Date : 19,04,2024, Time : 02:31:48 PM
2727 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: الاثنين 03 جمادي الآخر 1439هـ - 19 فبراير 2018م 05:05 ص

أيهما سينهك الاقتصاد أولا الدين أم الإنفاق؟

أيهما سينهك الاقتصاد أولا الدين أم الإنفاق؟
عبدالله بن حبتر

لا غرابة أن يجد القارئ نوعا من التضارب في عنوان مقالي هذا، خصوصا من المتخصصين في الاقتصاد فالدين، يكاد يتفق عليه الكثير على ضرره رغم الحاجة إليه، وقد يكون ذا فائدة إذا ما تم إنفاقه واستثماره في قطاعات تعود بالفائدة على الاقتصاد، إلا أن موضوع الإنفاق هو ما سيخالفني عليه الكثير من الاقتصاديين، فكيف سيكون الإنفاق منهكا للاقتصاد خصوصا أنه أحد مكونات الطلب الكلي، وأحد الأعمدة الرئيسة التي قامت عليها النظرية الكنزية، إذ يعول عليه كثيرا في تنشيط الاقتصاد، والدفع نحو النمو، إلا أن عدم وضوح أمر الإنفاق والموازنة بين الحاجة للدين لتمويله، هو ما يؤدي إلى انعكاساتسلبية على الاقتصاد.


وما دعاني لكتابة هذا المقال ذلك الخبر الذي نشرته صحيفة مال يوم الثلاثاء الماضي بتاريخ 13 فبراير، بعنوان "كيف ستتعامل السعودية مع ديون الدولار" والتي تناولت فيه مقالا للكاتب مارك وايتهاوس والذي عنونه بـ : لماذا يرقب العالم الفائدة الأمريكية؟، ولا أدل على أهمية عنوان المقال، والإجابة عليه ذلك التراجع الكبير الذي حدث في أسعار النفط مؤخرا، نتيجة لترقب الأسواق لما يسفر عنه اجتماع لجنة السوق المفتوحة الاتحادية بشأن سعر الفائدة، إذ أن انخفضت الأسعار من 70 دولار للبرميل قبل الاجتماع بأسبوع تقريبا والذي عقد يومي 30-31 من شهر يناير الماضي، إلى ما يقارب 62 دولار للبرميل، ولن استعرض أمثلة للأهمية التي توليها الأسواق العالمية لمعدل الفائدة الأمريكية.

​والعجيب في المقال أن الكاتب تطرق لدولتين هما الصين والسعودية من ناحية ديونهما، دون غيرهما، مما يعني الأهمية التي يحظى بهما اقتصاد هاتين الدولتين، دون الخوض في أسباب تلك الأهمية، والهدف منها، ومما ذكره الكاتب حول المملكة بما معناه "أن عائدات النفط ستجعل المملكة قادرة على التعامل مع ديونها والتي تصل إلى 6% من الناتج المحلي الإجمالي" - وهنا مربط الفرس -، وأضاف المقال " إلا أن دفعات الفائدة الكبيرة يمكن أن تضع مزيدا من الجهد على عجز الميزانية ".

​مع بداية ارتفاع أسعار النفط، وتحقيق الحكومة إيرادات ضخمة، أدى ذلك لزيادة الإنفاق، بشكل كبير، صاحب ذلك ارتفاعا في تكاليف المعيشة، ومعدلات التضخم، نتيجة لانخفاض الدولار من جهة، وزيادة الإنفاق الحكومي من جهة أخرى، مما جعل الدولة تزيد من حجم إنفاقها من خلال دعمها لبعض السلع والخدمات وزيادة مرتبات الموظفين، وهذا مرهقا لخزينة الدولة، نتج عن ذلك الدعم أن زادت الشهية من جهتين، إذ زاد تبعا لذلك شهية المستهلكين للإنفاق، وشهية التجار لمزيد من الأرباح، إضافة لما صاحب ذلك من ارتفاع في تكليف السكن، ومع بداية تراجع أسعار النفط بدأ العجز في الميزانية يطل برأسه شيئا فشيئا مما أدى أن يرتفع الدين لتمويله من 44 مليار ريال في 2014 إلى 443 مليار في 2017، أي أن الدين ارتفاع في غضون 3 سنوات ما يقارب 400 مليار ريال، ويعتبر هذا أمرا مقلقا.

​ورغم أن المملكة أقل دول مجموعة العشرين من ناحية نسبة الدين للناتج المحلي الإجمالي، إلا أنه قفز من 5.9% في 2015 إلى ما يقارب 17.2% بنهاية 2017، مما يعني أن نسبة هذا الدين معرضا للزيادة في السنوات القادمة.

وما يراه بعض الاقتصاديين من أن الدين أمرا طبيعيا، وقد يكون ذا أثر إيجابي على اقتصاد المملكة، من خلال استثماره، وتوجيهه إلى قطاعات أكثر إنتاجية، تعطي قيمة مضافة للاقتصاد، إذ يعتقد البعض منهم وجوب زيادة حجم الإنفاق الحكومي، خصوصا في هذه المرحلة بالذات حتى لا تتأثر القطاعات الإنتاجية، وينعكس ذلك سلبا على معدل النمو فيما إذا قلصت الحكومة حجم إنفاقها.

​وبلا شك أن النظرة الباعثة على الاستقرار حول حجم الدين للمملكة، ومقارنة نسبته للناتج بمجموعة العشرين أمرا يفتقد للمقارنة العلمية الصحيحة، والسبب في ذلك لاختلاف الهياكل الاقتصادية لأغلب دول المجموعة مقارنة بالمملكة، إضافة لحرص بعض تلك الدول أن يكون عليها ديونا خارجية كالولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثال إذ تستخدم تلك الديون كورقة رابحة، تهدف من خلالها لتحقيق مصالح سياسية واقتصادية، كما أن تلك الدول تتميز بإنتاج سلع تامة الصنع (Finished Goods) بمعنى أنها جاهزة للبيع والاستخدام، خلاف السلع الأولية أو ما يٌعرف بالمواد الخام (Raw Material)، كالتي تعتمد عليها المملكة، مما يعني طلبا على عملات تلك الدول، الأمر الذي يجعل من عملات بعضها احتياطي نقدي تلجأ إليه الدول لتعزيز احتياطاتها النقدية، كالدولار والجنيه الإسترليني والين، وغيرها من العملات، إضافة أن بعض دول العشرين يتميز بكثافة سكانية مما يجعلها مقصدا لاستثمار الشركات، لانخفاض مستويات الأجور، إضافة لتسويق منتجاتها. 

​لنرجع قليلا لأهم جزئية وردت في الخبر والمقال، ففي الخبر الذي نشرته صحيفة مال يبرز ذلك السؤال البالغ الأهمية الذي عنونت به الصحيفة خبرها "كيف ستتعامل السعودية مع ديون الدولار؟" وتلك الفقرة من المقال التي ذكرها الكاتب " أن عائدات النفط ستجعل المملكة قادرة على التعامل مع ديونها ".

وتكمن الأهمية في مقال الكاتب أن النفط لا زال هو المورد المالي الأول لخزينة الدول، فارتفاعه فوق السعر المستهدف لتحقيق الفائض في الميزانية يدعم قدرة الحكومة على تقليل الاعتماد على الدين في زيادة حجم الإنفاق، أو حتى سداد جزء منه، وخفض نسبته بالنسبة للناتج، لكن ماذا لو استمرت أسعار النفط في مستوياتها الحالية، أو تعرضت للتراجع مستقبلا جراء رفع الفائدة الأمريكية، والتي سيكون لها تأثيرا على أداء الأسواق، وتعزيز قوة الدولار مقابل العملات الأخرى، مما يعني ارتفاع تكلفة البرميل على الدول المستوردة، وبالتالي انخفض الطلب على النفط، هذا خلاف ما تتمتع به بعض الدول الصناعية من كفاءة في استخدام الطاقة، وسعيها لتقليل اعتماها على النفط في السنوات القادمة، خصوصا في بعض وسائل النقل، وهنا نقف ونتساءل ماذا لو انخفضت أسعار النفط واضطرت الحكومة للاقتراض عندها كيف سيكون وضع التصنيف الائتماني، ومعدل الفائدة؟، ومن أين تقترض؟. 

​إذا تتبعنا السياسات المتعبة نجد تضاربا واتجاها عكسيا في تأثيرها، فخلال الفترة الماضية عمدت الحكومة للاقتراض لزيادة الإنفاق والحد من تراجع معدلات النمو في الاقتصاد، في المقابل اتخذت قرارات لزيادة موارد الدولة المالية، من خلال رفع الدعم عن بعض السلع والخدمات، إضافة لإقرار ضريبة القيمة المضافة، -ومن جهة نظر اقتصادية يعتبر ذلك قرار صائبا لابد منه- وبلا شك أن ذلك سيؤثر سلبا على القطاعين العائلي والاستثماري، من خلال تأثر دخول الأسر والأفراد، واحتمال تقليص إنفاقهم، وهذا التراجع في الطلب إضافة لزيادة التكاليف على القطاع الاستثماري، سواء التكاليف الرأسمالية أو التشغيلية، أو حتى التمويلية، والتي تعتبر أكبر تحد للقطاع الخاص، وقد يُضعف منافسة السلع المنتجة محليا ما لم تكن ذات ميزة نوعية، قد لتراجع أكثر في حجم الاستثمارات المحلية.

​بلا شك أن الإنفاق الحكومي يُعد أمرا ضروريا كونه أحد مكونات الطلب الكلي، كما أن الاقتراض لتمويله، أمرا طبيعيا إلا أن التوسع فيهما يُعد خطرا كامنا يهدد الاقتصاد، مالم يكن هناك ترشيدا أكبر في الإنفاق، وتوجيها دقيقا للدين نحو قطاعات إنتاجية تعطي قيمة مضافة، وتسهم في خلق الوظائف، فارتفاع حجم الدين العام، يجبر الحكومات على توجيه جزء من إنفاقها لسداد تلك الديون، وقد ينعكس سلبا على تصنيفها الائتماني، ما يؤدي لزيادة معدلات الفائدة التي يطلبها المستثمرون، وقد يؤدي لتراجع الاستثمارات نتيجة لقلق المستثمرين من الوضع الاقتصادي، كما أن مصدر الدين سواء كان داخليا أو خارجيا له أثره السلبي، فالدين الخارجي يؤثر سلبا على ميزان المدفوعات، كما أن الدين الداخلي قد يؤدي لما يُعرف بالتزاحم الإنفاقي، والذي يحدث نتيجة لحاجة الحكومة للاقتراض ومزاحمة القطاع الخاص ومنافسته على الحصول على التمويل.

​لذا نتساءل، لو استمرت أسعار النفط في مستويات متدنية، أو تراجعت أكثر، وتزامن ذلك تراجعا في الإنفاقين الاستثماري والاستهلاكي، كيف سيكون تمويل الإنفاق؟.

مال السعودية  2018-02-19




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
مواضيع شبيهة
يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد