Date : 29,03,2024, Time : 05:11:04 PM
3909 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: الاثنين 25 محرم 1439هـ - 16 أكتوبر 2017م 12:39 ص

القطاع الخاص بين الدلال والإنتاج وإثبات الوجود

القطاع الخاص بين الدلال والإنتاج وإثبات الوجود
عبد الحميد العمري

ظهر الإعياء بصورة أكبر على أداء القطاع الخاص مع مطلع 2015، أي بعد أقل من نصف عام فقط على بدء تراجع أسعار النفط، وتراجع معدل نموه الحقيقي ربع السنوي بنهاية الربع الثاني 2015 إلى 2.1 في المائة، واتخذ مسارا هابطا فيما تلاه زمنيا إلى أن وصل إلى أدنى معدلات نموه بنهاية الربع الثالث 2016 بمعدل نمو سلبي بلغ - 2.8 في المائة، استعاد خلال الفترة التالية بعضا من توازنه، إلا أنه ظل مستقرا في مستويات متدنية، انتهى بمعدل نموه للاستقرار عند 1.0 في المائة بنهاية الربع الثاني من العام الجاري. جاء التأثر الأكبر في القطاع الخاص من التراجع الكبير في الإنفاق الحكومي الرأسمالي تحديدا، وهو الإنفاق الحكومي الذي كان يمثل الرئة التي يتنفس منها القطاع، وهو أيضا أحد أهم الأسباب التي سبقت الإشارة إليها بعدم استقلالية القطاع الخاص الكاملة، وأن أغلب منشآت القطاع الخاص ليست في حقيقتها إلا مواقع تقتات على الإنفاق الحكومي، أكثر من كونها كيانات أعمال تقوم على التنافسية والإنتاجية والتوظيف الحقيقي للموارد البشرية الوطنية، وأن هذه العلاقة النمطية بين أغلب كيانات القطاع الخاص من جانب، والأجهزة الحكومية من جانب آخر، تحمل تشوهات أكبر أصبح واجبا معالجتها مهما كلف الثمن. ما إن بدأ الإنفاق الحكومي الرأسمالي بالانخفاض من مستويات تأرجحت بين 11 و13 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي خلال 2014 وما سبقها من أعوام، إلى ما دون 5.0 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بدءا من 2015 وما تلاه، بدأ خلال المرحلة الزمنية ذاتها انكشاف القدرة الحقيقية لأغلب منشآت القطاع الخاص، وعجزه الفعلي عن مواجهة ضراوة الواقع الحقيقي، الذي طالما تهرب رجال الأعمال منه بكثير من الأعذار والتبريرات وعدم تصديقه، بل وصل الحال بأغلبية منهم إلى تكذيبه ونفيه تماما. رغم أن الحديث في هذه النقطة تحديدا خلال الحقبة الزمنية تلك؛ من إغداق العقود والمناقصات الحكومية على منشآت القطاع الخاص، وضرورة أن يعمل القطاع الخاص على ترسيخ نماذج إنتاجية وتنافسية، وأكثر استقلالية عن الإنفاق الحكومي، وأعلى كفاءة على مستوى الإدارة والتوطين، وأن دوام الحال من المحال، وأنه سيأتي اليوم الذي تتغير فيه هذه العلاقة، بل تنقلب رأسا على عقب، ولن يقف الأمر عند مجرد توقف الإنفاق الحكومي الرأسمالي عن الضخ الهائل كالسابق، بل سيمتد إلى بقية الأشكال الأخرى للعلاقة بين الطرفين، بدءا من آليات التمويل الحكومي عبر صناديقها السيادية العملاقة، مرورا بإعادة تسعير استهلاك موارد الطاقة "كهرباء، بنزين، ديزل"، وانتهاء بزيادة الأعباء المالية على عاتقها من رسوم وضريبة قيمة مضافة وغيرها. أقول إن هذا الحديث الملخص أفكاره أعلاه؛ الذي طالما وقف له رجال الأعمال والتجار بالمرصاد، والرفض المطلق وعدم قبوله مرات أو عدم تصديقه مرات أخرى، ها هو اليوم يقف حقيقة صلبة أمامهم! لم تقف صدمة قطاع الأعمال لدينا أمام الأوضاع الراهنة عند مجرد تراجع معدل النمو الحقيقي لأداء منشآته، بل امتدت إلى تسبب انكماش أرباحه في ارتفاع معدلات البطالة من 11.2 في المائة، إلى 12.8 في المائة بحلول منتصف العام الجاري، ويبدو أنها مؤهلة لمزيد من الارتفاع قياسا على استمرار تلك الأوضاع، واحتمال تضاعف الضغوط على قطاع الأعمال تحت ضغوط التوجه الجديد لإصلاح أسعار الطاقة قبل نهاية العام الجاري، ثم بدء تطبيق ضريبة القيمة المضافة مطلع العام المقبل، عوضا عن بدء تحصيل الرسوم على العمالة الوافدة إضافة إلى مرافقيهم بحلول منتصف العام الجاري، في الوقت ذاته الذي ستكون منشآت القطاع ملزمة أكثر من السابق بتوطين مواردها البشرية، وكل هذه المتغيرات التي تعد جزءا أساسيا لبرامج الإصلاح الاقتصادي الجاري تنفيذها الآن ومستقبلا، وتأخذ أهمية قصوى لا يمكن التراجع عنها لما تحمله من إيجابيات لتصحيح مسار الاقتصاد الوطني، وضرورة تحوله إلى مزيد من تنويع قاعدته الإنتاجية، وضرورة استقلاله بدرجة أكبر عن النفط، إلا أنها في الوقت ذاته تشكل الصداع الأكبر لمنشآت القطاع الخاص ورجال الأعمال والتجار. إننا أمام خيارين؛ إما استدامة الأوضاع العتيقة بالاعتماد المفرط على النفط، التي نحاول جميعا الخلاص منها، وكل ذلك لأجل عين القطاع الخاص ورجال الأعمال حتى لا يتلاشى من سيتلاشى منهم، أو كيلا تتقلص أرباح من سيبقى له موطئ قدم في بيئة الأعمال. أو الخيار الآخر؛ المضي قدما في توجه الإصلاح الاقتصادي الشامل بوجهه الراهن - قد يطرأ عليه تعديل من فترة إلى أخرى - إلا أنه في العنوان الرئيس ماض نحو هدفه النهائي، وهنا قد نشهد تساقط عديد من منشآت القطاع الخاص، لكن في المقابل سنشهد أيضا ولادة كيانات جديدة قادرة على النمو والنجاح، لا مجرد البقاء على قيد الحياة! لقد كلف احتضان ومجاملة القطاع الخاص من قبل الحكومة خلال الفترة 1987 ـــ 2016 أكثر من 5.3 تريليون ريال، ظلت تلك التكاليف للدعم والتحفيز والتمويل الحسن "دون فائدة" تتنامى سنويا بمعدلات وصلت في بعض الأعوام إلى 42.8 في المائة كحد أقصى، بينما بلغ متوسط نموها السنوي خلال الفترة الطويلة تلك إلى 24.9 في المائة، ومجرد التفكير في استدامة هذه العلاقة الباهظة الثمن على الاقتصاد الوطني عموما، وعلى الحكومة بوجه خاص أمام التحولات الراهنة ومستقبلا بكل معطياتها، أقل ما يمكن القول عنه إنه ضرب من الجنون إن لم يكن انتحارا اقتصاديا وماليا! قد يفسره البعض نوعا من القسوة الشديدة على منشآت القطاع الخاص، لكن إذا رأى ما تم توفيره لها طوال العقود الماضية من أموال وجهود هائلة، ووضعه على ميزان ما قدم أغلب وليس كل تلك المنشآت من قيمة مضافة للاقتصاد الوطني، وللمجتمع بتوظيف أبنائه وبناته وتحسين مستويات دخولهم ومنتجاتهم وخدماتهم، سيجد أن المحاسبة هنا لم تبتعد عن العدالة والإنصاف، وأن الأمور وضعت في نصابها الصحيح القويم، وأنه لم يتم التجني من قريب أو بعيد على تلك المنشآت التي قصرت في أداء أدوارها ومسؤولياتها تجاه اقتصادنا ومجتمعنا. بناء عليه؛ يجب أن تخضع منشآت القطاع الخاص نفسها للتكيف مع التطورات الراهنة والقادمة، وأنه سر البقاء والاستدامة وعدا ذلك فلا بد من نهايتها، والإيمان بأن ما سيتلاشى من تلك المنشآت، سيأتي غيره من المنشآت الحديثة التي ستحل مكانه عن جدارة واستحقاق، تمتلك الرؤية والإدارة والطموح للتوافق مع المعطيات الجديدة للاقتصاد الوطني، وتلك هي سنة الحياة. والله ولي التوفيق.

 

الاقتصادية 2017-10-16




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
مواضيع شبيهة
يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد