بشار الأسد والقانون رقم 10
فضحت منظمة هيومن راتيس ووتش Human Rights Watch نهاية الأسبوع ما خفي من القانون رقم 10 الذي أصدره بشار الأسد بشأن ما يسمى إعادة التنظيم والإعمار وخاصة ما يتعلق بأراضي السوريين الغائبين ، بحيث يتيح هذا القانون السيطرة المطلقة على أملاك الملايين من الذين فروا من بيوتهم بسبب ملاحقات النظام ، أو بسبب تهالك هذه البيوت بفعل القصف وتدمير أغلبها تدميرا كاملا أو جزئيا .
المنظمة تحدثت عن إتاحة هذا القانون المجال أمام النظام لمصادرة أملاك النازحين والمهجرين ومؤكدة في تقريرها الذي نشرته على موقعها الرسمي نهاية الاسبوع بأنه قانون يمنع عودة ملايين السوريين إلى مدنهم وقراهم وأريافهم وأراضيهم وبيوتهم .
وحملت المنظمة الدول المانحة وتلك التي ستشارك في ما يسمى الإعمار مسؤولية فقدان السوريين لأراضيهم وبيوتهم ، في حين وثقت الأمم المتحدة ما مجموعه 11 مليون سوري " نازح ولاجئ " سيتم الإستيلاء على أملاكهم ومن دون أن يقف أحد للدفاع عن هؤلاء .
وإمعانا في وضع العراقيل أمام أي سوري غائب تسول له نفسه توكيل محام لتسجيل أملاكه ( توكيل المحامي أمر مضحك في سوريا ) فإن القانون المذكور اشترط حضور الشخص المعني " شخصيا " وحصول محاميه المفترض على تصريح أمني ، وهو ما يعكس الهدف الحقيقي من وراء إنفاذ مثل هكذا قانون في ظل حرص اوروبي وأمريكي وإسرائيلي وروسي وايراني على بقاء الأسد واعادة تأهيله ، مما يكشف حقيقة المواقف الدولية لما جرى ويجري في سوريا .
ويتيح القانون المذكور منح الشركات والمستثمرين عقارات وأراضي سبق وورثها السوريون عن أجدادهم وبعرق جبينهم ، وتقول المنظمة إن ذلك سيكون من خلال إعطاء هؤلاء حصصا في المناطق التي يعاد تنظيمها .
ونستذكر هنا ما سبق للأسد أن قاله بشأن الحرب ، حينما زعم بأنها كانت مفيدة : ( سوريا خسرت شبابها وبنيتها التحتية في الحرب وهذا قول صحيح ، لكنها حصلت على مجتمع صحي ومتجانس ) - سبق وخصصنا مقالا لهذا التصريح - ويقصد بالصحي والمتجانس كما فهم الجميع ، الشيعة والعلويين .
إذن : فإن الأسد سن قانونا يعتبره كل مهجر سوري طلقة في الرأس ، وذلك لاستحالة عودته إلى بلده ، بينما يتحدث العالم عن مصالحة بين النظام وشعبه ..
أية مصالحة ، وعن أي شعب يتحدث هؤلاء ؟ .. وماذا تقول الدول التي تستضيف مئات آلاف السوريين الذين لن يسمح لهم بالعودة بموجب هذا القانون ، هل تدافع عن نفسها ، أم تراها ستقوم بتوطينهم ، أم تراها دخلت اللعبة من تحت الطاولة ، خاصة عقب طرد اسرائيل الميليشيات الإيرانية وميليشيا حزب الله بعيدا عن القنيطرة والحدود الجنوبية الشرقية ما يصل لحوالي 70 كيلو مترا حيث يفر هؤلاء كالجرذان تباعا رغم نفي وليد المعلم ؟؟ .
قانون رقم 10 هو إعادة تشكيل لسوريا الجديدة ، التي لن يعود السنة يشكلون أغلبية سكانها كما كان الحال قبل الثورة ، بل باتوا بعد جلب ما هب ودب وتجنيس الإيرانيين واللبنانيين والباكستانيين ، أقلية مهيضة الجناح منهكة القوى مقطعة الأوصال في الداخل والخارج ، فلا هي قادرة على العودة لمدنها التي دمرتها الطائرات والبراميل ، ولا البقاء في أماكن نزوحها ولجوئها .
في هذا القانون الطائفي البغيض تدخل التغريبة السورية فصلا آخر من فصول الظلم والعدوان والمؤامرات على شعب مظلوم تكالب عليه الجميع في وضح النهار ، ولكن السؤال :
هل انتهت الثورة ؟..
كلا بالطبع ، لأن ما وقع عبر السنوات السبع أعمق وأكبر من أن يُنسى ، ولأن مصائر الشعوب تحددها الشعوب ذاتها ، أما بخصوص هذا القانون وما يجري على الساحة السورية الآن ، فإنه - بالتأكيد - ليس نهاية المطاف !.
د.فطين البداد
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews