قصف اسرائيل لايران .. ممكن أم مستحيل ؟
استوقفني تقرير نشره موقع بلومبيرغ الأمريكي عن مقدرة اسرائيل على مهاجمة المفاعلات الايرانية من عدمه ، وقد اعاد موقع اسرائيل ديفنس نشره ، ونشرته جي بي سي نيوز مترجما لما يحويه من معلومات قد لا تكون معروفة بالنسبة لكثيرين ، ووجدت أنه لا بأس من التطرق اليها عبر هذه المساحة :
ورد في التقرير أنه في حال عادت إيران لتفعيل برنامجها النووي ، فإن إمكانية مهاجمة إسرائيل لها محدودة ، وذلك لعدة أسباب :
من بين هذه الأسباب : ان الاوروبيين لا زالوا يحاولون انقاذ الاتفاق النووي ، وهذه المحدودية مؤكدة بلا جدال رغم أن ايران بحاجة الى سنة كاملة قبل ان تتمكن من اعادة التخصيب او انتاج رأس نووي يسبق انتاجه توفير مواد انشطارية وخلافها .. بالإضافة الى موانع اخرى سترد في السياق .
ويزعم التقرير أن اسرائيل الآن أقوى منها قبل ست سنوات عندما كانت تهم بمهاجمة المفاعلات الايرانية لولا المنع الامريكي في حينه ، الا انها ولغاية الآن ليس باستطاعتها تحمل ابعاد مثل هكذا عملية ، وهي أعجز من ان تستنسخ هجومها على مفاعل تموز العراقي بداية الثمانينات من القرن المنصرم : " عملية اوبرا " ذلك لأن المفاعلات الإيرانية متباعدة على مساحة تفوق مساحة اسبانيا وألمانيا وفرنسا مجتمعة ، إضافة الى أنها - جغرافيا - تبعد اكثر من 1000 كيلو متر ، وهذا يعني أن الطائرات ستكون مضطرة للسفر آلاف الكيلو مترات ذهابا وإيابا ، يضاف إلى ذلك أن الايرانيين وضعوا دفاعات جوية متطورة مثل " إس 300 " في محيط مفاعلاتهم المحصنة ، وإن تدمير الأهداف يحتاج لموجات من الهجمات عبر عدة ايام وليس عبر هجوم واحد ، ناهيك عن رد مؤكد من ذراع ايران في لبنان " حزب الله " الذي سيمطر اسرائيل بمئات الصواريخ إن لم نقل الآلاف منها مضافا إليه حاجة اسرائيل الى حماية من المجتمع الدولي ان اقدمت على مثل هكذا خطوة .
وقال التقرير : إنه وعلى الصعيد العسكري فقد حققت اسرائيل خلال العشر سنوات الماضية خبرات عدة ، ناهيك عن حصولها على 12 طائرة من طراز اف 35 الاكثر تطورا في العالم والتي لا يمكن للرادارات الموجودة خارج الولايات المتحدة رصدها ، وحاول التقرير كما هو متوقع تلميع القدرات الاسرائيلية وتصوير الكيان العبري على انه قوة لا يشق لها غبار ، دون ان يذكر - بالطبع - أن الطائرات الورقية التي يطلقها الاطفال في فلسطين القت الرعب في قلوب قادة الجيش والمستوطنات بحيث تم تسجيل أول معادلة غير متكافئة في التاريخ القديم والحديث وهي : طائرة نفاثة اسرائيلية مقابل طائرة "ورق " فلسطينية تم تثبيت " عيدانها " الخشبية بواسطة العجين لعدم السماح باستيراد الصمغ ، وهو مؤشر على هشاشة هذا الكيان وضعفه وقابليته للإنكسار لو وجدت الإرادة " الغائبة " منذ تأسيسه حتى الان .
ولم نجد عبر بحثنا في دراسات مراكز الابحاث المختلفة وبعدة لغات اي تقارير " علمية " تؤكد قدرة الكيان العبري على الفعل الحقيقي أو على الانتصار ، سواء على الدولة الفارسية او غيرها ، ولا حتى على الصمود امام اي حرب حقيقية يخوضها ، وها نحن نشاهد ليبرمان ينظر في " الدربيل " من مستوطنة اسرائيلية باتجاه غزة ويقول : إن غزة اجبرتنا على تغيير قواعد اللعبة " : وإذا دققنا في ما يجري في ساحة القطاع فإننا لا نتحدث هنا عن فصائل ومنظمات تحكم القطاع بالحديد والنار بل نتحدث عن شعب ينشد الحرية ويقف شبابه وشاباته بلا دروع على الأسلاك الشائكة متحدين الجبروت الصهيوني الذي " يتمرجل " على المدنيين العزل في كل مكان تصل إليه آلة الدمار والخراب الصهيوني .
وسواء قالت المعطيات إن إسرائيل قادرة أو عاجزة عن الفعل تجاه نظام الملالي فإن الحقيقة التي لا تغطى بغربال ، أن هذين الكيانين الإجراميين مختلفان على النفوذ ومتفقان على الأهداف، ويتسابقان أيهما يقطع الحصة الأكبر من وطن عربي هزيل بات اضحوكة الامم وموضع تندر الشعوب والحكومات في القارات الخمس ، والسبب ما ترون لا ما تقرأون أو تسمعون !.
لن تقصف اسرائيل ايران الا بمقدار ما سيجلب ذلك لها من مصالح شريطة أن تكون كامل قوة الولايات المتحدة في ظهرها ، وهذا لن يحدث .. والسبب - لمن يقرأ التاريخ واضرب مثالا للعبرة - : هو أن الطائرات الإسرائيلية " أف 16 " التي قصفت مفاعل تموز العراقي في حينه ، كان من المقرر أن تسلمها واشنطن إلى ايران ، وبعد مجيء الخميني وأزمة السفارة الامريكية احجمت الولايات المتحدة عن تسليم الطائرات وسلمتها لاسرائيل ، فقامت هذه الاخيرة بقصف مفاعل تموز في العراق وليس ايران رغم ان الخميني نادى بـ " الموت لاسرائيل " .. وهو ذلك النداء إياه الذي لا زال يهتف به الحوثيون كذبا ودجلا ، وما تهريب يهود اليمن إلى تل ابيب عبر مطار صنعاء سوى مثل من أمثلة كثيرة تثبت بأن شعاراتهم هم أو شعارات أسيادهم ليست سوى ذر للرماد في العيون وعلى الطريقة الايرانية .
كل ما قلناه مفارقات لوقائع تتطلب مزيدا من التدبر والتفكر ، أليس كذلك ؟؟ .
د.فطين البداد
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews