الفلسطينيون واسرائيل ـ التصعيد هو الحل!
جي بي سي نيوز :- المطر الجارف الذي هطل في إسرائيل في نهاية الأسبوع الماضي أوقف لبضعة أيام التنقيط من غزة. وكأن بمطلقي الصواريخ في القطاع يخافون رذاذ المطر أكثر من رد فعل إسرائيل على تنقيط الصواريخ.
في يهودا والسامرة أيضا سجل انخفاض في حجم المظاهرات التي نشبت ـ ولعلها نظمتها السلطة الفلسطينية ـ احتجاجا على إعلان ترامب عن القدس عاصمة إسرائيل. ومن السابق لأوانه التقدير إذا كان الحديث هنا أيضا يدور عن خوف من المطر أم لعل الشارع الفلسطيني افتقد الاهتمام والرغبة في الاستجابة لدعوات السلطة الفلسطينية لمواصلة المواجهات مع جنود الجيش الإسرائيلي.
ولكن بضعة أيام من «الهدوء المضلل»، على حد تعبير رئيس المخابرات في لجنة الخارجية والأمن، لا تغير حقيقة أن عصر التهدئة في المناطق ولا سيما على طول حدود القطاع، يوشك على الانتهاء، وربما انتهى منذ الآن.
التصعيد الميداني، حتى وإن كان بطيئا ومتدرجا، يكمن في الواقع السياسي الفلسطيني الداخلي، وللدقة في المأزق سواء الذي وصلت إليه حركة حماس في القطاع أم السلطة الفلسطينية في مناطق الضفة. فقد اهتمتا في الأشهر الأخيرة أساسا بالمناورات السياسية الداخلية، مثل تغيير قيادة حماس أو المحاولة العقيمة لتحقيق الوحدة بين غزة ورام الله.
ولكن يخيل أن الإمكانات التي فتحت بالذات أمام حماس وأمام السلطة للتحرك إلى الأمام، هي التي أدت إلى معمعان نهايته اندلاع العنف والخوف من الاشتعال. ففي واشنطن يعنى فريق الرئيس ترامب ببلورة مبادرة أمريكية لحل النزاع. فلو تعلم الفلسطينيون تجربة الماضي، لكانوا رأوا في مبادرة ترامب، مهما كانت إشكالية بالنسبة لهم، فرصة ذهبية للتقدم نحو تحقيق قسم من أهدافهم في الأقل. ولكن بدلا من قبول الخطوة الأمريكية بأذرع مفتوحة «أعلنوا الحرب» على ترامب والولايات المتحدة، وكأنه سيوجد أحد ما يوافق على استثمار المال والجهد لهم أكثر من واشنطن. وهكذا، بالضبط مثلما في صيف 2000، تضغطهم إمكانية التقدم نحو مسيرة سياسية، يعرفون أنهم سيكونون مطالبين فيها بتقديم المقابل والتنازلات، وتجلبهم إلى موقف رافض بل وحتى «هرب إلى الأمام» ـ نحو تسليم منضبط من شأنه ـ مثلما في الماضي ـ أن يخرج عن السيطرة.
حماس هي الأخرى تخاف مما سيأتي. فاتفاق المصالحة مع السلطة كفيل بأن يقلل ضغط الشارع الغزّي ويدفع إلى الأمام بالحل لمشاكل القطاع الاقتصادية. ولكن مثل هذا الاتفاق من شأنه أن يسحب البساط من تحت الحكم المنفرد لحماس. كما أن استمرار الهدوء على الحدود مع إسرائيل من شأنه، كما يخشون في حماس، أن يضعف الحركة في مواجهة خصومها من الداخل، وهكذا، برغم أنه تنطلق من غزة أصوات تؤيد الحركة إلى الأمام نحو المصالحة الفلسطينية الداخلية ومع استمرار الحفاظ على الهدوء على طول الحدود، تتحرك حماس عمليا إلى الوراء. وهي تترك لفروعها في الضفة العمل على العمليات ضد إسرائيل؛ والأخطر من هذا، لا تقف ضد تلك الفصائل، بما فيها الجهاد الإسلامي، ممن ينقطون تحت عينيها شبه المغمضتين الصواريخ نحو إسرائيل.
إن الرأي السائد في إسرائيل هو أن المصلحة الإسرائيلية تستدعي ترك حماس مواصلة السيطرة في القطاع، كونها مصدر القوة الوحيد القادر على الحفاظ على التهدئة على طول الحدود. ثمة منطق ظاهر في فرضية عمل كهذه، غير أنه ينبغي الأخذ بالحسبان أن فرضيات مشابهة انهارت غير مرة في الماضي، مثلما في لبنان حيث فضلت إسرائيل الهدوء على استمرار الاحتكاك على طول الحدود. وكان ثمن هذا الهدوء، هو أن التهديد على المواقع العسكرية والبلدات في شمال البلاد ازداد وتطور ليصبح تهديدا استراتيجيا على عموم أراضي إسرائيل.
في ضوء المأزق الذي يوجد فيه الفلسطينيون، ولكن أيضا في ضوء الإمكانات التي تنفتح أمامهم ظاهريا ـ والتي اختاروا أن يردوها ردا باتا ـ فإن الهرب نحو التصعيد المنضبط هو الحل الأمثل الذي اختاروه. في مثل هذا الوضع من الصعب الحفاظ على الوضع الراهن. وسيتعين على إسرائيل التفكير «من خارج العلبة»، كيفية الحفاظ على الهدوء في أراضيها وعلى طول حدودها، ولا سيما أن تسأل نفسها هل حكم حماس في غزة (وسيكون من يقول أيضا حكم السلطة في الضفة) هو الحل أم ربما المصدر للمشكلة.
إسرائيل اليوم 2018-01-11
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews