حكاية ريم أشرف

هناك دائماً قصص حقيقية وجميلة نفسدها بإرادتنا واختيارنا لأننا نريد تحويلها دون داعٍ أو ضرورة إلى ملاحم وطنية زاعقة.. وتبقى ريم أشرف واحدة من أصحاب هذه القصص والحكايات.. فقد قررت «ريم»، التى لاتزال فى الرابعة عشرة من عمرها، أن تتحدى العالم كله وتكتب اسمها فى موسوعة جينيز للأرقام القياسية كصاحبة أطول غطسة تحت الماء.. وخلال سنتين من التدريب بمنتهى الجدية والالتزام.. نجحت «ريم» فى البقاء تحت الماء عشر ساعات، ثم عشرين، ثم أربعين.. وأخيراً قررت «ريم» خوض صراع التحدى والسفر إلى شرم الشيخ استعداداً لتحطيم الرقم القياسى المسجل باسم الأسترالية «كويل»، وكان واحداً وخمسين ساعة وخمساً وعشرين دقيقة.. وبالفعل.. نجحت المصرية «ريم» فى البقاء تحت الماء خمساً وخمسين ساعة كاملة.. أى يومين كاملين وسبع ساعات إضافية.. ولم تنجح «ريم» فى ذلك فقط.. إنما نجحت أيضاً فى إقناع مسؤولة موسوعة جينيز بالاعتراف بما حققته، رغم أنها رفضت ذلك فى البداية قبل أن تبدأ «ريم» محاولتها لأنها لن تعترف بمَن تقل أعمارهم أو أعمارهن عن الستة عشر عاماً..

وطال صراع «ريم» وأسرتها مع مسؤولة الموسوعة حتى اعترفت بما حققته الفتاة المصرية الصغيرة احتراماً لشجاعتها وإصرارها ورغبتها فى التحدى وقدرتها ثم نجاحها.. وبدلاً من الالتفات لكل ما تحمله حكاية «ريم» من معانٍ جميلة.. قرر البعض أن «ريم» قامت بذلك من أجل تنشيط السياحة إلى مصر وكلام كثير وكبير عن السياحة وأزمتها واقتراحات الحل والخلاص والمستقبل.. بل دفعوا الفتاة الصغيرة إلى ترديد هذا الكلام، وأنها كانت تحت الماء لتوجيه رسالة إلى العالم.. ومن المؤكد أن «ريم» لم تكن مطالبة بذلك لكى تكبر وتنتعش سياحة العالم إلى مصر.. والحكاية كلها لا تحتمل مثل هذه الضغوط والعناوين الضخمة والزاعقة.. فالحكاية نفسها كما هى جميلة ورائعة وإنسانية أيضاً.. فتاة مصرية فى الرابعة عشرة من عمرها، لاتزال طالبة فى الصف الثالث الإعدادى.. بدأت فى النادى الأهلى تلعب الكاراتيه، ثم أغوتها السباحة، وبعدها الغطس، وقررت أن تحمل الرقم القياسى العالمى لطول البقاء تحت الماء.. وعاشت سنتين كاملتين تجمع بين المذاكرة والتدريبات ودراسة الغطس نظرياً وعملياً.. ونجحت فيما أرادته وحلمت به، وباتت تستحق التحية والتشجيع لأنه من الجميل أن تملك كل هذا العناد وكل هذا الطموح أيضاً.

المصري اليوم