ادلب بيد الثلاثي بوتين ..روحاني .. اردوغان
ما يجري من تحضير روسي ايراني بغطاء سياسي من النظام لمجزرة ادلب يكشف بأن ضوءا اخضر منح للروس للقيام بما سيقومون به من تكرار لسيناريو حلب ، ولكن الفرق أن حلب تم هدمها دفعة واحدة ، بينما يراد لإدلب أن تدمر بالتقسيط ، سواء من خلال طرح سيناريوهات هجومية في الغرب لتأمين الساحل وقاعدة حميميم ، أو في وسط المدينة أواطرافها على تخوم حلب وحماة ، وهذا أمر قد يحمل بعض التوطئات الميدانية المتفق عليها من كل الاطراف المعنية بملف مدينة على قيد التدمير والتهجير .
فالأوروبيون والأتراك يتحدثون عن مخاوف على المدنيين ، وديمستورا لا يمانع في تدمير ادلب ولكنه يريد ممرا آمنا للمدنيين ، والأمم المتحدة " قلقلة " أيضا وتخاف على الاطفال والنساء !!.
لا يستطيع أحد خداع السوريين في ادلب وخارجها ، من ان هناك جهودا حقيقية تبذل لتجنيب المدنيين مذبحة ، أو لتجنيب المدينة الدمار ، فثلاثة ملايين إنسان لا يعنون شيئا للقوى العظمى التي يتحضر بعضها : " روسيا " لنهش ما تستطيع نهشه من الكعكة السورية التي باتت مقسمة أمام سمع وبصر السوريين الذين باتوا كالأيتام على موائد اللئام .
المناورات الروسية المرتقبة في المتوسط والتي هي الأكبر منذ حقبة الحرب الباردة لم تكن لتكون إلا بعد إحاطة الأمريكيين علما بها وكذلك يحدث العكس ، فالمصالح الاستراتيجية التي تخوض الدول العظمى من أجلها حروبا أيا كانت نتائجها ، هي غير تلك المصالح التي تعني دولا صغيرة او تابعة ، وما من شك أن هناك تناقضا في المصالح بين واشنطن وموسكو ، غير أن هذا التناقض لا يعني أن دولتين هما قطبان من دول المركز التي تمثل النظام الدولي مستعدتان لخوض حرب من أجل قضايا لا تستحق الفناء لاجلها ، فالقضية مصالح استراتيجية آنية لا تمس مباشرة الأمن القومي لكلتيهما ، ومن أجل ذلك فإن التناقض سيظل كبيرا ولكنه لن يتطور لحرب مهما بلغت التناقضات والتصريحات والتحضيرات العسكرية والميدانية .
موقف الولايات المتحدة من سوريا أعلن عنه ترامب اكثر من مرة ، ولكن الأمر بالنسبة اليه ليس سوى " نفقات " طلب سداد تكلفتها علنا ، بينما يعتبر الأمر بالنسبة لبوتين أكثر حساسية وأشد الحاحا ، ونذكر جميعا كيف أن حزم أوباما في قضية خطه الأحمر الذي استعد له عسكريا بشكل صارم بعد ضربة النظام الكيماوية الاولى اقتنع بجديته الروس آنذاك ، فما الذي فعلوه حينها : لقد سحبوا رجالهم وسفنهم وغواصاتهم من طرطوس لأن الأمريكان كانوا جادين قبل أن يتراجع أوباما في اللحظات الأخيرة ويصبح بعدها أضحوكة وألعوبة بيد بوتين الذي استلم منه سوريا ، وخامنئي الذي وصله بطائرة خاصة مبلغ 500 مليون دولار كاش .
أما بالنسبة للأوروبيين فإن تصريحات ماكرون وغيره بشأن أدلب ليست سوى جعجعات لا قيمة لها ، وحتى لو نفذ الفرنسيون والبريطانيون والامريكان غارات على قوات النظام إذا استخدم الكيماوي فلن يكون المشهد سوى صورة باهتة لألعاب نارية أنتجتها مصانع رديئة عفا عليها الزمن .. فالأمريكان متفقون مع الروس في إدلب ، ومختلفون معهم شرق سوريا ومناطق الأكراد ، وهو أمر يتقبله الروس الذين يهمهم أن لا ينازع مصالحهم المتفق عليها أحد وخاصة استمرار بقائهم في المياه الدافئة بشكل موسع لأول مرة في تاريخهم .
وبخصوص تركيا ، فإنها وكما يبدو أضحت عاجزة عن وقف الهجوم طالما أن جبهة النصرة لم تحل نفسها ، وها هي تعلنها منظمة إرهابية ، بل إن الفصائل المنضوية تحت الهيمنة التركية والتي قاتلت النصرة قبل شهور في ادلب باتت على المحك : فإما أن تقاتل جماعة الجولاني الارهابية ، وإما أن يتم وضعها في نفس كفة " الإرهاب " الذي أضحى فزاعة الفزاعات في المدينة الشمالية التي استقبلت ملايين السوريين من مشردي الغوطة وحلب والقلمون وغيرها ، ليتم تجميعهم فيها توطئة لذبحهم ذبح النعاج .
وإذا تحدثنا عن جبهة النصرة ، التي هي " مربط الفرس " في تبريرات روسيا وامريكا والغرب واخيرا تركيا ، فإن الأمر سبق وتحدثنا عنه في مقال نشرناه هنا في العام الماضي وخصصناه لإدلب والنصرة ونرجو مراعاة زمنه أنقر هنا
خلاصة القول : أن مذبحة تحضر في ادلب على نفس طريقة " السجادة " الروسية التي تعتمد أسلوب الأرض المحروقة ، أو سيتم عزل النصرة أولا ، ولسوف نسمع عما قليل عن ممرات آمنة بعد هجوم مرتقب على أجزاء من المدينة كمقدمة لإعادة احتلالها كلها من قبل عصابات الأسد وميليشيات ايران ، ومن لم يمت بالسيف الروسي ضربا مات بالسكين الايراني ذبحا بمباركة دولية مفضوحة ، أما الأتراك فلديهم مشاكلهم الداخلية وهم عاجزون ولا يملكون الكثير ليقدموه ، في انتظار اتضاح الصورة أكثر خلال القمة الثلاثية التي ستعقد في طهران في السابع من هذا الشهر بين بوتين واردوغان وروحاني .
فلننتظر !.
د.فطين البداد
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews