«الإدراج المزدوج» ينشط في أسواق الإمارات

لافت أن بعض الشركات الخليجية التي أدرجت أسهمها في أسواق الإمارات، استحوذت على حصة مهمة من سيولة سوق دبي المالي. ويطلق على هذه الشركات الإدراج المزدوج، عندما تقرر إدراج أسهمها في سوق أُخرى خارج بلدها الأم. ومن التحديات لهذا الإدراج إيجاد صيغ فعالة لنشر المعلومات وأساليب توزيع الأرباح وزيادة رؤوس الأموال والالتزام بمستويات الإفصاح والشفافية. والإحصاءات الأخيرة أكدت أن أسهم هذه الشركات استحوذت على ما نسبته ٣٥ في المئة من سيولة الأسواق خلال شهر شباط (فبراير) الماضي، وبالتالي تكون هذه الشركات حققت أهدافها وفي مقدمها توسيع قاعدة مساهميها بشريحة جديدة من المستثمرين تتميز بارتفاع قيمة ثرواتها. وأذكر أن قيمة التداولات على أسهم شركة الاتصالات السودانية عند إدراجها في سوق أبوظبي تجاوزت خمسة بلايين درهم، أي أكثر من قيمة التداولات على أسهم الشركة في بلدها الأم.

وتتميز شركات الكويت مثلاً بارتفاع عدد شركاتها المدرجة في أسواق أخرى، وفي مقدمها أسواق الإمارات، حيث يسهل على مواطني الكويت متابعة الأسعار اليومية وإفصاحاتها عن نتائج أعمالها.

في المقابل، يخلق هذا الإدراج المزدوج فرصاً مهمة للمستثمرين الإماراتيين نتيجة تنوع العائد والأخطار. ولافت أن المضاربين في أسواق الإمارات أصبحوا يركزون على أسهم هذه الشركات، نتيجة المكاسب السريعة التي يحققونها من شراء أسهم هذه الشركات وبيعها، كما أن هذا الإدراج خلق لهم فرصاً استثمارية مهمة في قطاعات قد لا تكون متوافره في أسواق الإمارات. ومعلوم أن أسواق الإمارات تفضل إدراج أسهم الشركات الخليجية والعربية التي تتميز بمؤشرات متميزة للربحية والنمو، وتعمل في قطاعات واعدة، وفي المقابل فإن قوة الاقتصاد الإماراتي وإدراج أسواقه في المؤشرات العالمية وفي طليعتها «مورغان ستانلي»، شجع الاستثمار الأجنبي على الاستثمار في هذه الأسواق، ما دفع الشركات التي لديها نية في الإدراج من خلال التوجه إلى سوق أُخرى، للتوجه إلى أسواق الإمارات، إذ يحقق هذا الإدراج دعاية لمنتجاتها وخدماتها وربحيتها وأدائها المالي.

يذكر أن سوق دبي أصبحت الوجهة الرئيسية للشركات الإقليمية الراغبة في الإدراج المزدوج، إذ تضم لائحة السوق شركات من الكويت والبحرين وسلطنة عمان والسودان، والتوقعات تشير إلى ارتفاع وتيرة الإدراجات المزدوجة هذه السنة، إذ ساهمت الأزمة المالية العالمية بتباطؤ هذه الإدراجات، علماً أن الإدراج المزدوج يحقق تداولاً على الأوراق المالية بشكل مستمر، نتيجة اختلاف مواعيد العطلات بين الأسواق، مع إمكان التعامل بالأسهم بعملات مختلفة سواء محلية أوعملات دول أخرى، وارتفاع عدد

الشركات المزدوجة الإدراج ، وبالتالي ارتفاع حجم التداول بأسهمها ساهم في زيادة مكاسب الأسواق الإماراتية من العمولات، ما انعكس على ربحيتها.

إن اختلاف شروط الإدراج من بورصة إلى أخرى، يمثل أحد أهم التحديات في موضوع الإدراج المزدوج، خصوصاً في ما يتعلق بالحد الأدنى المطلوب لرأس مال الشركة الراغبة في الإدراج، وعدد أسهمها القابلة للتداول والالتزام بمستويات الإفصاح والشفافية.

وتداول الأسهم في سوقين مختلفتين، يساهم في تحقيق أرباح من طريق عملية تحكيم، تنشأ عن وجود فرق في الأسعار بين السوقين، يتحقق من خلالها أرباح للمستثمرين من دون وجود أخطار. ويتيح تعدد البدائل الاستثمارية للمستثمرين إمكان الاستفادة من ميزة التنوع الجغرافي وخفض درجة الأخطار الكلية للمحفظة.

بادرت هيئة الأوراق المالية الإماراتية إلى تشجيع المستثمرين والمحافظة على حقوقهم عبر قواعد حوكمة الشركات، والتي تعد شرطاً أساسياً لتنظيم أسواق المال في أي دولة، مع الأخذ في الاعتبار ما تتمتع به دولة الإمارات من استقرار سياسي، إذ لعب المستثمرون الإماراتيون دوراً بارزاً في تغطية زيادة رؤوس أموال الشركات المزدوجة الإدراج المطروحة للاكتتاب العام. ولا شك في أن أدراج أسواق الإمارات في مؤشرات عالمية، ساهم في تحسين سمعتها وصدقيتها على المستوى الإقليمي والعالمي، نتيجة التزامها بتطبيق الشروط والمعايير التي وضعتها إدارة هذه المؤشرات. ويأمل المستثمرون في المنطقة بإزالة العقبات التي تقف حجر عثرة أمام قيام سوق خليجية موحدة تتوافر فيها بيئة تتميز بجودة التشريعات والقوانين والإفصاح وإجراءات مقاضاة عادلة.

الحياة اللندنية 2018-03-19