الأونروا عقبة أمام السلام
جي بي سي نيوز :- طبيب يبحث عن علاج للمرض ملزم بأن يُشخص السبب. وإحدى المصاعب المركزية في الطريق إلى حل النزاع بيننا وبين الفلسطينيين هي وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، الأونروا، التي كانت أقيمت بشكل حصري للعناية باللاجئين الفلسطينيين فقط، وهي تُخلِّد وَهْمَ العودة.
تُعنى وكالة اللاجئين العالمية في الأمم المتحدة، UNHCR، في السنوات الأخيرة بنحو 66 مليون لاجئ حقيقي من الحروب الأهلية، النزاعات المضرجة بالدماء والكوارث الطبيعية. وبالتوازي، فإن الأونروا التي أقيمت على نحو خاص للاجئين الفلسطينيين حين كانوا نحو 700 ألف فقط، تعنى اليوم ظاهرا بـ 5.3 مليون نسمة تُعرِّفهم لاجئين، ولكن ليس بينهم وبين اللجوء إلا صلة مصادفة تمامًا.
قسم من اللاجئين لا يوجدون على الإطلاق. فالإحصاء السكاني الأخير في لبنان وجد أن ثلثي عدد اللاجئين الذين تبلغ الوكالة عنهم، ببساطة وهميين. 300 ألف نسمة، لا يوجدون إلا في تقارير الوكالة، أما في الواقع فقد اختفوا. واضح أن للوكالة مصلحة في تضخيم الأعداد ـ فهم يصنعون من هذا عملا جيدا. ميزانيتهم للاجئ أكبر بأربعة أضعاف من ميزانية وكالة الأمم المتحدة للاجئين: 246 دولارا مقابل 58.
ولدت الأونروا بالخطيئة وتعيش بالخطيئة. المنظمة تخلد مسألة اللاجئين الفلسطينيين، تمنع الوصول إلى تسوية سياسية، تسهم في التحريض المناهض لإسرائيل وتمس العناية باللاجئين الحقيقية.
طالما وجدت الأونروا، فإننا نحكم على أنفسنا ليس فقط بغياب التسوية في الحاضر، بل ونظمن أنه حتى بعد عشر او عشرين سنة، حين يصل تلاميذ الأونروا الحاليين إلى الرشد بعد سنوات من التحريض ألا يكون عندها أيضا أي تغيير إيجابي. ينبغي النظر إلى المصلحة الإسرائيلية بعيدة المدى وكذا لمصلحة كل من يريد الوصول إلى تسوية سلام في المستقبل.
العالم يعرف هذا، إسرائيل تعرف هذا، ولكن كان مريحا للجميع الجلوس جانبا وعدم عمل أي شيء لإصلاح هذا الخلل التأريخي. إلى أن جاءت إدارة ترامب وقالت بشكل واضح إن الأونروا هي جزء من المشكلة ولا يمكنها أن تكون جزءا من الحل.
عندما أعلنت الولايات المتحدة أنها تفكر بوقف التمويل الأمريكي للوكالة، كان يتعين على إسرائيل أن تتبنى الاقتراح بكلتي اليدين. الرد الإسرائيلي، الذي عكس نهج جهاز الأمن، كان مترددا ومتلعثما؛ فقد عبر عن قصر نظر وتفضيل الهدوء في المدى القصير الذي من شأننا جميعا أن ندفع ثمنه غاليا في المدى المتوسط والبعيد.
يخشى جهاز الأمن من عدم الاستقرار، إذا ما توقف التمويل للوكالة. وبرأيي، توجد منظمات في الأمم المتحدة تعمل منذ الآن في الميدان مثل الـ UNDP، وكالة التنمية، وUNOP، يمكنها بشكل سريع نسبيا أن توفر الخدمات الإنسانية. فالكثير من الفلسطينيين الذين يتلقون المال والخدمات من الأونروا لن يذرفوا أية دمعة إذا ما تلقوا هذه المساعدة من جهة أخرى لم تقم بتلقينهم. هل هذا سهل؟ لا. هل بعض حجج جهاز الأمن منطقيا؟ نعم. ولكن هذه نظرة إلى المدى القصير. عندنا هنا قنبلة متكتكة، وإذا لم نفككها الآن، فإنها ستتفجر لنا في الوجه في المدى البعيد.
نحن نقف في مفترق تأريخي. فالإدارة الأمريكية تجلب تفكيرا جديدا بالنسبة للأمم المتحدة وللشرق الأوسط، وليست مستعدة لأن تمول منظمات تعمل ضد الأمن القومي الأمريكي. في حالة الأونروا، هذه منظمة تعمل بخلاف المصلحة الأمنية القومية لدولة إسرائيل، وكل من مع التسوية السلمية في المنطقة. وسيكون إغلاق الأونروا خطوة أولى في الطريق إلى شفاء المريض قبل أن يصبح المرض خبيثا.
إسرائيل اليوم 2018-01-15
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews