الفتيل الفلسطيني آخذ في القصر
صفات شخصية علاء قبها، المخرب الذي دهس حتى الموت جنديين وجرح اثنين آخرين، ليست استثنائية بين الشبان الفلسطينيين: معتقداته، مشاعره ولا سيما الكراهية والرغبة لديه في الانتقام من إسرائيل بشكل عام ومن الاحتلال بشكل خاص، لا تختلف عنها لدى الكثير من الشبان الفلسطينيين في بيت لحم، نابلس، الخليل أو غزة. في واقع المناطق، هو أيضاً يائس محبط وخائب الأمل. وعليه، فإنه من أجل قتل الجنود ما كان يحتاج لأوامر من حماس، الجهاد أو فتح، ولا لذكرى المئة يوم على تصريح القدس لترامب أو التحريض المعربد في الشبكات الاجتماعية الفلسطينية.
لقد بقي صندوق أدوات الكفاح السياسي الفلسطيني فارغا: فليس لهم سند عربي، ولا أوروبي، والأمم المتحدة، على حد فهمهم، أصبحت ساحة للمناكفة اللفظية عديمة المنفعة العلنية. وفي الولايات المتحدة فإن ترامب، منذ القرار لنقل السفارة، هي عدو حقيقي وروسيا بوتين ليست حقاً معنية بهم. ومن إسرائيل، ولا سيما منذ حكم اليمين، ليست لهم ذرة أمل سياسي. العكس هو الصحيح: أمام عيونهم، يتشكل في المناطق واقع دولة ثنائية القومية من العداء والاغتراب والتي هي وصفة لتصعيد النزاع وتسريع الإرهاب.
ما تبقى للفلسطينيين من ناحيتهم هو صندوق أدوات الإرهاب. ومع أن المخابرات والجيش الاسرائيلي وكذا السلطة الفلسطينية تبذل جهوداً وتنجح في إحباط ومنع الإرهاب المنظم لمنظمات الإرهاب، فليس بوسعهم إحباط الإرهاب العفوي للافراد والذي أصبح في السنوات الاخيرة نمط عمل منتشراً.
علاء قبها، مثل مخربين كثيرين عملوا وحدهم، لم يكن بحاجة إلى التخطيط ولا إلى السلاح والشركاء.
معقول الافتراض بأن قراره بالقتل اتخذه في اللحظة التي لاحظ فيها الجنود: حسب تقارير المخابرات الاسرائيلية في الاشهر الثلاثة الاخيرة نفذت نحو 400 محاولة عملية إرهابية في الضفة وفي القدس وصفت كلها عمليا كمحاولات فردية.
إرهاب الافراد، الذي اصبح النمط السائد في السنوات الاخيرة، يحظى بعطف فلسطيني بسبب الاسناد الذي يتلقاه من الجمهور والقيادة الفلسطينية. فبعد لحظة من العملية في نهاية الاسبوع، دخل المخرب إلى قائمة «الابطال» الفلسطينيين: فقد نشر بوستر على شرفه واطلقت تمجيدات للقتل الذي نفذه. وبعد أن تحاكمه المحكمة العسكرية لعدة مؤبدات، سينضم إلى بضعة آلاف المخربين الفلسطينيين المحبوسين و إلى قائمة أكثر من 600 ألف فلسطيني اجتازوا بوابات السجن الاسرائيلي منذ 1967. أما السلطة الفلسطينية من جهتها فستتصرف حسب قوانينها وتمنحه وتمنح أبناء عائلته راتبا ومخصصا.
لا ينبغي أن تكون أوهام: خطوات العقاب الاسرائيلية، مهما كانت ثقيلة ـ مثلا اقتراحات لتصفية حماس أو حل السلطة وفرض عقوبات اقتصادية ـ لن تخفض مستوى الكراهية لاسرائيل أو مستوى الدافع لمواصلة الإرهاب. إذ ان إرهاب الافراد يتم في الوقت الذي تحدث فيه في المجتمع الفلسطيني الهش تغييرات بعيدة الاثر: قدرة الحكم في مناطق السلطة تضعف، مخيمات اللاجئين الغارقة بالسلاح تقترب من الفوضى وحماس تسيطر على مراكز القوة المدنية (ولا سيما في الجامعات والاتحادات المهنية). أضيفوا إلى هذا المشاكل الاقتصادية، البطالة المستشرية في أوساط الشبان المتعلمين والاحتكاك مع المستوطنين واستمرار سياسة الضم الاسرائيلية، فإذا بكم تحصلوا على سلسلة من السياقات التي تقصر الفتيل الذي يؤدي إلى الانفجار المتجدد لبرميل البارود في المناطق.
يديعوت 2018-03-19
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews