جثامين المخربين… ما هو مسموح لأوباما
جي بي سي نيوز :- في ايار 2011 تمكنت قوات أمريكية خاصة من تصفية أسامة بن لادن، ولم تعد جثته إلى عائلته. فقد ألقي بها إلى البحر فاختفت بين أمواجه. كل هذا حصل في عهد باراك أوباما، أحد الرؤساء الأكثر ليبرالية في تأريخ الولايات المتحدة، الذي أقر العملية، بل والطريقة التي عولجت فيها جثة المخرب أيضا. ولحظ اوباما فإنه لا يعيش في دولة محكمة العدل العليا، والمحاكم في الولايات المتحدة لم تهاجمه بدعوى أنه يعمل خلافا للقانون الدُّولي الوهمي على أيدي الإرهابيين وعلى أيدي التيار الراديكالي الذي يدعي حقوق الانسان، ولكنه يمس بها عمليا.
في إسرائيل أيضا كان هناك من قرر حرق جثة آيخمان ونثر رماده في البحر. أما اليوم فنحن نعيش في دولة محكمة العدل العليا التي انقطعت عن المنطق وتشعر بالحرية لايجاد «قوانين» في كل شأن، حتى وإن كانت منقطعة عن الواقع. هكذا أمرت محكمة العدل العليا مؤخرا، بأغلبية الآراء، باعادة جثامين المخربين إلى عائلاتهم، بينما تحتجز حماس جثامين جنودنا. في الصفقات التي تمت في الماضي مع منظمات الإرهاب أعيدت جثامين المخربين التي احتجزتها إسرائيل، ولكن إسرائيل درجت على أن تعيد إلى العائلات معظم جثامين المخربين التي في أيديها. أما اليوم فهي تحتفظ بجثامين عدد من المخربين، من سكان الضفة، معنية حماس بهم.
رأي الأغلبية في محكمة العدل العليا تحدث باستطالة عن القانون الدُّولي، برغم أنه لا يمكن أن نجد أي مثال على ذلك في أن دولة ما كانت ملزمة بأن تعيد جثث مخربين، بينما رفض الإرهابيون تحرير جثث جنودها. فقد أشار القاضي هندل، في رأي الأقلية المنطقية، إلى أنه من الواضح بأنه «ليس في القانون الدُّولي الإنساني أو في قانون حقوق الإنسان الدُّولي حظر على احتجاز جثامين في إطار المواجهة المسلحة». وخفت حدة القرار الإشكالي في أنه منحت الكنيست ستة أشهر كي تشرع قانونا يرتب الموضوع. واضح أن القانون نفسه سيصل إلى محكمة العدل العليا بدعوى أنه «غير دستوري»، ولا يمكن أن نعرف ماذا ستقرر. يمكن الافتراض فقط بأن هذا سيكون قرارا طويلا ومنمقا.
ولكن لِمَ نحتاج إلى قانون في موضوع مفهوم من تلقاء ذاته هو من صلاحية الحكومة، مثلما هو واضح أن الرئيس الأمريكي مخول في أن يقرر ماذا يتم بالنسبة لجثة ابن لادن؟ في هذا السياق أذكر قرارا عني بتعليمات من رئيسة العليا في موضوع ترفيع القضاة إلى الهيئات القضائية العليا. أحد أبدا لم يمنح رؤساء العليا الصلاحية لإصدار التعليمات، ولكن محكمة العدل العليا قضت بأن من صلاحية الرئيسة «توجيه جمهور القضاة بالنسبة لسلوكهم حيال أعضاء اللجنة لانتخاب القضاة كامن في مجرد منصبها». وبالفعل، يوجد لرئيس العليا «صلاحيات كامنة»، وللعليا نفسها توجد صلاحيات كامنة للخروج عن صلاحياتها والانشغال بمواضيع ليست قابلة للمحاكمة. الحكومة فقط ليس لها صلاحيات كامنة غير الصلاحيات لأن تستجدي محكمة العدل العليا بأن تسمح لها بالعمل، وحتى هذا فقط إذا ما سمح لها المستشار القانوني بعمل ذلك.
لاستكمال الصورة أذكر قرارا جديدا آخر صدر في التماس رجال حماس ضد سحب الإقامة الدائمة منهم في شرق القدس، إقامة تمنح فضائل عديدة، على رأسها التأمين الوطني والتأمين الصحي. أكتفي بالتفاصيل بالنسبة لأحد الملتمسين، نائب البرلمان الفلسطيني عن حماس، الذي حرر من السجن في 2005 بعد أن قضى بالتراكم نحو 25 سنة في السجن. معلومات استخبارية اشارت إلى عودته إلى النشاط لدى حماس أدت إلى اعتقاله الإداري، الذي تحرر منه في ختام سنة.
لوزير الدفاع مُنح التفكير في سحب الإقامة بحجة «خرق الولاء». ولكن بأغلبية ستة ضد ثلاثة قررت العليا أنه برغم ما قيل في القانون، لم يكن الوزير مخولا لسحب الإقامة من رجال حماس. هذه المرة أيضا اعطيت للمشرع مهلة ستة أشهر لتشريع قانون جديد، ومرة أخرى لن أحاول التخمين ماذا سيكون مصير القانون، الذي لا بد سيصل إلى محكمة العدل العليا. أشير فقط إلى أنه احتاجت العليا 11 سنة كي تقرر في الالتماس، ولكنها لم تسمح للكنيست إلا بستة اشهر كي تشرع.
إن المسؤولية عن الفوضى القضائية في نظامنا، الذي في إطاره يمكن لحماس أن تحتفل، تقع أساسا على محكمة العدل العليا، ولكن أيضا على تلك الأحزاب التي تؤيد العبث الناشئ وكأن الحديث يدور عن «سلطة القانون»، في الوقت الذي نعيش النقيض التام.
يديعوت 2017-12-18
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews