Date : 26,04,2024, Time : 06:28:46 AM
4153 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: الجمعة 02 جمادي الاول 1439هـ - 19 يناير 2018م 12:29 ص

وعد ترامب… لا داعي للانفعال واللَّطم

وعد ترامب… لا داعي للانفعال واللَّطم
عماد شقور

بعد مئة عام وشهر واحد واربعة ايام من اصدار بريطانيا لوعد بلفور، اصدرت أمريكا «وعد ترامب». كانت بريطانيا ايام بلفور هي القوة العظمى في العالم، وكان تعبير «الامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس»، تعبيرا دارجا كثير الترديد، للدلالة على عظم وقدرات من أعطى ذلك الوعد، «وعد من لا يملك، لمن لا يستحق»، حسب تعبير الزعيم المصري العربي الخالد، جمال عبد الناصر، الذي تصادف هذا الاسبوع الذكرى المئوية لميلاده، في رسالته الشهيرة للرئيس الأمريكي، جون كنيدي، في مطلع ستينيات القرن الماضي.
أما في ايامنا، فصاحب الوعد الجديد، هو الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، زعيم القوة الاعظم في العالم، الذي لا تغيب الشمس عن مواقع قواته وقواعده العسكرية، المنتشرة في مشارق الارض ومغاربها، في فضائها وسمائها وارضها وبحارها واعماقها بغواصاتها النووية. وبين كل انواع هذه القوة العسكرية، تظل اسرائيل هي حاملة الطائرات والصواريخ الأهم، في نظر أمريكا، ويظل اليهود في اسرائيل هم «الانتحاريون»، وهم الوقود في المغامرات الاستعمارية وسياسات الهيمنة الغربية، تحت المظلة الأمريكية، حتى الآن، برضاهم ورغبتهم، مقابل ما يحظون به، في هذه الحقبة الزمنية، من الرعاية والدلال والحماية والتدليع.
رغم ذلك، فانني لا ارى مبررا معقولا للإنفعال المبالغ به جراء هذا «الوعد» المشؤوم الثاني. اذ رغم مرور اكثر من قرن على الوعد الاول، وما حفل به هذا القرن من احداث جسام:
ـ تكليف «عصبة الأمم» للإنتداب/الاستعمار البريطاني، سنة 1922، بالعمل على تطبيق وعد بلفور.
ـ تعيين يهودي بريطاني صهيوني، هو هربرت صامويل، كأول «مندوب سامٍ» على فلسطين، واقراره نظام تعليم خاص لليهود في فلسطين، اضافة إلى نظام بنكي خاص بهم.
ـ فرض اللغة العبرية لغة رسمية في فلسطين، مضافة إلى اللغتين: العربية والانكليزية، واعتماد تسمية فلسطين، حتى على اوراق وقطع النقد المعدنية باسم «أرض اسرائيل»، مختصرة بالحرفين الأولين داخل هلالين.
ـ تشكيل عصابات عسكرية يهودية في فلسطين، وتدريبها وتسليحها، في مقابل التضييق على الفلسطينيين.
ـ متابعة وتكثيف رعاية النشاطات اليهودية على الاصعدة الاقتصادية في مجالات الصناعة والزراعة والتجارة، تصديرا واستيرادا، اضافة إلى تركيز خاص على التعليم.
ـ تمكين اليهود في فلسطين، في نهاية المطاف، ومع اقتراب نهاية عهد الانتداب، من تشكيل قوات عسكرية نظامية، اكثر تعدادا، من جنود وضباط جميع جيوش الدول العربية السبع التي دخلت الحرب في فلسطين، (مصر والاردن وسوريا ولبنان والعراق والسعودية واليمن)، وامتلاك القوات اليهودية اسلحة اكثر تطورا، (بما في ذلك سلاح الطيران)، من اسلحة الجيوش العربية.
ـ التآمر مع بريطانيا (انتوني ايدن)، وفرنسا (غي موليه)، وشن العدوان الثلاثي على مصر، سنة 1956، الذي احتلت فيه قطاع غزة وكل شبه جزيرة سيناء، واعلان بن غوريون قيام دولة «الهيكل الثالث» واطلق اسماءً توراتية على جزر تيران وصنافير، ولكنه اندحر واضطر إلى الانسحاب بعد اقل من ستة اشهر من غزة وسيناء.
ـ ثم جاءت الكارثة العربية في حزيران/يونيو 1967، حيث سيطر الجيش الاسرائيلي على مساحات تعادل خمسة اضعاف المساحة المحتلة في نكبة سنة 1948، واستعمرت ما تبقى من ارض فلسطين.
ـ دون ان ننسى، في هذا السياق، مجازر دموية اجرامية في دير ياسين والطنطورة وعيلبون، في قبية وكفر قاسم وغزة، في بيروت ومخيمي صبرا وشاتيلا وحمام الأنف ومخيم جنين، وغيرها الكثير الكثير.
كل هذا لم يغير من قناعة الفلسطينيين في صدق روايتهم عن حقهم في وطنهم فلسطين، وحقهم في الحرية والاستقلال وتقرير المصير، لسبب واحد وحيد بسيط: انه حقيقة وواقع. حق تاريخي وطبيعي لا يقبل الجدل. وكل استعداد فلسطيني لقبول تسويات وحلول مرحلية، لم تلغ هذه القناعات الراسخة، والثقة المطلقة بانها ستتحقق، ان لم يكن بعد عام فبعد عقد او قرن او قرنين، كما هي قصة فلسطين مع الغزوات الصليبية، وما سبقها وما لحقها ومع ما نعانيه في هذا العصر.
«وعد بلفور» تحقق بفعل القوة العسكرية، وبفعل الضعف والتخلف الفلسطيني والعربي. لكن كل هذه الكوارث العربية على مدى اكثر من قرن، لم تعط الحركة الصهيونية ويهود اسرائيل يوما واحدا من الراحة والاستقرار والإطمئنان للمستقبل.
نجيء الآن لمواجهة «وعد ترامب»، فنرى ونسمع تحليلات وتقديرات سوداوية لكتاب ومحللين، يفرحهم اللطم والنواح. وانا لا ارى لذلك أي تبرير منطقي.
مرّت فترة طويلة من الزمن على العرب الفلسطينيين في مناطق الـ48، كانت «الحقيقة» فيها هي كل ما يقال مسبوقا بـ«قال لي يهودي». ثم تبين خلال وبعد تلك الحقبة، ان تلك «الحقيقة» ليست حقيقية، وانه ليس كل ما يقوله «اليهودي المنتصر» هو بالضرورة حقيقة وقدَراً سيتحقق بالتأكيد. نفس التجربة مرَّ بها العرب الفلسطينيون في مناطق الـ67، قبل اوسلو وبعد اوسلو. وها نحن، للاسف، نشهد بعض ما هو مثل ذلك في ايامنا الحاضرة.
لنترك «قال لي يهودي» جانبا، وننتقل إلى ما هو اكثر اهمية:
ـ قررت الحكومة الاسرائيلية، وصوت الكنيست (البرلمان الاسرائيلي)، بعد اقل من شهر على حرب/كارثة/نكسة 1967 ان «القدس الموحدة» عاصمة ابدية لاسرائيل. لكن، ما ان بدأت المفاوضات في اوسلو، وإثر اوسلو، حتى كانت «قضية القدس»، هي احدى اهم قضايا «الحل النهائي» على طاولة المفاوضات.
ـ قال موشي ديان، وهو ليس مجرد «يهودي قال لي.»..: ان شرم الشيخ بدون سلام خير من سلام بدون شرم الشيخ. وعندما تولى وزارة الخارجية في حكومة مناحيم بيغن، كان الاكثر حماسا للتخلي عن شرم الشيخ، والتخلي ايضا عن آخر ذرة من رمال سيناء، مقابل اتفاقية سلام مع مصر.
ـ اقر الكنيست الاسرائيلي «ضم» الجولان إلى اسرائيل، ولكن عندما بدأت المفوضات مع سوريا تلخص الاختلاف في ان تكون الحدود السورية الاسرائيلية على خط مياه الشاطئ الشرقي لبحيرة طبريا، كما تطالب سوريا، او على بعد خمسين مترا، عن خط الشاطئ، كما تطالب اسرائيل.
ـ كانت منظمة التحرير الفلسطينية «منظمة إرهابية» حسب قرار الحكومة الاسرائيلية والكنيست الاسرائيلي، وتم تجريم وسجن من يتصل معها، ثم تم رفض التفاوض المباشر معها في مدريد عام 1991، وتم اختيار «مُحلّلٍ» اردني، ولحق بذلك مفاوضات مباشرة في اوسلو، ومصافحات في حديقة البيت الابيض/الاسود الأمريكي في واشنطن في ايلول/سبتمبر عام 1993.
اذا كان هذا هو الحال مع اسرائيل ذاتها، فماذا يعني لنا، وما هو وزن، وكم هي مدة صلاحية اعتراف او عدم اعتراف ترامب وادارته بالقدس عاصمة لاسرائيل؟.
ثم، يعيبون على السياسة الفلسطينية انها لا تطبق فوريا قرارات «المجلس المركزي الفلسطيني»، وينسون، على سبيل المثال، ان قرار الكونغرس الأمريكي بالاعتراف بمدينة القدس عاصمة لاسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية اليها، قد تم اتخاذه سنة 1995، وظل الرؤساء الأمريكيون يمددون عدم التطبيق على مدى 22 عاما، إلى ان جاء «وعد ترامب»، الذي لم يقر حدودا لما يسميه «مدينة القدس»، ولم يحدد موعدا محددا لنقل السفارة اليها.
اقول: الدنيا بخير. إذ بعد اقل من اربع وعشرين ساعة فقط، من اعلان أمريكا خصم 65 مليون دولار من حجم مساهمتها في دعم الأونروا، اعلنت بلجيكا امس عن تقديم 23 مليون دولار للأونروا، وهذه بداية فقط.
لا استخف مطلقا بـ»وعد ترامب». لكن لا يجوز لنا الارتجاف خوفا. ما تم حتى الآن من رفض رسمي له، على الصعيد السياسي والدبلوماسي على الساحة الدولية، واهم من ذلك: الرفض الشعبي الجماهيري الفلسطيني له، يشكل، في نظري، تأكيدا على ان الدنيا بخير، وان لا مبرر للنواح واليأس.

القدس العربي  2018-01-19




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
مواضيع شبيهة
يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد