هل سيستغل نتنياهو اللحظة التاريخية أم يضيعها؟
بحث مؤرخ النفس أريك أريكسون في الحالات غير الكثيرة التي يخلق فيها اللقاء بين مسار الحياة الشخصية والسياقات التأريخية «لحظة تأريخية»، يكون بوسع الزعيم فيها أن يؤثر في المستقبل حقًا. وبتقديري، يوجد نتنياهو في مثل هذه اللحظة، فرصة ذهبية لتصميم مستقبل إسرائيل تُجاه الازدهار الاجتماعي، الاقتصادي والقيمي، في ظل الحفاظ في الحد الأقصى على الأمن القومي. أما عدم استغلال هذه اللحظة التأريخية فسيكون مثابة قصور لا مغفرة له.
في تقدير جودة الزعماء السياسيين، فإن جودة نتائج أعمالهم، على المدى البعيد، هي المعيار الصحيح الأساس. فكل الشبهات والتحقيقات لنتنياهو لاغية باطلة، في رؤية قيمية متعددة الأجيال، موازنة بحسمه إذا كان سيستغل أم لا الفرصة الكامنة في اعتراف الرئيس الأمريكي بالقدس كعاصمة دولة إسرائيل، إلى جانب التأييد المبدئي لحل الدولتين.
لقد حان دور نتنياهو للفعل التأريخي، في ظل السير في المسار الذي خطه دونالد ترامب والتسامي على رواسب الماضي: على رئيس الوزراء أن يعلن أنه يتبنى حل الدولتين في إطار تسوية إقليمية شاملة، في ظل إقامة مثابة دولة فلسطينية في حدود متفق عليها، إعطاء مكانة مناسبة لممثلي الإسلام والمسيحية في القدس والتقدم الحقيقي نحو تطبيع علاقات إسرائيل مع الدول العربية، والكفاح المشترك ضد أعداء السلام ومؤيدي الإرهاب.
حتى لو كان هذا الفعل يضعضع مكانة نتنياهو السياسية لدرجة المخاطرة بخسارة الحكم، فلا يزال ملقى عليه واجب اتخاذه. ولكن ليس هذا هو الوضع، بل العكس: إعلان ترامب، برغم كل الاحتجاجات، يعزز حقا وضع إسرائيل السياسي. وهذا الإنجاز سيسجل، وعن حق، في مصلحة رئيس الوزراء، سيرسخ مكانته السياسية ـ الجماهيرية وسيلجم معارضيه. هكذا سيمنح حرية العمل اللازمة لمبادرة سياسية جريئة، حتى لو استوجب الأمر انتخابات جديدة، يقف فيها على رأس «حزب أعلى»، يؤيد السير السريع نحو تسوية شرق أوسطية، بما في ذلك اتفاق مع الفلسطينيين تبعًا لترتيبات أمنية مناسبة.
إن القرار فيما إذا كان سيستغل إيجابا اللحظة التأريخية أم يضيعها هو قرار نتنياهو وقراره وحده فقط، وعلى مسؤوليته.
هآرتس 2017-12-12
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews