كرة القدم فى عالم الأشباح

يحلم الأطفال الصغار بأن يصبحوا يوما نجوم كرة.. ويتمنى آباء الأطفال الصغار أن يمتلك أبناؤهم موهبة الكرة ليكونوا يوما ما لاعبى كرة.. وتبقى هذه الأحلام أمرا طبيعيا وعاديا جدا ومشروعا أيضا أمام كل ما أصبح يحصده نجوم الكرة من شهرة وأضواء وما يحصلون عليه من مال وهدايا وامتيازات لا أول لها أو آخر.. لكن نادرا ما يحلم هؤلاء الأطفال وآباؤهم وبيوتهم بمهنة وكيل لاعبين.. فهى مهنة ليست تحت الأضواء غالبا، ومعظم نجاحاتها ومكاسبها تتم فى الخفاء بعيدا عن أعين الجميع.. وفوجئ الجميع هذا الأسبوع بألكسندر سيفرين، رئيس الاتحاد الأوروبى لكرة القدم، يعلن أن أندية أوروبا دفعت فى الأربعة أعوام الماضية أكثر من ثلاثة مليارات يورو لوكلاء اللاعبين..

وقال رئيس الاتحاد الأوروبى أيضا إن معظم وكلاء اللاعبين اليوم لا يتفاوضون مع الأندية حول راتب أفضل ومزايا أكثر للاعبيهم إنما يتفاوض الوكلاء حول ما سيتقاضونه هم من أموال بعيدا عن مصالح اللاعبين أو حقوقهم.. وقال رئيس الاتحاد الأوروبى أيضا إن الأمر بلغ ببعض الوكلاء أن يشترطوا الحصول على خمسين بالمائة من قيمة صفقة الانتقال وإلا أفسدوها.. وعلى الرغم من أن رئيس الاتحاد لم يذكر أى أسماء إلا أن هناك وثائق تم تسريبها أكدت صحة هذا الكلام.. فقد تبين على سبيل المثال أن مينو رايولا، وكيل أعمال اللاعب الفرنسى بول يوجبا، تقاضى وحده 41 مليون جنيه إسترلينى من صفقة انتقال اللاعب من يوفنتوس الإيطالى إلى مانشستر يونايتد الإنجليزى، والتى بلغت قيمتها 89 مليون جنيه إسترلينى.. أى أن النجم الكبير نفسه ونادى يوفنتوس أيضا لم يحصل أى منهما فقط إلا على نصف ما تقاضاه وكيل أعمال اللاعب..

وقد هدد كيا جورابشيان، وكيل أعمال النجم كوتينيو، الذى دفع برشلونة 160 مليون يورو لشرائه من ليفربول، باللجوء للقضاء ضد أى صحفى أو مسؤول يكشف حجم عمولته من هذه الصفقة.. وحين اشترى مانشستر يونايتد، أليكسيس سانشيز، ودفع 35 مليون استرلينى.. كان منها 15 مليونا تقاضاها وكيل أعماله فرناندو فيليسفيتش.. وتوالت الأرقام والحكايات خلال الأيام القليلة الماضية إلى حد تأكيد إينفانتينو، رئيس الفيفا، بأن الأمر كله أصبح يصعب قبوله واحتماله، وأن هؤلاء الوكلاء يتقاضون الأموال من الجهتين وأكثر مما يتقاضاه اللاعب نفسه.. وأن هذه الأموال التى يتقاضاها الوكلاء تتسرب من عالم كرة القدم دون أن تنتفع بها اللعبة..

ولم يدرك أى أحد ماذا يقصده رئيس الفيفا، وهل يعنى كلامه أنه يفكر فى نظام وقواعد جديدة لوكلاء اللاعبين.. وحين اقترح رئيس الاتحاد الأوروبى وضع سقف لما يتقاضاه وكيل أعمال أى لاعب فى أوروبا مهما كانت قيمة الصفقة وسعر اللاعب.. لم يأخذ كثيرون هذا الاقتراح بجدية لأننا أمام عالم سرى وغامض تحكمه الأشباح وباتت تنقصه الشفافية التى تسمح بوضع حد أقصى.. لكن من المؤكد أن هذه الوظيفة باتت مميزة ومربحة جدا سواء مارسها أصحابها فى أوروبا أو أى من بلدان العالم الثالث الفقيرة.

المصري اليوم  2018-02-05