أداء واعد لاقتصاد البحرين
قبل نحو عشر سنوات ولدى نشوب الأزمة الاقتصادية العالمية، كتبنا مقالات كثيرة دعونا فيها إلى تكاتف دول العالم والمنظمات الدولية المعنية، للعمل معاً على انتشال الاقتصاد العالمي من براثن الأزمة، وألا تكتفي بالترقب والانتظار. وفي حينها، تفاعلنا من خلال مقالات مع الجهود التي تبذلها قمة مجموعة العشرين لإصلاح النظام الاقتصادي العالمي. وها نحن مع مطلع هذه السنة، نقرأ ونشاهد توقعات اقتصادية إيجابية كثيرة، تؤذن بتحسن الاقتصاد العالمي ودخوله دورة جديدة من النهوض.
ولدى الحديث عن اقتصاد البحرين، فنحن ندرك كل التحديات التي مرّ فيها ولا يزال طيلة السنوات الأربع الماضية، ولا نقلل من الآثار السلبية التي تركتها هذه التحديات على حياة المواطن العادي. كما لا نتوقع حلولاً سحرية تنقل الاقتصاد بين ليلة وضحاها إلى خارج تلك التحديات. لكننا دائماً نفضل أن نكون في موقع إيجابي في النظر إلى هذه المواضيع، ونكرر دعواتنا إلى العمل وتكاتف كل الجهود الخيّرة من الحكومة الموقّرة والسلطة التشريعية والقطاع الخاص والمواطنين، والاستمرار في البذل والعطاء لعبور هذه المرحلة في ظل التوجيهات الملكية السامية، بضرورة التوافق على كل الخطوات التي تمسّ المواطن.
وانطلاقاً من هذا الفهم نحن مطمئنون إلى أن البحرين بخير. إذ نعتقد أولاً، تجاوز الفترة الأصعب من التأثيرات المعاكسة للاقتصادين العالمي والإقليمي على الوضع المحلي، وأثبت اقتصاد البحرين بما يملك من أساسات قوية قدرته على التغلب عليها، والحفاظ على نسب معقولة وجيدة من النمو الاقتصادي على مدى السنوات الأربع الماضية. إذ اضطلعت القطاعات غير النفطية بدور أساس في ذلك.
ثانياً، تؤكد المؤشرات الاقتصادية الراهنة أن أسعار النفط آخذة بالتماسك عند مستويات جيدة (نحو 70 دولاراً للبرميل)، مع توقع تحسّنها أيضاً نتيجة التكهنات بتحسن الوضع الاقتصادي العالمي.
ثالثاً، لا بد أن تنعكس برامج الاستثمار الضخمة التي تنفذها الدول الخليجية المجاورة ولاسيما المملكة العربية السعودية والمقدرة قيمتها بمئات بلايين الدولارات الدولار، إيجاباً على اقتصاد البحرين خلال السنوات المقبلة نظراً إلى مكانة البحرين وموقعها، وما تقدمه من تسهيلات ومزايا للمستثمرين، خصوصاً الخليجيين.
رابعاً تواصل البحرين تنفيذ برنامج استثماري ضخم لتحريك النمو الاقتصادي تصل قيمته إلى نحو 32 بليون دولار، منها 5 بلايين لتحديث مصفاة بابكو و3.5 بليون لخط الصهر السادس في ألبا، ونصف بليون دولار لميناء استيراد الغاز المسال. كما يتضمن مشاريع برنامج التنمية الخليجي بقيمة 7.5 بليون دولار، موزعة على البنية التحتية والإسكان ومطار البحرين الدولي والصحة والتعليم والطرق وغيرها. إلى جانب نحو 15 بليون دولار استثمارات القطاع الخاص في المشاريع العقارية والصناعية والسياحية والخدمية. ويُضاف إلى ذلك، قيمة مشاريع البنية التحتية السياحية في مملكة البحرين التي تخطت 13 بليون دولار، بحسب بيانات مجلس التنمية الاقتصادية، إذ استثمر القطاعان العام والخاص في 14 مشروعاً لدعم نمو السياحة والترفيه في المملكة. ويشهد هذا القطاع زخماً في النمو على مستويات كثيرة، إلا أن النمو الأعلى كان ملحوظاً في عدد السياح، ما يزيد من أهمية تطوير القطاع السياحي للمساهمة في شكل أكبر في تطوير التنوع الاقتصادي ودعمه المملكة.
وشهدنا على مدى العقود الماضية تنفيذ برامج لتنويع مصادر الدخل في مجال تنويع الخدمات المالية والمصرفية، وتوسيع القاعدة الصناعية وتعزيز مساهمات القطاعات الصحية والتعليمية والتطوير العقاري وغيرها من البرامج، التي حققت تطوراً ملحوظاً في توسيع مساهمة القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي، لتبلغ نحو الثلثين. ونتيجة هذه الخطوات، باتت مملكة البحرين تملك مقومات مادية وتشريعية وبشرية، تؤهلها للبناء على ما تحقق من إنجازات والمضي في التوسع بالقطاعات القائمة، والولوج إلى أخرى جديدة تعزز متانة القاعدة الاقتصادية للمملكة.
وبناء على ذلك، لم نستبعد قبل أيام أن ينتعش الاقتصاد البحريني هذه السنة وفي الأعوام المقبلة، وأن تمرّ المملكة خلال السنوات المقبلة في فترة نمو اقتصادي جيد، وأوضحنا أيضاً توافر مؤشرات قوية تؤكد هذه التوقعات، بحيث لا يقل معدل النمو عن 3 في المئة هذه السنة، بحسب تقديراتنا.
وفي ضوء كل هذه المؤشرات، نكرر القول إن مسيرة التنمية الاقتصادية في البحرين ماضية نحو التقدم، وهي ليست المرة الأولى التي نشهد فيها مثل هذه الظروف الاقتصادية. وعلى رغم أن كل الدول التي تعتمد على تصدير النفط مرت في تقلبات كثيرة سواء في الثمانينات أو التسعينات أو بعد الأزمة العالمية عام 2008 أو حالياً، حافظت مسيرة البحرين الاقتصادية على توازنها وديمومتها، واستطاعت بناء مرتكزات متينة ومشاريع ضخمة للاقتصاد الوطني تحقق له مواصلة الأداء المتنامي والواعد.
الحياة 2018-02-05
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews