Date : 28,03,2024, Time : 08:44:13 PM
3093 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: الأربعاء 03 ربيع الأول 1439هـ - 22 نوفمبر 2017م 12:30 ص

موغابي... مثال آخر

موغابي... مثال آخر
بكر عويضة

سبع سنين تفصل روبرت موغابي عن عامه المائة، إذا قُدِر له وصول ذلك العمر، لكنه أصرّ أن يضرب مثلاً آخر على عناد أعمى يأسر صاحبه داخل صندوق يصممه لنفسه، ثم يرفض مغادرته. قاد روبرت موغابي، مع دكتور جوشوا نكومو، ثورة ضد نظام إيان سميث العنصري، اشتدت فور انشقاق سميث بحكم روديسيا الجنوبية عن التاج البريطاني (1965). التف الزيمبابويون حول ثورتهم، لم يتفرقوا فصائل متناحرة، فساندتهم الغالبية العظمى من شعوب العالم ومؤسساته الدولية، حتى تحقق لهم الانتصار، لتولد جمهورية زيمبابوي المستقلة يوم الثامن عشر من أبريل (نيسان) 1980. احتل موغابي مقعد الزعامة ثلاثة عقود وسبع سنين، يرفض أي حديث يخوض في شأن خلافته، خصوصاً بعد رحيل نكومو (1 - 7 - 1999) الذي تولى موقع نائب الرئيس منذ 1987. والذي كان في أعين مواطنيه «بابا زيمبابوي». تخيّل الفارق الهائل بين محبة هذا حجمها، وبين مئات آلاف البشر يملأون شوارع هراري يطالبون موغابي بالرحيل عن الرئاسة. لكن العناد ظل سيد الموقف عند الرئيس، حتى بعدما سحب حزبه «زانو» غطاء شرعية رئاسته باتخاذ قرار فصله من زعامة الحزب ضحى الأحد الماضي، وبدا بالكاد متماسك النطق حين ظهر مساءً ليفاجئ الجميع بالإصرار على العناد.
لماذا أوصل موغابي نفسه إلى هكذا حال؟ الجواب موجود في سيّر حكام كُثر سبقوه على الطريق ذاته، طريق التحوّل من الزعيم الثائر، المُحاط بتقدير شعبه، وشعوب عدة في محيط جواره، إلى حاكم مستبد، أغواه عسل التسلط، فراح ينهل منه ظاناً أن شخص القاهر الذي لبس دوره، وتلّبسه، ليس يُقهر أبداً، وأن حكمه دائمٌ ما دام حياً، ومستمر من بعده، عبر من يختارهم هو وحده. مِن الإنصاف للرئيس الزيمبابوي القول إن موغابي لم يخف رغبته تلك، فقد قال صراحة، منذ أعوام عدة، إنه باق في الحكم حتى «يقول الربُّ كلمته»، أي حتى موته.
اللافت في الأمر أن رفاق موغابي - والماشين قبله على طريق مشابه - بدوا راغبين في تحقيق رغبة «الرفيق»، «الزعيم»، «القائد»، أو «المُعلم»، أياً كانت التسمية، وربما تُرفق جميعها بأسماء بعضٍ منهم، ليس فقط مسايرة لنرجسية استولت على صاحبهم، وما عاد ممكناً شفاؤه منها، وإنما كذلك لأنها شرط تَحقُق رغبتهم أيضاً في ضمان استمرار تدفق مكاسب جمّة جنوها، ولم يعد ممكناً لهم تصوّر إمكانية العيش من دونها. فجأة، ينتعش فيروس إشكال بدا، في بدايات ظهور أعراضه، غير مؤذٍ للمحيطين بالزعيم المُتنافَس على خلافته - الحق أن موغابي ليس وحيداً في هذا السياق - إذ بين عشية وضحاها يشبُّ عن الطوق منافسٌ طال العنق منه، وبدأت الذراع تتحرك فتبطش، واللسان ينطق فيلسع، وأما أذن الرئيس فليست تسمع سوى همس ذلك الآتي من رحم الغيب، فهو، أو هي، الأقرب إلى القلب، والأفضل مكانة على الغير. إذ ذاك، يستشعر الآخرون الخطر، فتُقرع أجراس الحرب، ومَن أفضل من الجيش يحسم الصراع في كل مجتمع يتنفس الحرية عبر فوهة المدفع؟
في مثال موغابي، كانت «ليدي غريس»، زوجته الشابة، التي تصغره بأربعين سنة، والتي لم تقنع بنصيب النعمة في اسمها فتجلس بجانب زوجها ترعاه في شيخوخته، بل أصرت على التنافس مع المحيطين بأكبر رؤساء العالم سناً، من ساسة وعسكريين، كانت هي الخصم الذي قطع المسافة بين الحبو والمشي بأسرع مما توقع بقية المتنافسين، ولم يقرع ناقوس الخطر بينهم حتى أتت غريس، قبل ثلاثة أسابيع، على ذكر إيمرسون مانانغاوا، وهو يومها نائب الرئيس، فقالت إنه «ثعبان يجب أن يُضرب على رأسه»، وكان لها ما أرادت، فقد طار رأس منصب إيمرسون في اليوم التالي مباشرة.
مبكراً، قبل سنين عدة، قال بروفسور علي الأمين المزروعي، العالم الكيني ذو الأصل العُماني، ما مضمونه إن معظم تجارب ثوار أفريقيا في الحكم انتهت إلى فشل، وأن حال دولهم كان أفضل تحت الاستعمار الأجنبي. هل يتمنى عاقلٌ أن يُحكم من أجنبي؟ بالقطع كلا. لكن عندما تفوق شرور إفساد الثوار حدود ما أفسد أسلافهم، تُستَحضر التسرية عن النفس بتمنٍ يرفضه كل منطق. أما كان الأكرم للسيد موغابي أن يستجيب لصوت العقل مبكراً بدل أن يُكره على الاستقالة؟ بلى، لكن إنما يسمع كلُ ذي قلب حي، فيعقِل.

الشرق الاوسط 2017-11-22




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
مواضيع شبيهة
يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد