فلنتعلّم من الروس
جي بي سي نيوز :- «زا باتشنوف» (أي من أجل الجماعة، باللغة الروسية). كانت هاتان الكلمتان آخر ما قاله الرائد أنطون فليبوف، طيار سوخوي 25 التي أسقطت في سوريا يوم السبت الماضي، قبل أن يفجر القنبلة بنفسه. صرخته في شبكة الاتصال، من بعد أن أطلق مشطا ونصف من مسدسه، وفهم أن معركته خاسرة، وصلت إلى الكرملين.
بعد ساعتين من الحادثة، قام الروس بـ 68 طلعة جوية، وصفوها كقصف بـ «سلاح دقيق». وعندما يقول الروس «سلاح دقيق»، فإنهم يقصدون بشكل عام صواريخ جوالة. معسكرات الثوار في منطقة بلدة معسران في محافظة إدلب في شمال سوريا، حيث هبط الطيار الذي أسقطت طائرته بصاروخ كتف (روسي) على أيدي الثوار المؤيدين للأتراك، مُحيت. لم يتحدث الروس، لم يهددوا، لم يتحمسوا. هم ببساطة عملوا.
عندنا، بالمقابل، يهددون من الصباح حتى المساء: ضد حزب الله، وحماس، والسوريين، والإيرانيين. القيادة السياسية والعسكرية تسخن نفسها وتفزّع الجمهور. إذا كان «الكابينت» يقدر بوجود تدهور في الشمال، وأن الإيرانيين يبنون مصانع صواريخ، وأن حماس في ضائقة اقتصادية توشك على أن تتفجر ضدنا، فعليه أن يعمل، لا أن يتحدث. فالتهديدات تبث عدم ثقة بالنفس وضعفا، ولا تغير شيئا في الجانب الآخر من الحدود، باستثناء مزيد من تآكل الردع الإسرائيلي. ليس هكذا تتصرف دولة ذات قدرات تكنولوجية وقوة عظمى. إذ لا تقف إسرائيل وحزب الله أو حماس على الإطلاق على قدم المساواة في مستوى القدرات العسكرية، ولكننا نصر على أن نجري معهم حوارا علنيا، وكأن الحديث يدور عن دولتين متطورتين مع قدرات متماثلة. الرسالة التي على إسرائيل أن تبثها للعدو واحدة: في اللحظة التي يصاب فيها مواطنون إسرائيليون بعملية ما، فإن الثمن في الطرف الآخر سيكون وفقا للأسلوب الروسي.
بشكل عام، يلقننا الروس درسا في العلاقات الدولية. فمن جهة، يستقبل بوتين نتنياهو بأذرع مفتوحة. ومن جهة أخرى، فإنه منذ أن تواجد الروس في المنطقة، ولا سيما في السنة الآخيرة، ينبغي الافتراض بأنهم يبذلون جهدا هائلا ليجمعوا المعلومات الاستخبارية عن إسرائيل. ومن ضمن أمور اخرى، من خلال استخدام مكثف لشبكة التجسس الروسية من البحر ـ تلك «سفن الصيادين» التي تتجول في الحوض الشرقي من البحر المتوسط، والتي من المعقول الافتراض بأنها مخصصة لالتقاط المعلومات الالكترونية. فإذا كان الروس مثلا يعرفون أن إسرائيل تخطط لضربة وقائية في لبنان أو في سوريا، فإنهم لن يترددوا في نقل المعلومة، إذا ما ناسبهم ذلك وقتها. وإذا كانت مصلحتهم أن تكسر إسرائيل قدما في الجبهة الشمالية، فإنهم سيحرصون على أن يحصل هذا. العناقات في الكرملين في جهة، والبزنس في جهة أخرى.
لكن لدينا، يثرثرون عن علاقات خاصة مع الروس. فبعد يومين من زيارة نتنياهو إلى موسكو الأسبوع الماضي، وصل هنا وفد من مجلس الأمن القومي الروسي (هيئة ذات صلاحيات استشارية فقط). فاحتفت الدولة: ها هو انتصار دبلوماسي آخر؛ الروس يأتون ليدرسوا القضية الإيرانية بعمق. ثم تبين أن الزيارة كان مخططا لها منذ زمن بعيد كزيارة مجاملة ردا لزيارة رئيس قيادة الأمن القومي الإسرائيلي إلى موسكو، وأنه إذا كان ثمة شيء لم يرغب الروس بالحديث عنه في زيارتهم للبلاد، فهو الموضوع الإيراني. لقد ملوا، كما رووا بعد ذلك، من المحاولة الإسرائيلية لفرض مباحثات عن إيران عليهم.
نحن نوجد الآن ضمن موجة من الخوف من الحرب في الجنوب بسبب الانهيار الإنساني في غزة. غزة في انهيار منذ سنين. إلا أنه في الأسابيع الأخيرة، تقوم حماس بالتلاعب في الأزمة. وإلى فترة قصيرة ماضية، كانت وسائل الإعلام المرتبطة بالمنظمة تتخذ جانب الحذر من المبالغة في عرض معاناة السكان، وذلك لأن الأزمة هي اعتراف بفشل حماس الإداري.
أما الآن، فيبرزون هناك الأزمة الإنسانية التي ستؤدي وفقا لزعمهم إلى انفجار مع إسرائيل وإلى قوافل من عشرات الآف السكان الجوعى ممن يقتحمون الجدار.
تهدد حماس كي تخيف إسرائيل والسلطة والمصريين، وربما العالم، ونحن نقع في الفخ ولا نكف عن الكلام والإعلان والثرثرة عن الأزمة الإنسانية التي ستؤدي إلى حرب. غير أن التصعيد في الطريق إلى الحرب هو موضوع واحد، بينما الأزمة الإنسانية موضوع آخر. إن كانت لإسرائيل مصلحة في تحسين الوضع في القطاع، فيجب عمل ذلك من دون صلة بتهديدات الحرب. الرسالة لحماس يجب أن تكون واحدة: إذا أصيب مواطن إسرائيلي، فسنجبي من غزة ثمنا وفقا للمقاييس الروسية.
يديعوت 2018-02-07
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews