التعرفات الجمركية الجديدة وانعكاساتها على تأمين فرص عمل في أميركا

عندما ترشح دونالد ترامب لمنصب رئيس الولايات المتحدة في 2016، وعد ناخبيه بأمور كثيرة، كان في مقدمها الخروج من بعض الاتفاقات التجارية وإعادة المفاوضات بشأن بعضها الآخر، ورفع نسبة التعرفات الجمركية على بعض السلع المصنعة لأجل إعادة الاعتبار للصناعة الأميركية. وقام فعلاً ببعض المبادرات التجارية في سنته الأولى 2017، مثل الانسحاب من اتفاق الشراكة عبر المحيط الهادئ وإعادة مفاوضات اتفاق التجارة الحرة مع كندا والمكسيك (النافتا). إلاّ أنه كان مشغولاً عن أي شيء آخر في ما تبقى من السنة للتوصل إلى قرار حول خفض الضرائب. لذلك بعدما نجح في ذلك عام 2017، بدأ 2018 ببعض الإجراءات التي ترفع التعرفة الجمركية على بعض السلع المصنعة والتي بدأها بالألواح الشمسية والغسالات الكبيرة الحجم، وستتخذ إجراءات مشابهة على الألومنيوم والحديد ومنتجات أخرى لاحقاً.

وفي وقت تؤيد شركات قليلة مبادرة الرئيس ترامب هذه وترى أنها ستعيد فتح معامل سبق وأغلقت بسبب الاستيرادات الرخيصة، وإن زيادة التعرفة ستحمي المصانع المتبقية في صناعة الألواح الشمسية، ترى غالبية المعنيين بهذه الصناعة أن صناعة الألواح الشمسية المحلية لا يمكن إحياؤها كما يتوقع الرئيس ترامب لأن الألواح المستوردة ستظل أقل سعراً. وإن الإجراءات الضريبية الأخيرة ستضر بصناعة توليد الطاقة الشمسية في الولايات المتحدة. فمن مجموع 26000 أميركي يعملون في هذا القطاع، هناك فقط 2000 يعملون في مصانع الخلايا والألواح الشمسية. كما أن التعرفة الجديدة (30% في السنة المقبلة تنخفض بعد أربع سنوات إلى 15 في المئة) ستجعل الطاقة الشمسية في موضع غير تنافسي مع مصادر الطاقة الأخرى كالغاز والرياح. وبعد إعلان التعرفة الجديدة صرح اتحاد صناعات الطاقة الشمسية في الولايات المتحدة بأن قرار الرئيس هذا سينتج عنه خسارة 23000 وظيفة في قطاع صناعة الطاقة الشمسية هذه السنة، كما سيتسبب بإلغاء أو تأخير استثمارات ببلايين الدولارات. وتجدر الإشارة إلى أن كل ما يدخل من مواد في توليد الطاقة الشمسية في الولايات المتحدة، تتم صناعته محلياً ما عدا الألواح الشمسية لأنها تستورد بأسعار أرخص من الإنتاج المحلي. وإن قرار الرئيس الأخير سيعرّض آلاف الوظائف للخطر في مقابل عدد قليل منها في صناعة الخلايا والألواح والتي لن تعود. وصرّح الكثير من رؤساء المصانع التي تعمل في توليد الطاقة الشمسية، بأن التعرفة الجديدة ستقلص خطط التوسع لديهم.

وخلال السنوات الثماني الماضية، تسبب رخص الألواح المستوردة بخفض تكاليف مشاريع الطاقة الشمسية في الولايات المتحدة بنسبة 85 في المئة. وفي ضوء هذا الانخفاض الكبير ارتفع تركيب الطاقة الشمسية من أقل من 1 جيغاواط، وهي وحدة قوة كهربائية تساوي بليون واط، في 2010 إلى 12 جيغا في 2017. وتعتبر صناعة الطاقة الشمسية من أسرع القطاعات نمواً في الاقتصاد الأميركي، ويخشى المعنيون أن تسبب التعرفة الجديدة ارتفاع أسعار هذه الطاقة وانخفاض الطلب عليها وبالتالي الإضرار بمصالح آلاف العاملين فيها.

يذكر أن في شمال ولاية كارولاينا، تحوّل معظم مصانع النسيج والتبغ إلى حقول للحصول على الطاقة الشمسية التي تعتمد على ألواح شمسية رخيصة يتم شراؤها من ماليزيا وكوريا الجنوبية. ويرى المعنيون في الولاية أن مستقبل هذه الصناعة أصبح غامضاً بعدما فرضت التعرفة الجديدة لأنها ستزيد سعر الطاقة الشمسية وتبطئ تبني هذه التكنولوجيا.

وسيكون تأثير هذه الضريبة أكبر على نمو صناعة الطاقة الشمسية في الولايات الأخرى، التي تواجه فيها الأخيرة منافسة ضارية من مصادر الطاقة الأخرى خصوصاً الغاز الطبيعي، ككاليفورنيا وجورجيا وجنوب كارولاينا وتكساس. ويرى الناشطون البيئيون أن تصرف الرئيس ترامب هذا يعني تفضيله لمصادر الطاقة الأحفورية على مصادر الطاقة النظيفة.

فإذا كان اتحاد صناعات الطاقة الشمسية في الولايات المتحدة وعدد كبير من المعنيين بهذه الصناعة والمستثمرين فيها لا يؤيدون فرض هذه التعرفة، فمن يا ترى يقدم النصيحة للرئيس قبل أن يتخذ قراراته؟

الحياة 2018-02-20