عمل ليس له لزوم وضار كذلك
الحروب على الأمجاد ليست غريبة على النخبة السياسية ـ الأمنية. التاريخ القصير لإسرائيل مليء بها ـ على النجاح وعلى الفشل. عملية «خارج الصندوق» ليست استثناء في هذا الشأن. ومن أجل الحقيقة كان غريبا أن تكون عملية مثالية وأن لا تسود روح مثالية بين كل الجهات ذات العلاقة ومنها أعداء مثل أولمرت وباراك أو أجهزة الموساد والاستخبارات.
جزء من الانتقاد الذي سمع أمس مبرر. أداء إيهود باراك في جزء من النقاشات كان غريبا على الاقل. وخرجت منه رائحة شخصية، ايضا الطريقة التي اختارها ليحل محل عمير بيرتس في وزارة الدفاع كانت غير لطيفة. ولكن من ينتقدون باراك يستغلون حقيقة أنه هدف سهل، الحقيقة هي أن باراك يستحق أن تعزى له كمية لا بأس بها من الفضل على إعادة بناء الجيش وإعداده لاحتمالية قصف المفاعل أن تتحول إلى حرب، ايضا في رسم خطة الهجوم التي بلورت أخيراً.
أيضاً انتقاد تمير بردو أمس ليس بدون أساس: الاستخبارات فشلت طوال سنوات في تشخيص المخطط النووي السوري. صحيح انه يوجد للموساد أيضاً نصيب في ذلك، لكن قوة سلاح الاستخبارات كجهاز لجمع المعلومات، أكبر بعدة مرات بالتأكيد لكونه أيضاً هو من تقع عليه مهمة تقدير الوضع الوطني. في لحظة الحقيقة كان الموساد هو الذي جلب الخبر الذهبي (الصور الذهبية) التي أكدت الشكوك: ان الفضل الذي أخذه مقابل ذلك كان أقل من دوره الحقيقي في القضية، وبالتأكيد الدور الحقيقي فيها لمئير دغان، وأيضاً لبردو نفسه. من وجهة النظر هذه، فإن حروب اليهود التي اندلعت أمس كانت على مكانة أبطالهم في التاريخ، كل واحد يحاول تحسين مكانته، أحياناً على حساب الآخرين. وتوجد في هذا كمية لا بأس بها من القبح: القصة كبيرة جدا ويوجد فيها مكان للجميع. وبطبيعة الحال، الشأن الوطني فيها هو أهم بكثير من الامور الشخصية. ولكن توجد في ذلك أيضاً كمية لا بأس بها من المنطق: أشخاص عملوا بجدية وخاطروا وأخذوا على عاتقهم مسؤولية، يستحقون أن يحظوا على الاقل بكمية بسيطة من المجد.
المشكلة هي أن هذه المعارك تضر مرتين. للتاريخ ـ من اللحظة التي وصلت فيها المعلومة فقد سوى الجميع صفوفهم وعملوا بصورة سليمة حسب القواعد حتى الهجوم نفسه والاجراءات التي منعت حرب بعد العملية. وللحاضر ـ يخطىء من يعتقد أنه لا توجد تداعيات على الأجهزة اليوم وعلى العمليات التي تديرها.
في الأساس، هذه المعارك تضر بالقصة نفسها. الرسالة النقية التي كان يجب تمريرها أمس هي أن إسرائيل لن تسمح لأعدائها بالحصول على سلاح يعرض وجودها للخطر. من فهم هذا جيداً كان المحيطون بنا: ليس صدفة انهم في القيادات العربية أو في وسائل الاعلام الاساسية في العالم العربي ـ مع التركيز على سوريا ـ لم يتطرقوا إلى القضية. خسارة انهم في إسرائيل فهموا ذلك بصورة أقل.
على هامش هذه الامور، سمع أمس انتقاد لقرار الرقابة السماح بنشر القضية. ومن يعرف بواطن الامور لم يكن بامكانه أن لا يغضب، ليس فقط لأن كل الجهات كانت في الأشهر الاخيرة تعرف عن عملية النشر المتوقعة، بل لأنه رشحت من الانتقادات رائحة سياسية قوية وكأن النشر هدف إلى خدمة هذه الجهة أو تلك.
الحقيقة هي أن القرار كان مطلوباً منذ فترة طويلة: إذا كانت سوريا لا ترد في السنوات الاخيرة على مجمل الهجمات الإسرائيلية في الميدان، فما هي احتمالية أنها سترد على هجوم نفذ قبل أكثر من عشر سنوات.
إسرائيل اليوم 2018-03-23
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews