ترامب وكوريا .. لا يفل الحديد إلا الحديد !
نستذكر عبر هذه التطورات الدولية التي نشهدها راهنا تلك التصريحات التي أطلقها الرئيس الأمريكي الاسبق بيل كلنتون عندما زار كوريا الجنوبية إبان زهو أمريكي بإحادية القطب ، وتحدث عن تهديدات الجارة الشمالية للجنوبية قائلا : " سنمسح كوريا عن وجه الأرض " وهو تصريح لا نعتقد أنه غاب عن ذهن الرئيس الراحل كيم جونغ إيل الذي توفي في 17 ديسمبر من عام 2011 ليخلفه ابنه الحالي كيم جونغ أون ، والذي يبدو أنه حفظ ذلك التهديد عن ظهرقلب ، قبل تسنمه الرئاسة ، وحفظ - بالتالي - وصية والده كما يفهم من سلوكه في الحكم بعد أبيه .
والمفارقة ، أن كلنتون وبعد عودته مواطنا عاديا قام بزيارة بيونغ يانغ في الرابع من آب في العام 2009 ذليلا صغيرا وذلك للتوسط في الإفراج عن صحفيتين أمريكيتين حيث استقبله نائب رئيس مجلس الشعب ونائب وزير الخارجية ، وهي الزيارة التي جاءت بعد تسع سنوات من زيارة وزيرة الخارجية الأمريكية مادلين أولبرايت لبيونغ يانغ في العام 2000 كأول مسؤول أمريكي بهذا المستوى يقوم بزيارة هذا البلد .
ونستذكر أيضا ما سبق وقاله أوباما عن بيونغ يانغ في السادس والعشرين من نيسان من عام 2016 عندما أعلن متوعدا : " من الواضح أننا نستطيع تدمير كوريا الشمالية بما نملك من ترسانة عسكرية " .. وسبق ذلك بسنوات دعوات سياسية للحوار كتلك الرسالة التي بعث بها أوباما لكيم جونغ إيل ( والد الرئيس الحالي ) في السابع عشر من ديسمبر - كانون أول من عام 2009 حين دعاه لاستئناف الحوار حول برنامجه النووي ، وليتبين بعد سنوات ، بأن كل ما يعلنه القادة والساسة الأمريكيون ليس سوى عنتريات وذر للرماد في العيون ، حيث بدأ الكونجرس بتاريخ 21 / 12 / 2017 ( الكونجرس الحالي ) بالتحقيق حول قيام أوباما بعرقلة فتح تحقيق في أنشطة حزب الله اللبناني وتجارته بالمخدرات على الأراضي الأمريكية وغيرها ، وهو ما تم فعلا ، وذلك لكي ترضى عنه إيران وتوافق على الإتفاق النووي ، مما يكشف نفاق وكذب هؤلاء الساسة.
أما ترامب الذي توعد كوريا الشمالية بالثبور وعظائم الأمور ، كما فعل ذلك الذين سبقوه ، والذي انتقد سعي أوباما للقاء الزعيم الكوري واعتبار ذلك ضعفا ووهنا أمريكيا مخزيا لا يمكن التسامح معه ، نراه يبعث قبل أيام بمدير استخباراته للقاء كيم جونغ أون وترتيب إعلان مفضوح يوزع على الإعلام بأن الكوريين سيوقفون برنامجهم النووي وتجاربهم النووية وصواريخهم الباليستية ، وهكذا كان ، فقد تم الإعلان عن ذلك فعلا ، وكل ذلك ليحفظ ترامب ماء وجهه المسفوح أمام الرأي العام ، وليكون مبررا له للقاء الزعيم الكوري " النووي " وهو من الصاغرين .
قبل أقل من خمسة شهور من الآن ، أعلن ترامب أن كوريا الشمالية دولة راعية للإرهاب ، وذلك في العشرين من تشرين ثاني 2017 ، وقبل هذا التصريح بأحد عشر يوما يصف ترامب زعيم كوريا الشمالية بالبدين والقصير بعد أن وصفه الأخير بالعجوز المجنون ، حيث جرى تهديد وتهديد مقابل بقصف الأراضي الأمريكية بالأسلحة النووية ، لينتهي المطاف بترامب وهو يثني على خطوة الرئيس الكوري إغلاق منشأة تجارب نووية في الشمال ووقف التجارب عقب اجتماع مع مدير السي آي ايه ، وها نحن الآن نقرأ تغريدة لترامب يوم السبت قال فيها إنه يتطلع للقاء القمة مع الزعيم الكوري الشمالي .
قد يكون ما نشاهده خيالا قصصيا من ألف ليلة وليلة ، أو من سيرة بني هلال أو الزير سالم ، ولكنه حقيقي وواقع ومشهود ، فبعد كل هذا الحصار وهذه الشيطنة سيجلس ترامب ، ترامب بلحمه ودمه وشحمه ، مع أكبر إرهابي في العالم وفق التصنيف الأمريكي ، وليثبت تسلسل الأحداث ، بأنه - في النهاية - لا يفل الحديد إلا الحديد .
لقد راوغ الكوريون الشماليون طويلا وتمكنوا رغم الجوع والحصار من امتلاك ترسانة نووية ووسائل إطلاق ممثلة بالصواريخ العابرة للقارات ، والآن هم يتطلعون للإقتصاد بعد أن أن بات كل البلد محميا بشبكة من الصواريخ المرعبة .
لقد فعلها هذا " البدين البشع " وها هو يجتمع مع كبار قادة العالم الذين باتوا يحسبون له ألف حساب ، بعد أن أصبحت بلاده عضوا في النادي النووي رغم أنف الغرب والعالم .
هل سيحدث نفس السيناريو مع الأيرانيين ؟؟ .
إسألوا الحكام العرب !.
د.فطين البداد
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews