لإنقاذ العلاقات الأميركية- التركية... والناتو
جي بي سي نيوز :- ذاع صيت جمال عفرين في شمال غرب سورية، فهي مليئة بشجر الزيتون. ولكنها اليوم في قلب سياسات شد الحبال بين القوى الكبرى في الشرق الأوسط. فالأكراد، اليوم، يتعرضون لهجوم القوات العسكرية التركية. ولا شك في أن عملية «غصن الزيتون»، على ما سمتها تركيا، تظهر مخاوف الأتراك المشروعة حول أمن حدودهم. وترى أنقرة أن وحدات حماية الشعب متحالفة مع «حزب العمال الكردستاني» الإرهابي. وعلى رغم أن واشنطن تستسيغ ألا يشن الحلفاء الأتراك حرباً على حلفائها الأكراد، تسعى أنقرة- ولم تندمل فيها جراح الهجمات الدموية «الكردستانية بَعد»- الى إنشاء منطقة عازلة على الجانب السوري من الحدود للحؤول دون تسلل إرهابيين أكراد الى أراضيها.
والحكومة السورية، على رأسها مجرم حرب، دانت الهجوم التركي. والروس، وهم يحركون مقاليد الأمور في سورية، الى حد بعيد، يقفون موقف المتفرج السعيد أمام شن حليف «الأطلسي» وأميركا عملية متعددة الهدف. وواشنطن تسعى الى الموازنة بين المقاتلين الأكراد الشركاء في قتال «داعش»، وبين إنقاذ العلاقات مع تركيا. ولكن هامش المناورة يضيق، وهي أمام مفترق طرق، والأوان ينفد. فماذا في وسع أميركا؟
1) على المستوى التكتيكي، حريّ بالأميركيين ألا ينشغلوا عن الغاية الأساسية، أي إنزال الهزيمة بـ «داعش» وتقويض سيطرة الأسد على سورية. وعلى رغم أننا نجحنا في استعادة الشطر الغالب من أراضي «داعش» في شرق سورية وغرب العراق، المعركة لم تنتهِ بعد. ولم تنتفِ الحاجة الى القوات الكردية شرق نهر الفرات، ونحتاج الى ضمان استقرار شمال العراق، الجيب الكردي الفيديرالي. لذا، تقتضي الأمور إقناع الأتراك بالتزام عمليات دقيقة وقصيرة في عفرين وتجنب سقوط ضحايا مدنيين. وانزلاق الأمور أكثر الى التصعيد يصبّ في مصلحة الأسد، ويقوض حماسة الأكراد في قتال «داعش» مع الأميركيين. وعلينا طمأنة الحلفاء الأكراد شرق عفرين في سورية وفي العراق من طريق دعم أميركي طويل الأمد.
وعلى البيت الأبيض الإقرار علناً بمشاغل تركيا الأمنية، وتعيين، على وجه السرعة، مبعوث أميركي ملم بشؤون المنطقة الى أنقرة (واقترح اسم السفير السابق الأميركي في مصر، فرانك ريكياردوني، وهو اليوم رئيس الجامعة الأميركية في القاهرة). وحريّ بكبار المسؤولين في الإدارة الأميركية، من أمثال وزير الدفاع جيمس ماتيس، التوجه الى أنقرة وإجراء مشاورات معها. وعلى البنتاغون السعي مع القوات التركية الى تنسيق العمليات العسكرية لتجنب الحوادث.
2) وأبرز الأهداف الاستراتيجية الأميركية في المنطقة، فيما خلا دعم إسرائيل، هو صون العلاقات مع تركيا. فأكبر المستفيدين من مواجهة أميركي – تركيا هو فلاديمير بوتين الذي ينتظر بفارغ الصبر انفجار العلاقات بينهما وتقويض أثره (الانفجار) الناتو. وعلى رغم التوتر في الشراكة التركية– الأميركية (إقامة فتح الله غولن المتهم بالوقوف وراء محاولة الانقلاب على أردوغان في 2016 في أميركا)، وعلى رغم قلق واشنطن ودول الناتو من انتهاك الحكومة التركية حقوق الإنسان وتقويض القضاء والإعلام، ليس في مقدور واشنطن التفريط بتركيا وخسارتها. والمصلحة الاستراتيجية الأميركية تقضي في بقاء تركيا في حلف شمال الأطلسي. والسماح بابتعاد تركيا من فلك «الأطلسي» والتحالف مع روسيا وإيران في الشرق هو خطأ استراتيجي كبير.
موقع بلومبرغ الامريكي 2018-01-31
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews