لنتعلم من الماضي
نشرت مجلة «نيو يوركر» الأمريكية منذ أيلول/سبتمبر 2012 تحقيقا مفصلا للغاية عن قصف المفاعل النووي في سوريا. بعد سنوات من الاشتباه، وفقا لذاك التحقيق توافر المسدس المدخن: فقد اجتاح وكلاء الموساد منزلاً في فيينا كان يسكن فيه رئيس لجنة الطاقة الذرية في سوريا، والمعلومات التي وجدت في حاسوبه وفرت للقيادة السياسية ولجهاز الامن كل ما كانت تحتاجه كي تعد الارضية للهجوم، هكذا حسب مصادر أجنبية. ويشار إلى ان اسرائيل لم تأخذ أبداً المسؤولية عن هذه العملية. الكثير من «حروب اليهود» تبقى بلا حظروةة والاتهامات ستنشأ في الايام القادمة، ولكن عن الدور المركزي لمئير داغان الراحل، رئيس الموساد في حينه، لا يختلف أحد.
في شخصية داغان أثر أيضاً على ثقة رئيس الوزراء إيهود أولمرت لتنفيذ العملية حتى بثمن محتمل بالحرب. فاتخاذ مثل هذا القرار يتطلب شجاعة ورباطة جأش، ولا سيما حين كانت مكانة أولمرت الجماهيرية قد تضررت بشدة بعد حرب لبنان الثانية وكذا مدى الثقة بجاهزية الجيش الاسرائيلي لحرب أخرى.
لقد كان الجدال العسير بين أولمرت ووزير الدفاع إيهود باراك في الزمن الحقيقي على موعد الهجوم على المفاعل، على الاقل من زاوية نظر عسكرية، هو جدال شرعي، وزير دفاع وافد يسعى لفحص الخطط العملياتية وجاهزية الجيش ويدّعي بأنه يوجد وقت لمزيد من الاستعدادات حتى لحظة الهجوم حيال رئيس وزراء يدّعي بأن كل شيء جاهز، والزمن ينفد.
ان ادعاءات بانعدام الموضوعية في عملية اتخاذ القرار لدى باراك لأسباب شخصية بعد الحلول محل عمير بيرتس هي مسألة تحليل. ففي مدى السنين كان العداء والشك من أعضاء الكابنت في 2007 قد اكتسبه عن حق. هذا لا يغير حقيقة انه هو ايضا كان له دور هام في نجاح العملية.
ان الجدال بين الاشخاص والشخصيات المركزية سيجتذب على ما يبدو جزءاً هاماً من البحث الجماهيري في الايام القريبة القادمة. وقد يكون هذا بحثا مشوقا، ولكن برأيي أقل أهمية. أولمرت كرئيس وزراء وحيد وجريح اتخذ قرارا ليس هناك اكثر تعقيدا منه ـ ان يهاجم، يفاجيء العدو ويخاطر بحرب يكون هو بدأها. حين تكون هذه المسألة قيد الاختبار في مواجهة المفاعل والسلاح النووي في سوريا، لم يكن ظاهراً خياراً آخر. والاجماع التام بين هيئات الامن، القيادة السياسية واعضاء الكابنت بوجوب الهجوم على المفاعل هو دليل جيد على ذلك.
لقد كان ينبغي لقيادة اولمرت باتجاه القرار الصعب ان تشكل مرجعية لسياسة اسرائيل في السنوات الاخيرة، حتى عندما لا تكون التهديدات الناشئة تشبه المفاعل والتهديد النووي وهي أقل بكثير. هكذا يجدر السؤال مثلا ألم يكن ينبغي للجيش الاسرائيلي أن يهاجم الأنفاق قبل الجرف الصامد.
كما أنه ينبغي مراجعة الفكرة التي تقول ان اسرائيل لا تبادر أبداً إلى عمل ضد تعاظم العدو حتى عندما يزيد تنظيم مثل حزب الله كمية صواريخه عشرة أضعاف ما كانت لديه منذ الحرب الاخيرة ويحسن دقة الصواريخ بشكل دراماتيكي. ليس في هذه الاقوال ما يبرر الخروج إلى الحرب ضد كل تهديد متعاظم ينشأ في المنطقة، ولكن ثمة في السؤال ما يفحص السبيل باتخاذ القرارات بعدم العمل العسكري على مدى السنين ضد تهديدات تعاظمت بشكل دراماتيكي، بسبب عدم التصدي لها.
معاريف 2018-03-22
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews