Date : 18,04,2024, Time : 04:44:11 PM
2208 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: السبت 06 ربيع الأول 1439هـ - 25 نوفمبر 2017م 12:32 ص

29 تشرين الثاني… سيادة وتقسيم

29 تشرين الثاني… سيادة وتقسيم
هآرتس

جي بي سي نيوز :- قرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة في 29 تشرين الثاني /نوفمبر 1947 بشأن إقامة دولتين، يهودية وعربية، في أرض إسرائيل هو الانجاز البارز للحركة الصهيونية. للمرة الأولى حظيت الصهيونية باعتراف مهم بحق الشعب اليهودي بالسيادة والاستقلال في وطنه التاريخي. ولكن هذا القرار كان يرتبط بحبل سري في أساس التقسيم: الاعتراف بحق تقرير المصير لليهود اقترن بالحق الموازي للسكان العرب في البلاد لإقامة دولة في جزء من الأرض الانتدابية. برغم أن أية حركة من الحركتين القوميتين لم تحظ بكل ما طلبت، إلا أنه خصص لهما مكان تحت الشمس. إن من يحتفل فقط بالاعتراف بحق اليهود في السيادة ويتجاهل مبدأ التقسيم ـ دولتان لشعبين ـ يكذب على نفسه ويشوه ذاكرة التاريخ.
حقيقة أن قرار التقسيم لم يحل النزاع بين الحركتين القوميتين تنبع من عدم استعداد العرب للموافقة على مبدأ التقسيم. موقف «كلها لي» دفعهم لشن حرب، ليس فقط ضد إسرائيل، بل ضد قرار الأمم المتحدة وتسبب بالنكبة. عدم استعداد الفلسطينيين للاعتراف بالخطأ السياسي والأخلاقي الذي ارتكبوه برفض التقسيم يشكل الآن أيضا حجر عثرة في طريق التوصل إلى مصالحة تاريخية بين الحركتين القوميتين. 
الاستعداد الصهيوني للموافقة على قرار التقسيم هو العامل الأساسي للتأييد الدولي لإقامة الدولة والاعتراف بها من معظم الدول الديمقراطية في العالم، وقبول إسرائيل في الأمم المتحدة، وبموازاة ذلك الإدانة الشديدة في الأمم المتحدة للعداء العربي في 1947 و1948.
ولكن السياق التاريخي الذي جعل الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي تؤيدان إقامة الدولة اليهودية في بداية الحرب الباردة هو سياق معقد، وتوجد له تداعيات على مكانة إسرائيل الدولية الآن أيضا.
حسب الرأي السائد، بعد الكارثة كان في العالم شعور بالذنب تجاه اليهود، وهو الذي أدى إلى تأييد إقامة الدولة اليهودية. هذا صحيح بالطبع، لكن يجب رؤية الأمور بصورة متزنة: الآن ينسون أنه بعد سنتنين من الحرب فإن الوعي بخصوصية الكارثة ـ إبادة مخطط لها لسكان مدنيين بهدف إبادة شعب ـ لم ينتشر حتى ذلك الوقت بصورة كافية في الرأي العام العالمي، وقتل ستة ملايين إنسان، اعتبر أحيانا أحد أضرار الحرب، وليس حدثا فريدا في كارثيته. في محاكمات نيرنبرغ لم تذكر الكارثة تقريبا، وفي جزء من الخطابات التي ألقيت في الجمعية العمومية للأمم المتحدة خلال النقاش حول مستقبل أرض إسرائيل. كانت هناك خطابات في الجمعية العمومية مؤثرة في عدد من ممثلي الدول الصغيرة في أمريكا اللاتينية. خطابات خورخيه غارسيا غراندوس من غواتيمالا وارنيكا فبرغت من الاورغواي حظيت بالتقدير من قبل الجاليات اليهودية في البلاد وفي الخارج. ولكن من الواضح أن دولا عظمى مثل الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي لم تحدد سياستها في حينه ـ وحتى الآن لم تحددها ـ فقط بسبب الشعور بالذنب أو تبريرات أخلاقية.
الاعتبارات الأمريكية برئاسة الرئيس هاري ترومان كانت مركبة، وليس هناك شك أن نشطاء يهود ـ ومنهم حاييم وايزمن ـ نجحوا في تجنيد التأييد في أوساط الإدارة والحزب الديمقراطي. ولكن التأييد الأمريكي لأهداف الصهيونية بدأ بالسماح لمئة ألف من الناجين من الكارثة بالهجرة إلى أرض إسرائيل ـ في أعقاب توصيات لجنة التحقيق الأنجلو أمريكية بشأن أرض إسرائيل في عام 1946. هذا الطلب الأمريكي كان تحديا للحكومة البريطانية التي بعد الحرب العالمية أيضا تمسكت بسياسة الكتاب الأبيض وأغلقت أبواب أرض إسرائيل أمام الهجرة اليهودية. هذا الموقف كان مرتبطا بالتوجه الأمريكي التقليدي المناهض للامبريالية، الذين طمحوا إلى تقليص نفوذ بريطانيا في العالم، ولهذا دعموا أيضا استقلال الهند.
إن طلب السماح بهجرة مئة ألف يهودي إلى أرض إسرائيل لم يكن منفصلا عن سياسة الهجرة إلى الولايات المتحدة، الذي تم سنّه في العشرينيات بإلهام من الأيديولوجيات العنصرية الفاضحة، وخصصت حصص ضئيلة للهجرة من الولايات غير الأنجلو سكسونية أو الشمالية. وقد تم تحديد الحصص حسب مسقط رأس طالب الهجرة، لهذا فإن أغلبية اللاجئين من بولندا لم يكن لهم أي أمل في الوصول إلى الولايات المتحدة. وقد تمت محاولات من جانب يهود وغيرهم لتغيير الحصص، لكنهم ووجهوا بمعارضة شديدة في الكونغرس. ويجب علينا التذكر أنه في ذلك الوقت كان جزء كبير من قاعدة دعم الحزب الديمقراطي توجد في الولايات الجنوبية المعروفة بعنصريتها ـ الأمر الذي كان يجب على ترومان أخذه في الحسبان. في المقابل، استخدمت عليه ضغوط لتخفيف معاناة اللاجئين في المعسكرات في ألمانيا. معظم المعسكرات كانت في منطقة الاحتلال الأمريكي، ووجودها سبب قدر لا بأس به من المشكلات في العلاقات بين السلطات الأمريكية والسكان الألمان. لذلك طلبت الولايات المتحدة حل هذه المشكلات عن طريق توجيه اللاجئين إلى أرض إسرائيل.
حظيت الولايات المتحدة وترومان، بحق، بالتقدير من جانب اليهود على تأييدهم هجرة مئة ألف يهودي إلى أرض إسرائيل، التي تم رفضها من قبل حكومة حزب العمال البريطانية بقيادة كليمن اتيلي وآرنست بيفن، الأمر الذي أدى في نهاية المطاف إلى طرح موضوع استمرار الحكم البريطاني في أرض إسرائيل في هيئة الأمم المتحدة، التي ورثت عصبة الأمم المتحدة. حقيقة أنه ليس فقط التبريرات الإنسانية هي التي وجهت السياسة الأمريكية، بل أيضا اعتبارات سياسية داخلية، لا تقلل من الأهمية السياسية والأخلاقية المرافقة لها.
الدعم السوفييتي لإقامة دولة يهودية وتقسيم البلاد كان أكثر تعقيدا، وكل جوانبه ليست واضحة حتى الآن. منذ العشرينيات تبنى الاتحاد السوفييتي موقفا رافضا للصهيونية، وهو يرى فيها «حركة برجوازية» تناقض المبادئ العالمية للأيديولوجيا الشيوعية.
النظام في الاتحاد السوفييتي رأى في الشعب اليهودي الذي يعيش في الدولة أحد مؤيديه الأساسيين، ليس بسبب ميل اليهود الأصيل للشيوعية، بل بسبب أن نظام الحكم السوفييتي كان الكابح المهم الوحيد لرجعية القوى «البيضاء»، التي تعارض الثورة الشيوعية برؤيتها اللاسامية التقليدية. 
من الواضح أن الدور البارز الذي لعبه اليهود في القيادة السوفييتية في بداية طريقها (تروتسكي، كامينيف، زنوفييف، سباردلوف، رادك) الذين اعتبروا الشيوعية ـ وليس الصهيونية ـ الحل للاسامية، أسهم في العداء للمشروع الصهيوني.
نتيجة ذلك، وبسبب السياسة المناهضة للامبريالية السوفييتية العامة، دعم الاتحاد السوفييتي الحركة القومية العربية، الأمر الذي أدى بها أحيانا إلى تأييد قواعد محافظة ودينية ورجعية بشكل واضح (مثل مفتي القدس)، بسبب معارضتهم البريطانيين. أحزاب شيوعية غربية، بما في ذلك أعضاؤها اليهود، كانوا شركاء في هذه المقاربة. 
الحرب العالمية الثانية أدت بالتدريج إلى تغيير هذه المقاربة، الذي كانت ذروته في خطاب سفير الاتحاد السوفييتي في الأمم المتحدة، اندريه غروميكو، في 14 أيار 1947، الذي أظهر فيه التأييد لإقامة دولة يهودية في أرض إسرائيل وحل ضائقة اليهود في أوروبا. بشكل عام كالعادة، أن يعزوا دعم الاتحاد السوفييتي لإقامة الدولة اليهودية إلى أن الجهة الوحيدة التي حاربت في حينه الامبريالية البريطانية في المنطقة كانت الحاضرة اليهودية في البلاد، في حين أن كل الأنظمة العربية المحافظة كانت تحت رعاية وحلفاء الامبريالية البريطانية (مصر، العراق، شرق الأردن). أو الفرنسية (سورية ولبنان). 
إضافة إلى ذلك يطرح ادعاء أحيانا أن السوفييت اعتقدوا أن النفوذ الاشتراكي في الحاضرة اليهودية سيؤدي بالدولة اليهودية إلى التقارب السياسي من الاتحاد السوفييتي في ظل الحرب الباردة الآخذة في التبلور.

الموقف السوفييتي

ولكن من الوثائق السوفييتية والصهيونية التي نشرت بعد انهيار الاتحاد السوفييتي تظهر صورة معقدة أكثر أهمية. في شباط 1941 حاول وايزمن، الذي كان مقره في لندن، إجراء اتصالات مع الحكومة السوفييتية بوساطة السفير السوفييتي في بريطانيا، ايفان مايتسكي. ولكن برغم أنهما أجريا محادثة لطيفة ومهذبة، التي كانت الاتصال السياسي الأول بين زعيم صهيوني وسفير سوفييتي، إلا أنه لم تكن أي نتائج لتلك المحادثات. في التقرير الذي أرسله مايتسكي لموسكو (وهو يهودي مثل الكثيرين من السفراء السوفييت في حينه) امتدح حقيقة أن وايزمن يتحدث الروسية بطلاقة، برغم أنه غادر روسيا منذ عشرات السنين. كما أشار مايتسكي إلى أن وايزمن قال في نهاية الأمر إن هتلر سيهزم ـ وهي مقولة تطلبت الكثير من شجاعة وايزمن إزاء حقيقة أنه في أعقاب اتفاق ريبندروف ـ موليتوف، فإن ستالين كان لا يزال حليفا لهتلر وشريكا في مهاجمة بولندا وتقسيمها بين ألمانيا النازية والاتحاد السوفييتي الشيوعي.
الغزو الألماني للاتحاد السوفييتي في حزيران 1941 سنح للحركة الصهيونية فرصة تنفيذ عملية من عملياتها الدبلوماسية البارزة في تاريخها. للمرة الأولى سنحت فرصة لإجراء اتصالات مع الاتحاد السوفييتي، حيث أن الاتحاد السوفييتي والحركة الصهيونية أصبحا الآن في معسكر واحد في الحرب ضد النازية. في عواصم مختلفة أجرى زعماء صهاينة اتصالات مع سفراء سوفييت، وبهذه الطريقة سمعت القيادة السوفييتية للمرة الأولى عن الصهيونية من زعماء صهاينة. هذا الأمر خلق ثورة مهمة في الوعي، لأنه حتى ذلك الحين المعلومات التي كانت لدى موسكو عن الصهيونية جاءت من مصادر عربية أو من يهود شيوعيين في الاتحاد السوفييتي والغرب، الذين كانوا بطبيعتهم مناهضين للصهيونية.
في الأعوام 1941 ـ 1945 التقى دافيد بن غوريون وناحوم غولدمان وعمانوئيل نيومن والياهو افيشتاين (ايلات) سفراء سوفييت في لندن وواشنطن وأنقرة ومكسيكو سيتي. وقد نقلوا لهم معطيات حول الحاضرة اليهودية في البلاد وعن تجندها للمشاركة في جهود الحرب وعن إرسال المعدات من البلاد إلى الاتحاد السوفييتي وعن البنية الاقتصادية في البلاد. عندما علم وايزمن في أيار 1943، وهو خبير في إجراء العلاقات الدولية، أن ادوارد بينيش، رئيس حكومة المنفى لتشيكوسلوفاكيا في لندن، سيسافر إلى موسكو من أجل مقابلة ستالين، نجح وايزمن في إرسال رسالة معه إلى الرئيس السوفييتي، التي فصل فيها قدرة الاستيعاب في أرض إسرائيل والجالية اليهودية والطابع التقدمي، حتى أنه ذهب أبعد من ذلك وعقد مقاربة اشتراكية بينها وبين الاتحاد السوفييتي.
إن قراءة الوثائق السوفييتية والصهيونية حول هذه اللقاءات ممتعة. المتحدثون الصهاينة لم يحاولوا إقناع من تحدثوا معهم أن الصهيونية محقة ـ لكنهم حاولوا إقناعهم أنهم هم وليس العرب، الحلفاء الطبيعيين للاتحاد السوفييتي في المنطقة. وقد ذهب افيشتاين بعيدا في لقاءاته في ربيع 1943 مع السفير السوفييتي في تركيا، سيرجيه فينوغرادوف: افيشتاين قال له إنه أصبح واضحا الآن من دون شك أن السياسة السوفييتية في دعمها للحركة القومية العربية كانت مخطئة، لأن هذه الحركة ـ مثلا في أرض إسرائيل وفي العراق ـ تبين أنها تؤيد النازيين، وأن الحاضرة اليهودية هي الجهة التقدمية الوحيدة في المنطقة. في رسالته برر فينوغرادوف بلغة ضعيفة: «هذه السياسة كانت انحراف تروتسكي».
يتبين من هذه اللقاءات أن السوفييت أظهروا الاهتمام الكبير بالقدرة الاستيعابية للبلاد، وبناء على طلبهم أرسل إلى موسكو من لندن ومن القدس عدد من التقارير الإحصائية والاقتصادية. من الواضح أن اهتمام السوفييت بموضوع قدرة الاستيعاب للبلاد اشار إلى تغيير في توجه السوفييت، وجاء كرد على ادعاءات العرب التقليدية بأن البلاد لا يمكنها استيعاب هجرة جماعية. في 1943 وصل إلى البلاد بشكل مفاجئ السفير السوفييتي في لندن مايتسكي في طريقه من بريطانيا إلى موسكو. وقد التقى مع ابن غوريون واليعيزر كابلان، الذي كان رئيس القسم الاقتصادي في الوكالة اليهودية. وقد أخذا مايتسكي في جولة في كيبوتس في جبال القدس، وأجابا بالتفصيل عن اسئلته بشأن القدرة الاستيعابية للبلاد. وبناء على طلبه كتبا مذكرة مفصلة حول الموضوع.
لا توجد لدينا معلومات حول النقاشات الداخلية في المكتب السياسي السوفييتي بشأن هذه المواضيع: الوثائق التي نشرت هي فقط رسائل دبلوماسية، وليست تقارير عن نقاشات داخلية. ولكن الأسئلة المتكررة عن القدرة الاستيعابية تبرهن على اتجاهات التفكير السوفييتي، التي هدفت إلى الحصول على إجابات براغماتية عن أسئلة تتعلق بالهجرة اليهودية إلى البلاد.
نظرة ممتعة لعمليات التفكير هذه يمكن ملاحظتها في تقارير ناحوم غولدمان حول لقاءاته في الأعوام 1942 ـ 1944 مع قسطنطين امنسكي (من أصل يهودي)، سفير الاتحاد السوفييتي في واشنطن في حينه وبعد ذلك في المكسيك. غولدمان بسحره ودبلوماسيته وموهبته في التحدث نجح في جعل امنسكي، في لقاء في آب 1944، يرمز إليه (بصورة شخصية كيهودي) بأنه بعد الحرب ستكون مشكلة كبيرة في شرق أوروبا مع اليهود الناجين من الكارثة، وأن هذا الأمر يقلق السوفييت: هذه كانت إشارة واضحة على أن اللاسامية في شرق أوروبا، لا سيما في بولندا، ستصعب على إعادة إسكان الناجين في بلادهم التي جاءوا منها. وأضاف امنسكي بأنه في موسكو تجرى نقاشات عميقة بشأن اليهود، وأنه سيتم اتخاذ قرارات مهمة في هذا الشأن ـ إشارة أولى إلى تغيير محتمل في السياسة السوفييتية، التي ستجد تعبيرها الحاسم في خطاب غروميكو في 1947. من الجدير أن نذكر أنه في خريف 1943 خلف غروميكو امنسكي كسفير للاتحاد السوفييتي في واشنطن. وكان غولدمان من الأوائل الذين طلبوا الالتقاء معه. مع إشارته إلى أنه ليس لديه شيء محدد لبحثه معه، لكنه «يرغب في الحفاظ على العلاقة». في التقرير الذي أرسله إلى الإدارة الصهيونية أشار غولدمان إلى أن غروميكو صحيح أنه شاب، لكنه مؤهل ومستعد للاستماع.

إنجازات دبلوماسية

إن فتح نافذة على القيادة السوفييتية في أثناء الحرب كان أحد الانجازات المهمة جدا للدبلوماسية الصهيونية. وهذا الأمر تم بتعقل ومن خلال تشخيص المصالح المشتركة وبتواضع: أي زعيم صهيوني لم يتفاخر أو يتبجح بالعلاقة الممتازة مع موسكو، لكن تم إرسال تقارير مفصلة للإدارة الصهيونية، حتى أن خطاب غروميكو في 1947 فاجأ القيادة الصهيونية. البذور التي زرعت نبتت بعد حين.
هكذا نشأت الأرضية للاتفاق بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي التي أدت إلى تأييد الدولتين العظميين لقرار التقسيم. ومثلما هي الحال في قضية تصريح بلفور تشابكت هنا مصالح مركبة لسياسة داخلية وسياسة خارجية، إلى جانب قدرة كبيرة للقيادة الصهيونية على تطوير دبلوماسية عقلانية أيضا في غياب دولة. لقد كان للحركة الصهيونية قادة فهموا أن من المهم استغلال اللحظة السياسية المناسبة في الأزمات أيضا. وأن تشخيص المصالح حتى لو كانت غير متشابهة يمكن أن تكون متطابقة، وعرفوا أن العدل الشخصي ليس من الضروري أن يكون مقنعا، وأنه يجب عدم التفاخر والتبجح علنا، بل العمل الصعب اليومي لنسج العلاقات والاستثمار على المدى البعيد، لأنه أحيانا يكون الخير في الأمر المخفي عن العين. ليست كل حركة سياسية، ولا كل دولة، حظيت بزعماء مثل هؤلاء الذين حظيت بهم الحركة الصهيونية في الأوقات الصعبة لشعب إسرائيل. لا يمكن تجاهل الحقيقة الصعبة وهي أنه لو كانت للحركة الفلسطينية في ذلك الحين قيادة لها نفس القدرات، ولم تخطئ في تقدير عدالتها الذاتية واستخدام العنف، لكانت قامت الدولة الفلسطينية في 1948 إلى جانب إسرائيل: كان الشعبان لن يجرا إلى الحرب، ولم تكن النكبة لتحدث، ومشكلة اللاجئين لم تكن لتنشأ، ووجه الشرق الأوسط كان سيكون مختلفا.
في نظرة إلى الوراء، من الواضح أنه لو لم تتبن القيادة الصهيونية مبدأ التقسيم، فإن الأمم المتحدة لم تكن لتدعم إنشاء الدولة اليهودية.
هذه هي الأمور التي يجب علينا تذكرها الآن: من يرفض تقسيم البلاد وحل الدولتين يقوم بتشويه شرعية دولة إسرائيل والمشروع الصهيوني. هذا وهم خطير، الافتراض أنه في نهاية الأمر ستحظى إسرائيل بالشرعية لمواصلة السيطرة على كل أرض إسرائيل. إن من يحتفل في 29 تشرين الثاني لا يمكنه تجاهل أن السيادة والتقسيم تقترن الواحدة بالأخرى.
يجب أن لا يكون شك بأن المجتمع الدولي اعترف بحق الشعب اليهودي في تقرير المصير والسيادة والاستقلال لأن الحركة الصهيونية وافقت على مبدأ المصالحة بين الحركتين القوميتين، الذي يكمن في فكرة تقسيم البلاد إلى دولتين قوميتين، يهودية وعربية. 
إن من يتوق الآن إلى استمرار سيطرة إسرائيل على ملايين الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، يضعضع أساس شرعية الصهيونية ودولة إسرائيل. ومثلما لم يكن بالامكان في 1947 الحصول على موافقة دولية على دولة يهودية في كل أرض إسرائيل، هكذا هو الأمر الآن، لا يمكن الحصول على موافقة كهذه، ومن لا يرى ذلك فهو يتنكر للواقع ويقوم بتضليل الجمهور.

هآرتس  2017-11-25




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
مواضيع شبيهة
يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد