علينا إعداد الملاجئ
جي بي سي نيوز :- قرار لجنة جائزة نوبل منح الجائزة إلى جمعية تسعى إلى تجريد العالم من السلاح النووي، ليس مثابة دعوة إلى القتال: فمن يستخف بالقرار الاجماعي لمجلس الأمن، مثل كوريا الشمالية التي تطور بفخار سلاحا نوويا وصواريخ باليستية لإطلاقه، لا بد لن يسمع صوت الناس الطيبين في أوسلو؛ فمنح الجائزة يشبه نداء المحكوم بالإعدام ويأمل بمعجزة لتنقذه.
بالإجمال، فإن موضوع السلاح النووي وانتشاره أصبح موضوعا مركزيا في السياسة الدولية بشكل عام والاتفاق مع إيران بشكل خاص. إن انتقاد رئيس الوزراء للاتفاق برأيي محق. فالاتفاق يسمح لإيران، بعد فترة قصيرة نسبيا من 10 ـ 15 سنة بتطوير سلاح نووي ولم يمنع تطوير صواريخ باليستية، ولكن احتمال إلغاء الاتفاق، بخلاف تعديله، متدن.
إيران هي فقط واحدة من مراكز الخطر. كوريا الشمالية هي دولة فقيرة للغاية. ناتجها القومي في محيط 17 مليار دولار. وللموازنة، فإن الناتج القومي الإسرائيلي الأقل من حيث عدد السكان يبلغ 300 مليار دولار. وبالفعل، يثبت الواقع أن مشروعات السلاح النووي لا ترتبط بثراء الدولة النووية. الباكستان هي صاحبة القنبلة «الإسلامية»، (التعبير الذي تقشعر له الأبدان) وناتجها القومي، بـ 220 مليون من سكانها، عام 2016، و 283.6 مليار دولار، أقل من إسرائيل، وبرغم ذلك كان بوسعها أن تصبح قوة عظمى نووية.
لقد أصبح انتاج السلاح النووي رخيص الثمن سواء بسبب التجربة المتراكمة أم بسبب إمكانية شراء العلماء أو العلم، الموجودين اليوم في العالم بوفرة. لروسيا وحدها يوجد احتياط من العلماء، لن يرفض بعضهم الحصول على علاوة دخل.
معنى هذه الأنباء السيئة هو أن . وقد أقلق هذا الكابوس اسحق رابين الراحل.
فلم يكن ميله لتصديق ياسر عرفات، ولكنه كان مستعدا لأن يسير في مسيرة أوسلو «لإنهاء النزاع قبل أن يهددنا النووي». وقد رأى رابين عن حق بأن السلاح النووي سيلغي التفوق النووي لإسرائيل ويكشف عن ضعفها بسبب مساحتها الصغرى.
إسرائيل عرضة لهذا الخطر أكثر من كل جيرانها، إذ أن ثلاث دول ذات سلاح نووي تعاديها: كوريا الشمالية أثبتت هذا بتزويدها سوريا بالمنشأة السرية، والاثنتان الأخريان ـ الباكستان وإيران ـ هما مسلمتان بهذا القدر أو ذاك معاديتان للدولة اليهودية. إيران بالطبع تقول هذا علنا، وعداء الباكستان على أي حال لا بد ازداد في أعقاب تقرب إسرائيل من الهند.
يحتمل أن يثبت المستقبل أن إسرائيل ستنجو من خطر الحرب النووية؛ يحتمل ولكن ليس معقولا أن يقع تحول ديمقراطي علماني في إيران؛ يحتمل أن يتبين للباكستان أنها تدفع ثمنا باهظا جدا على مقاطعة إسرائيل؛ يحتمل، والأمر أكثر معقولية، بأن تسلح الدول السنّية ـ بسلاح نووي، إن تهديدها بأن تتزود بمثل هذا السلاح ـ سيمنع إيران من أن تستغل الثغرة التي ستتوفر في ختام الاتفاق الإيراني، بل ويحتمل أن الحلف الذي نشأ في مجلس الأمن في قراره تجاه كوريا الشمالية، سيتأزر بالشجاعة ويعاقب من يريد أن يعرض للخطر جيرانه بسلاح الدمار الشامل؛ ولكن في التخطيط السياسي يجب أن نأخذ بالحسبان السيناريو الأسوأ: إسرائيل مهددة بالسلاح النووي.
حكم مريح لإحداث التغييرات
على إسرائيل أن تتخذ ثلاث خطوات غير بسيطة وغير زهيدة الثمن: 1. أن تزيد جدا قدرتها على الردع. يقال إن حكام إيران غير عقلانيين ومن أجل الخلاص ـ اي تسريع مجيء الإمام من خلال تدمير «الكيان الصهيوني» ـ لن يخافوا رد النووي. ولكن التجربة تثبت أن زعماء من هذا النوع مستعدون أن ينتحر الآخرون نيابة عنهم وألا يخاطروا بفقدان حياتهم.
2. أن تستثمر في مزيد من المقدرات للدفاع ضد الصواريخ ونشرها على حدودها ـ سور إلكتروني من الصواريخ المضادة للصواريخ.
3. أن تعد ملاجئ نووية بالتجمعات السكانية المختلفة (كأن تجعل كل مواقف السيارات التحت أرضية وكذا الأنفاق حصينة من الإشعاع النووي، مثلما فعلت دول أخرى في أثناء الحرب الباردة).
ستتطلب هذه الخطوات الثلاث استثمارا هائلا، والسبيل إلى استنفاذ هذه الوسائل يتطلب توسيعا كبيرا للناتج القومي. الأمر ممكن من دون «آلام» كبرى ومن دون التنازل عن الكفاح في سبيل مجتمع عادل ومتساو أكثر. يمكن عمل ذلك من خلال إزالة العوائق الكثيرة التي تمنع النمو ومن خلال انتهاج التعليم للمواضيع الأساسية ومساواة الميزانية في كل مؤسسات التعليم المدعومة من الدولة. إن الهدف الأهم للسياسة الإسرائيلية يجب أن يكون تحقيق اتفاق دفاع عن الولايات المتحدة. إدارة ترامب هي الأسهل لتحقيق مثل هذا الاتفاق، الذي سيغير مكانة إسرائيل ويبث لكل الدول النووية تحذيرا خطيرا من مغبة مهاجمة إسرائيل. سيكون ممكنا ربما تحقيق مثل هذا الاتفاق في ظرفين: مراعاة موقف الولايات المتحدة من الموضوع الفلسطيني وتجنيد كل مقدرات يهود الولايات المتحدة، ممن يعيش معظمهم في نزاع عميق مع حكومة إسرائيل، التي مست بالأغلبية غير الأرثوذكسية في موضوع صيغة المبكى ومسألة التهويد.
تحت مظلة اتفاق دفاع مثل هذا يمكن البحث في تجريد الشرق الأوسط كله من السلاح النووي، ويمكن أيضا الحلم في ألا نعرف بعد اليوم خطرا نوويا، إسرائيل بشكل خاص والعالم بشكل عام.
إسرائيل اليوم
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews