز الصخري عندما تدنت أسعار النفط ابتداء من العام 2014م وحتى 2016م، فتوقف تلك المنصات عن العمل أدى وقتها إلى تقلص إنتاج ذلك الغاز الذي لدى الولايات المتحدة منه احتياطات ضخمة، فتكلفة استخراج هذا الغاز رغم كل ما طرأ عليها من انخفاض لا تزال مرتفعة مقارنة مع تكاليف الإنتاج ليس فقط في المملكة وبقية دول مجلس التعاون، وإنما حتى مع روسيا الذي يصل متوسط التكلفة إلى 14 دولارًا.
ولذلك فإذا تدنت أسعار النفط بشكل كبير فإن الولايات المتحدة لن تتمكن من إنجاز ما تخطط له لتطوير صناعة النفط في الجرف القاري، فإذا كان هذا هو الوضع فلماذا إذًا تطالب الولايات المتحدة بخفض أسعار النفط وليس رفعها؟
إن المخاوف الأميركية، على ما يبدو لي، لا تختلف عن مخاوف الدول المصدرة للنفط أعضاء الأوبك، فهذه المنظمة هي الأخرى تخشى أن يؤدي ارتفاع أسعار النفط إلى إغراق السوق ومن ثم إلى انهيار الأسعار على أثر ذلك.
إذًا فالولايات المتحدة مثلها مثل الأوبك ترغب بسعر لا يشجع على زيادة الإنتاج إلى ذلك المستوى الذي يؤدي إلى إغراق السوق، أي بمعنى أن تكون الأسعار عند مستوى يوفر للمنتجين عائدات مجزية تكفي لتمويل مشروعات التنمية من ناحية وتشجع عملية إعادة إنتاج الصناعة النفطية نفسها من ناحية أخرى، فمن غير مصلحة الولايات المتحدة والأوبك ارتفاع أسعار الطاقة إلى مستوى يؤدي في النهاية إلى انهيار الأسعار، فمنتجو الطاقة الكبار يرغبون في سعر مستقر وليس مرتفعاً بشكل مصطنع، وذلك حتى يتمكنوا من التخطيط للتنمية وتطوير صناعة الطاقة على المدى المتوسط والبعيد، فالأسعار العالية تؤدي إلى أرباح قصيرة الأجل وخسائر ضخمة متوسطة وطويلة الأجل.
الرياض
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews