المشروع الإيراني في طور الاحتضار
خلال عام 2006، وفي ذروة صعود نجم نفوذ ودور نظام ولاية الفقيه في الشارعين العربي والإسلامي، وتألقه إلى الحد الذي تمادى فيه البعض ليرى في التيارات التي يقوم بتأسيسها في البلدان العربية على أنها بديل للنظام الرسمي العربي، في ذلك العام تأسس المجلس الإسلامي العربي والذي تشرفنا بقيادته كأمين عام له، أكدنا حينها، حيث تراجع المشروع العربي كثيراً وصار المشروع الإيراني المتمثل في أطروحة ولاية الفقيه، المهيمن على الأجواء السياسية والفكرية في المنطقة، بأن هذا المشروع لن ينجح أبداً في بسط سيطرته على الوطن العربي وفرض نفسه كأمر واقع وأنه يحمل أسباب زواله و تلاشيه.
في ذلك الوقت، رأى كثيرون أن رأينا هذا من أجل الكسب السياسي ويحتوي على الكثير من المبالغة، خصوصاً بعد أن نجح النظام الإيراني في كسب جانب كبير لا يستهان به من الشارع الشيعي العربي، وقد راهن هذا البعض على المشروع الإيراني بعد أن رأوا مدى الحماس الكبير لدى الشيعة العرب الذين ساروا على نهجه وقتئذ، لكننا كنا ننظر للقضية من جوانب و زوايا أخرى تختلف عن هذه النظرة الأحادية الجانب والتي لاتستند على أسس متينة من الواقع.
في رؤيتنا التي طرحناها وأكدنا عليها في الكثير من المناسبات؛ لفتنا الأنظار إلى أن المشروع الإيراني سيواجه الفشل لعدة أسباب، أبرزها:
المشروع الإيراني لا يستند على قاعدة شعبية في داخل إيران لأن النظام يقوم بفرضه قسراً على الشعب، وهذه الحقيقة اتضحت خلال انتفاضتي 2009 و 2018، حيث رفض الشعب التدخلات في البلدان العربية (وهي الأساس الذي يقوم عليه المشروع) جملة وتفصيلاً، وهذا يعني أن المشروع الإيراني لم يعد يستند على قاعدة شعبية بل إن قاعدته قد انقلبت ضده وتعمل على تغيير النظام.
الشارع العربي عموماً والشيعي خصوصاً الذين انبهرا كثيراً بالمبادئ والأفكار والشعارات البراقة التي رفعها النظام الإيراني، خصوصاً فيما يتعلق بمزاعمه بالوقوف إلى جانب الشيعة العرب والدفاع عن ما أسماه بمظلوميتهم من جانب نظم وحكومات بلدانهم، هذا الشارع بدأ ينفض يديه عن هذا النظام خصوصاً بعد افتضاح دوره المشبوه في سورية واليمن ومن ثم العراق، وهنا نستدرك بأننا كمجلس إسلامي عربي، حيث رافقنا تلك الأحداث والتطورات أولاً بأول، لعبنا دورنا التعبوي في توعية الرأي العام العربي عموماً والشيعي العربي خصوصاً في التحذير من مخططات النظام الإيراني ومشروعه الموجه ضد الأمتين العربية والإسلامية، وأن هناك حالة من الرفض العربي ـ الإسلامي الواضح جداً للمشروع الإيراني.
النظام الإيراني ومن أجل جعل مشروعه أمراً واقعاً في المنطقة وإجبار بلدان المنطقة والعالم على الاعتراف والقبول به، لجأ إلى العمل من أجل امتلاك أسلحة الدمار الشامل والقدرات الصاروخية، ولكنه كما نعلم فإن المشروع النووي للنظام قد أصبح بحكم الاتفاق النووي عموماً والموقف الأميركي المتشدد في عهد ترمب بمثابة المصاب بالشلل، أما القدرات الصاروخية فهي بدورها على طاولة البحث خصوصاً أن النظام حالياً يتعرض إلى ضغوطات قوية لإجباره على الجلوس على طاولة المفاوضات والقبول بالشروط الدولية التي تحد من قدراته بهذا الصدد.
أخيراً وليس آخراً فإن هناك صراعاً ونزاعاً داخلياً في قمة النظام نفسه حيث صارت التهم تتبادل بين المتصارعين، حيث صاروا يكشفون عن معلومات مذهلة تؤكد ارتكابهم جميعاً لأعمال فساد، وتجاوزات بل وحتى أنهم اتهموا بعضهم بالخيانة و الاستبداد والديكتاتورية.
عقب هذا كله، وبعد أن صارت أصابع الاتهام توجه من أكثر من دولة وجهة للنظام الإيراني بالتدخل أو ارتكاب انتهاكات وغيرها، فإن المشروع الإيراني اليوم، قد وصل إلى طور الاحتضار وأنه ينتظر اللحظة التي سيلفظ فيها نفسه الأخير، ونقول بكل ثقة: إن تلك اللحظة ليست ببعيدة.
* د.السيد محمد علي الحسيني
الأمين العام للمجلس الإسلامي العربي.
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews