«الجنجي» الذي حطم قلب ميركل
جي بي سي نيوز :- برلين ارتدت ملابس رمادية، ليس فقط بسبب لونها الشتوي. التفاؤل الذي ميزها في السنوات الأخيرة استبدل بالقلق الكبير على استقرار الدولة الأهم في أوروبا. الجميع يحاولون فهم ما الذي يحدث هناك ـ لِمَ انهارت محادثات الائتلاف في نهاية الأسبوع، وهل هذا سيكون نهاية عهد السيدة الحديدية الألمانية، المستشارة انغيلا ميركل. كريستين لندر، زعيم «اف.دي.بي» الملقب بالجنجي، حطم كما يبدو قلبها.
كان هناك من قاموا بتأبين الـ اف.بي.تي بالفعل، حزب الديمقراطية الحرة الألماني، الذي يدمج الليبرالية الاقتصادية مع رؤيا سياسية يمينية، سواء بالنسبة للاتحاد الأوروبي أو بالنسبة لموضوع اللاجئين، وذلك بعد عدم نجاح الحزب في الانتخابات الأخيرة باجتياز نسبة الحسم المطلوبة، 5 من مئة. ولكن الانتخابات التي أجريت في ألمانيا في أيلول نجح الحزب ليس فقط في اجتياز هذه النسبة، بل أيضا ضاعفها وحظي بـ 10.7 من مئة من الأصوات التي منحته 78 مقعدا في البوندستاغ. منذ اللحظة التي أعلن فيها مارتن شولتز، زعيم «اس.بي.دي» (الحزب الاشتراكي الديمقراطي)، الذي شارك في السنوات الأخيرة في حكومة الوحدة برئاسة ميركل، عن معارضة حزبه للمشاركة في حكومة ميركل القادمة، كان من الواضح أن جهود الزعيمة القديمة ستتركز في إقامة ائتلاف «جمايكا»: المسيحيون الديمقراطيون، الديمقراطيون الأحرار والخُضْر (التي ألوانها مثل ألوان علم جمايكا). كان يبدو أنه لن تكون صعوبات كبيرة أمام إقامة الائتلاف: الديمقراطيون كانوا سيستغلون انتصارهم والحصول على وزارة المالية، والخُضْر، الذين كانت هذه هي المرة الأولى لهم للمشاركة في محادثات ائتلافية مع اليمين على المستوى الفيدرالي، اتخذوا قرارا تاريخيا حاسما للمشاركة في هذه الحكومة، مع معرفتهم أن ميركل تحولت في السنوات الأخيرة إلى «خضراء أكثر فأكثر»، والمسيحيون الديمقراطيون كانوا على استعداد لدفع ثمن باهظ لضمان أغلبية لهم في مجلس النواب.
عندها انفرجت قنبلة سياسية. قبل فترة قصيرة من الموعد المحدد لإنهاء المحادثات أعلن لندر أن حزبه لا يمكنه الموافقة على ما تم عرضه عليه، لهذا لن يشارك في الحكومة القادمة. الخضر ابتهجوا، ووسائل الإعلام لم تعرف كيف أنها لم تتوقع هذا الاحتمال، والاشتراكيون الديمقراطيون ـ الذين قرارهم البقاء في حكومة ميركل يمكنه وضع حد للأزمة (لأنهم هم والمسيحيون الديمقراطيون سيشكلون أغلبية في البوندستاغ) ـ أعلنوا أنهم غير مستعدين لفحص خيار الوحدة الوطنية. انغيلا ميركل ـ كالعادة ـ لا تحاول أن تغطي بالكلام الجميل ما حدث: لقد فوجئت، وهي خائبة الأمل، وهي تقول في وسائل الإعلام إنها تفضل إجراء انتخابات جديدة.
ولكن لأن الدستور الألماني معد بالأساس لصد محاولات ضعضعة الديمقراطية، في أعقاب فظاعة صعود النازية للحكم في 1933، تحول قرار تبكير الانتخابات إلى أمر غير ممكن تقريبا. الرئيس فرانك فولتر شتاينماير، الاشتراكي الديمقراطي الذي كان وزير الخارجية في حكومة ميركل قبل سنة، ألقى خطابا غير عادي أمام الشعب، ودعا فيه كل رؤساء الأحزاب أن يكونوا عقلانيين وأن لا يسمحوا بإبقاء ألمانيا في حالة حكومة انتقالية لفترة طويلة. وقد قرر الالتقاء مع كل واحد على حدة ليشرح خطورة الوضع. في وسائل الإعلام يتحدثون عن إمكانية انتهاء عهد ميركل. إذا لم يتراجع الجنجي، فإن من شأن الدولة التي تقود أوروبا أن تقع في أزمة سياسية واقتصادية ستؤثر بالطبع فينا أيضا.
اسرائيل اليوم 2017-11-23
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews