Date : 25,04,2024, Time : 02:23:22 AM
2740 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: الثلاثاء 25 جمادي الآخر 1439هـ - 13 مارس 2018م 12:01 ص

لن ترحمكم إيران

لن ترحمكم إيران
فاروق يوسف
 إيران لن تستثني أحدا من العراقيين. فإذا كان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي قد طارد أتباع يزيد بأتباع الحسين، فإن إيران لا تجد فرقا بين الفريقين. كلهم هدف لها.
 
كلما التقيته كان صديقي الشاعر العراقي تركي كاظم جودة يكرر دعاءه “سلط الله عليك مَن لا يرحمك” وكان يقصد الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، أو النظام السياسي الحاكم في العراق برمته.

لم يكن جودة شيوعيا ولا إسلاميا. كان مستقلا ونافرا مما يحيط به من قطيعية يأنف من شم روائح عفونتها. وكان أيضا محبا للعروض الشعرية والحياة النزيهة بالقوة نفسها.

لا أدري ما الذي حل به اليوم. أعتقد أنه في أسوأ حالاته بعد أن تمت الاستجابة لدعائه بطريقة لم يكن يتوقعها.

فبعد أن غزت الولايات المتحدة العراق وحطمت دولته وحلت جيشه وخطفت قادة نظامه السياسي وأعدمتهم، سلمته لأسوأ أبنائه. انتهازيو الفرص القذرة الذين لا يتورعون عن القيام بأي شيء إشباعا لنزعاتهم الهمجية وأطماعهم التي ليست لها حدود.

حين وقع عليهم الاختيار، اختبرتهم الأجهزة الأميركية بكل دقة وعمق. وضعتهم تحت المجهر وفحصتهم جيدا، بحيث أنها حين أطلقت أيديهم كانت مطمئنة إلى أنهم لن يتركوا شيئا إلا والحقوا به الخراب.

ما لم يفعله المحتل من خلال قواته التي ارتكبت جرائم تعجز اللغة عن وصف بشاعتها فعله أولئك العراقيون الذين قدموا على مركب الغزو وشعارهم “جئنا لننتقم”، وهو شعار أضفوا عليه الكثير من الهالات الطائفية حين رفعوا راية “يا لثارات الحسين” بما يشير إلى أن حربهم على العراقيين لن تنتهي.

معهم حلّت اللعنة بأرض العراق. وإذا ما كان عراقيون قد استبشروا خيرا بإزاحة النظام العراقي السابق، وإن حدث ذلك عن طريق الغزو الأميركي الذي انطوى على ثمن باهظ، فإن الانتقال إلى مرحلة اللعنة الإيرانية التي هي لعنة أبدية قد أصابت أولئك العراقيين الأبرياء المخدوعين بمقتل. ومن المؤكد أن صاحبي الشاعر كان واحدا منهم.

لقد تبخرت الآمال برحمة متأخرة حين جاء مَن لا يرحم العراقيين ليحكمهم. فإيران التي تهيمن على العراق حاليا لن ترحم أحدا من العراقيين، شيعة كانوا أم سنة، عربا كانوا أم أكرادا.

بالنسبة لإيران فإن العراق واحد. ليس هناك عراقان أو ثلاثة. ذلك العراق هو الذي ترى فيه إيران صورة العدو مكتملة. فهي ليست معنية بما روّجه حَمَلة ثقافة الاحتلال من مفردات كان الغرض منها تمزيق النسيج الاجتماعي العراقي تحت دعاوى طائفية مضللة.

إيران تعرف أن الجنود والضباط الذين حاربوها ضمن صفوف الجيش العراقي عبر ثمان سنوات كانت أغلبيتهم من الشيعة. وهي تعرف أيضا أن معظم سكان الجنوب العراقي الذي تسكنه غالبية شيعية لا يطيقون سماع مفردة “عجمي” التي تطلق على الإيرانيين.

لذلك فإنها لا تسعى إلى استرضاء شيعة العراق، بل تسعى إلى استعبادهم من خلال الأحزاب الموالية لها ورجال الدين الذين يوظفون مرويات التناحر المذهبي في عملية القبول بإيران باعتبارها حامية للمذهب وسده الأخير الذي إن انهار ينهار المذهب.

شيعة العراق في موقف صعب الآن. لقد تم اختطافهم من أجل المذهب فإذا بهم يقعون في أسر إيران، الدولة التي ترى فيهم عدوا. وهنا بالضبط تكمن المسافة التي تفصل بين الطبقة السياسية الحاكمة وبين الشعب. هناك شيء من السم الإيراني في كل ما تتخذه تلك الطبقة من قرارات صار على الشعب العراقي أن يتجرعه. وهي وصية خمينية خالدة. فمثلما تجرع مؤسس الجمهورية الإسلامية السم حين قبل بإنهاء الحرب مع العراق، صار على الشعب العراقي برمّته أن يتجرع السم ذاته.

إنها لغة الانتقام عينها. غير أن إيران هذه المرة لن تستثني أحدا من العراقيين. فإذا كان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي قد طارد أتباع يزيد بأتباع الحسين، فإن إيران لا تجد فرقا بين الفريقين. كلهم هدف لها.

لقد سلط المحتل وليس الله على العراقيين مَن لا يرحمهم فعلا. أما كان في إمكان العراقيين أن يغيروا من مسارات ذلك المصير؟

نعم كان في إمكانهم أن يقوموا بذلك، غير أنهم لم يفعلوا بسبب تمكن الغواية الطائفية منهم. لقد خانهم التفكير والتقدير والفهم حين قدموا الطائفة على العراق. وكانت إيران تحفر لهم قبرا بحجم رغبة أحزابهم الدينية في الانتقام.

لو أن أحدا في البصرة صرخ محتجا على حرب الإبادة في الفلوجة، لما انتهى العراق ضيعة فارسية.

العرب اللندنية 2018-03-13




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
مواضيع شبيهة
يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد