Date : 29,03,2024, Time : 04:51:39 PM
3975 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: الخميس 29 جمادي الاول 1439هـ - 15 فبراير 2018م 12:57 ص

شيوعيون بعمائم سوداء

شيوعيون بعمائم سوداء
فاروق يوسف

بانضمامهم إلى تحالف سياسي يقوده رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، ينزلق الشيوعيون العراقيون إلى هاوية، ما كان أحد من أعدائهم يتخيل أنهم سينتهون إليها.

أقدم الأحزاب السياسية في العراق لا يملك خيارا يتوجه من خلاله إلى الشعب، غير أن يلوذ بعباءة رجل دين، عُرف بتقلب مزاجه، كما أن صلته المتصدعة بالأحزاب الشيعية الحاكمة لا تعفي تياره من مشاركة تلك الأحزاب في عمليات الفساد المنظم من جهة، ففي ممارسة العنف الطائفي من جهة أخرى.

وكما يبدو فإن الشيوعيين الذين لا يزالون يفخرون بتاريخهم النضالي العريق عازمون على المضي قدما في خيانة ذلك التاريخ من خلال تعزيز قرارهم بالانضمام إلى العملية السياسية في ظل الاحتلال الأميركي بقرارات تنزع عن حزبهم، وبشكل نهائي، الطابع التقدمي بنزعته اليسارية.

وإذا ما كان الشيوعيون قد هربوا من العراق في أول مواجهة مع النظام الحاكم في العام 1979 وكانوا يومها يمثلون النخبة السياسية التي فشلت في التفاهم مع السلطة بعد صعود صدام حسين إلى المنصب الأول في الدولة، فإنهم عادوا إلى العراق بعد ربع قرن باعتبارهم انتهازيين، لم يُعد ظهورهم على المسرح السياسي لهم شيئا مما توقعوه من ألقهم النضالي.

لقد ضاعت أصواتهم وسط ضجيج شعبوية الأحزاب الدينية التي نبذتهم باعتبارهم ملحدين، وكان التيار الصدري في مقدمة تلك الأحزاب التي بادرتهم العداء، فحدث أن تم حرق مقراتهم، بمَن فيها، في المناطق الخاضعة لهيمنة ذلك التيار.

لقد ضحت القيادة بقواعد الحزب يومها معللة تلك التضحية بإمكانية أن يقع التغيير من خلال فشل الأحزاب الدينية في إقامة دولة المواطنة، فيكون لزاما على المحتل البحث عن جهة يكون في إمكانها أن تقيم دولة مدنية، وليس هناك مَن هو أكثر كفاءة منهم في ذلك المجال كما كانوا يعتقدون.

لم تكن تلك الفكرة إلا حلما استهلاكيا تم تسويقه من أجل إقناع القواعد بأن الحزب مستمر في خدمة الشغيلة والفقراء والمحرومين. أما الهدف الحقيقي فإنه يكمن في ذلك الفتات من الأرباح الذي حصل عليه قياديون شيوعيون في أوقات مختلفة من خلال تعاونهم مع الأحزاب الدينية.

لقد أصبح زعيم الحزب الشيوعي نائبا في مجلس النواب، لكن باعتباره شيعيا. كما تم تعيين أحدهم وزيرا للثقافة لفترة وجيزة، وعُين آخر وزيرا للتعليم العالي وهو الذي يقود الحزب حاليا.

وبالرغم من وضعهم المزري فإن الشيوعيين ما زالوا يعتبرون أنفسهم قادة للمجتمع المدني بالرغم من أنهم تواطؤوا مع نظام الحكم ذي الصبغة الدينية التي أصابت المجتمع بلوثتها المدمرة.

ما فقده الشيوعيون بسبب انجرار قيادتهم وراء مشروع الاحتلال لا يمكن تعويضه. وكما يبدو فإن الانسحاب من العملية السياسية الفاشلة هو آخر ما تفكر به قيادتهم. وهو ما دفع بهم إلى اعتبار استسلامهم لقيادة مقتدى الصدر حلا وحيدا يمكنهم من البقاء مرئيين في الساحة السياسية، بعد أن تأكدوا أنهم لا يملكون رصيدا شعبيا يعتد به.

لقد انتهى زمن “يا عمال العالم اتحدوا”، وبدأ زمن “يا انتهازيي المجتمع المدني اتحدوا في ظل عمامة مقتدى الصدر”.

ما لا يقوى الشيوعيون العراقيون على الاعتراف به أن صفحتهم قد طويت وأنهم ينتمون إلى زمن غابر. ولو أنهم قاموا بذلك لحفظوا لتاريخهم كرامته. وهو ما سيضفي على التاريخ السياسي في العراق نوعا من المصداقية.

غير أن انزلاقهم إلى هاوية سحيقة من الصفقات المريبة بدءا من قبولهم بالاحتلال الأميركي وانتهاء بتحالفهم مع تيار ديني تحيط به الشبهات، لا بد أن يضع تاريخ حزبهم كله موضع تساؤل.

فهل كان الشيوعيون العراقيون تقدميين حقا؟ لو كانوا أوفياء للفكر الماركسي لما رضوا لأنفسهم أن يكونوا جزءا من ماكنة الفساد الملحقة بالمشروع الاستعماري الأميركي. ولو أنهم انتموا إلى ذلك المشروع أفرادا لما لحق بحزبهم العار، غير أنهم ومنذ لحظة الاحتلال الأولى كانوا قد وضعوا حزبهم كله في خدمة المحتل، على الأقل على المستوى الإعلامي. كانوا أبواق الاحتلال التي تبين في ما بعد أن زعيقها كان مدفوع الثمن.

شيء من الفكاهة السوداء ينطوي عليه مشهد شيوعي يضع على رأسه عمامة وهو يدعو إلى قيام مجتمع مدني. لا يحدث ذلك إلا في العراق.

العرب اللندنية  2018-02-15




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
مواضيع شبيهة
يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد