عن انسحاب ترامب من سوريا
مخطئ من يعتقد بأن الرئيس الأمريكي كان " يهذي " عندما أعلن بأن القوات الأمريكية ستنسحب من سوريا ، ذلك أن كل ما قاله ترامب في حملته الإنتخابية حققه أو هو في طريقه إلى تحقيقه ، أو حاول ذلك ، وآخر ما فعله في هذا المجال هو نشره قوات الحرس الوطني الأمريكية على الحدود مع المكسيك نهاية الأسبوع ، ونذكر ما كان قد فعله بداية ولايته بخصوص قانون الرعاية الصحية حتى لو واجه صعوبات في الكونجرس .
ترامب أعلن نية الإنسحاب أمام حشد من ناخبيه في أوهايو ، وهو قال ذلك مشافهة وليس عن طريق تغريدة دأب عليها ويلجأ إليها في العادة ، أي أنه قطع وعدا على نفسه أمام قواعده مذكرا بالتريليونات التي أنفقتها الولايات المتحدة في حروب الشرق الأوسط ، ومشددا على أنه لن يدفع دولارا واحدا إضافيا ، وقد قام بترجمة ذلك عمليا عندما ألغى 200 مليون دولار كانت مخصصة لإعادة إعمار الرقة التي دمرتها طائراته وقاذفاته .
وإذا استعرضنا الوجود الأمريكي في سوريا تحديدا ، فإنه لم يكن له أي أثر إلا بزعم القضاء على داعش ، وهو التبرير الذي ساقه لاستمرار بقاء قواته في سوريا رغم رحيل أوباما ، وطالما أن تنظيم داعش الإرهابي قد تم القضاء عليه وفق ما قال ترامب ، فإن المهمة انتهت الآن .. ولكن :
ألا يتعارض كل ذلك مع استراتيجية البيت لأبيض التي أعلنت مؤخرا وكان محورها الرئيسي إيران وأذرعها الطائفية في المنطقة وعلى رأسها حزب الله مرورا بميليشيات الحوثي ؟ ..
بالطبع لا ، فكما أنه تم الإعلان عن الإنسحاب الأمريكي من العراق بلسان سلفه أوباما ، ليتبين لاحقا وجود قواعد وقوات ومستشارين لا زالوا هناك ، فإن الأمر سيتكرر في سوريا ، وإلا فماذا نقول عن القواعد العسكرية التي تم إنشاؤها في التنف وفي كوباني وغيرهما ، ومن أجل ذلك فإننا نعتقد بان المقصود هو انسحاب بنفس الطريقة مع التقاء في الهدف واختلاف في المعطيات .
إن ما قاله ترامب عن الإنسحاب ، وبالرغم من أنه لقي معارضة كبرى ووصف بالخطوة الجنونية ، إلا أنه بالإضافة لكل ما قيل ، ليس سوى ابتزاز رخيص من رئيس الولايات المتحدة الذي لا يعنيه البتة تصويره الجنود الأمريكيين وكأنهم مجموعة من المرتزقة وقطاعي الطرق ، فهذا الرئيس " العبقري " كما وصف نفسه يقول ما يشاء ويفعل ما يريد في كل أنحاء العالم إلا في مكان واحد لا قبل له به البتة :
هل تقبل إسرائيل انسحاب ترامب من سوريا بدون ترتيب حصتها وتأمين مصالحها ؟؟ .
بل هل يجرؤ ترامب على الإنسحاب بدون تأمين هذه المصالح ؟؟ ..
هنا مربط الفرس !.
د.فطين البداد
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews