ايران واسرائيل .. فخار يكسر بعضه !

أكدت  الضربات الإسرائيلية الأخيرة ما كنا نقوله عن أن إيران ليست سوى نمر من ورق ، وبأن كل جعجعاتها لا  تعدو أن تكون عواء في خواء ، ولكن أن يصل الإذلال إلى هذا الدرك  ، فإن أشد خصوم إيران السياسيين في المنطقة لم يكونوا يتوقعونه البتة . 

لقد ضُرب كبرياؤها في الصميم .. بعد أن قُصفت أغلب قواعدها في سوريا ، وكانت الطائرات تحلق  فوق لبنان والجولان  وتقصف من خلف الحدود ومن فوق المواقع المستهدفة  مباشرة  ، وكانت الصواريخ تنطلق من مختلف الأجواء والأنحاء وبمختلف الإتجاهات لتدمر المعسكرات  والتحصينات والمراكز القيادية والمستودعات  في سلسلة  متلاحقة من الضربات إلى ما بعد الفجر بساعات قبل أن يتوقف الهجوم  ويعلن نتنياهو ما حصل ويتبعه ليبرمان الذي لا زال  يرغي ويزبد متوعدا  بالمزيد .

ما جرى جعل رجل الشارع المخدوع بالقدرات الإيرانية يتساءل :أين صواريخ إيران "الكرتونية"  وشجاعتها "الفراغية" وقوتها  "العنترية"  ، أين اختفى خامنئي ، وأين احتجب نصر الله ( لم يظهر في  الجمعة الأخيرة على غير عادته )   لماذا لم يحرق إسرائيل كما وعد ،  وأين ذهب المهندس والعامري وقيس الخزعلي وزينبيون وفاطميون وأبو العباس بن فرناس  وغيرهم من قتلة  طهران في العراق وفي الشام واليمن ، لماذا ابتلع كل هؤلاء ألسنتهم التي لعقت دماء مئات الآلاف من  السنة ، وانتهت بكل خزي وشنار وعار  تلعق حذاء إسرائيل بـ"صمتها "  الرعديد الجبان ؟.

لقد صمت جميع الملالي من هول الصدمة ، حيث توهم هؤلاء الأغبياء  بأن إطلاق عشرين صاروخا على الجولان سيكون رسالة ردع  قوية  ، مما كشف عن جهل مرشد إيران الأعلى  الذي ظهر قبل الضربة وعقب انسحاب أمريكا من الإتفاق خائفا مرتبكا متربصا بريب المنون مؤملا أن يقصف القدر عمر ترامب الذي " سيأكله الدود " كما قال ، في أسخف وأغبى تعبير ينم عن عجز مطلق وشلل مفضوح .

وللإعادة وليس للتذكير نسأل  :

أين أطلق الحرس الثوري صواريخه العشرين ؟

 هو ، وكما رأينا ، لم يضرب في العمق الإسرائيلي ، واكتفى بتوجيه صواريخه ضد مواقع لم يرها أحد  في الجولان ولم تسفر أصلا عن أي إصابة ، وقد اختار الجولان المحتل  لكي لا يقال بأنه اعتدى على إسرائيل ، ولكنه لم يكن يتوقع بأن جيش الإرهاب العبري  سيشل قدراته في دقائق ويضعه في موقف مخز  ، ومن ثم رأينا كيف أطلق مسؤولون إيرانيون " رسميون " تصريحات تبرأوا فيها من قصف الجولان واضعين " اللوم " على نظام الأسد ، وإذ ذاك  تبدت للعيان قوة إيران الوهمية التي لا يخشاها إلا  العرب .

ومن مشاهد الإرباك ، أنه وبعد يوم من الفضيحة ومنعا للحرج ، أوكل النظام لأحد خطباء الجمعة من الحاشية  ليعلن  بأن إيران ستسوي إسرائيل بالأرض إذا كررت اعتداءها ، مما أوقع كل من سمع هذا التهديد على قفاه .

إيران وإسرائيل  .. خصمان  لدودان  للعرب والمسلمين  ولكل قيم الحق والعدل في هذا العالم ، ولقد كان كل من وقع عليه ظلم من أي منهما يتمنى  أن يتناطح " التيسان "  فيقتل أحدهما الآخر ولكن الأيرانيين ظهروا مصابين بهشاشة العظام ، مما منع مئات الملايين من متعة ترديد المثل الشائع الذي يقول  : فخار يكسر بعضه .  

 د.فطين البداد