ألعاب المصالحة مكشوفة!
جي بي سي نيوز :- كنت هنا في عام 1948، وما يسمى اليوم «شعب فلسطيني» كان يتشكل في حينه من عصابات إرهاب كانت تخرج من القرى كي تقتل اليهود. في الطرق، في البيوت، في اماكن الترفيه وفي كل مكان يتاح لهم. مئات اليهود قتلوا في ذاك الوقت من دون أي سبب. لم تحتل أية منطقة عربية من قبل اليهود. وحدها الرغبة في القتل عشعشت في حينه في قلوب جزء من العرب. لم يتحدثوا عن حقهم في تقرير المصير أو عن التطلع إلى بناء دولة لأنفسهم. لم يقيموا لأنفسهم قيادة وطنية أو مؤسسات وطنية مثلما لليهود. كل ما أرادوه هو ذبح اليهود. ما فعلوه سنوات طوال قبل ذلك وبعضهم يفعله حتى اليوم. الرغبة في القتل لن تضعف. بل اتخذت فقط وجوها جديدة ومعاذير أخرى.
كان بوسعي أن أضيف توصيفات بلا نهاية، ولكن يخيل أنه يكفي أن أذكر المذبحة في عام 1929 في مدينة الخليل: لم يكن شيء يمنع العرب في حينه من تحقيق تطلعات وطنية، لكنهم اختاروا طريقا آخر. كل ما كان يريدون فعله هو القتل والتنكيل بعد ذلك بجثث المقتولين. والآن نجد أن العرب ذاتهم، او أنسالهم، يريدون دولة. لا واحدة ولا اثنتين بل وربما لا ثلاثة. هم يريدون أن يجعلوا الأردن، حيث الأغلبية المطلقة هي فلسطينية، دولة فلسطينية، وهم يريدون أيضا أن يقيموا لأنفسهم دولة فلسطينية أخرى في المناطق التي احتلت في 1967 ـ نقية من اليهود؛ والآن يريدون أيضا أن تكون في قطاع غزة «دولة» ترتبط مع المناطق التي تقوم فيها الدولة الفلسطينية، كما يطالبون، في يهودا والسامرة.
أي أنهم يريدون ربط «دولة غزة» بالدولة الأم، ويريدون أن يفعلوا هذا في ظل قطع إسرائيل إلى جزأين من خلال بناء طرق عبور، جسور وأنفاق تربط بين الكيانين الفلسطينيين. هذا يريدون أن يحققوه من دون أن يعترفوا بأن للشعب اليهودي أيضا الحق في تقرير المصير، وانطلاقا من المعرفة بأنه يعيش في إسرائيل منذ الآن نحو مليوني فلسطيني، ما يجعلها، عمليا، دولة ثنائية القومية بالفعل. أملهم هو، بالطبع، أن الفلسطينيين الذين يحملون الهُويات الإسرائيلية سيحصلون ذات يوم على حكم ذاتي، ولعلهم ينجحون بعد ذلك في «الاتحاد» مع الدولة خلف الحدود أيضا.
لست أدري من أين كان لعصابات الإرهاب في عام 1948 الجرأة للمطالبة بما تطالب به الآن، ولكني واثق بأنه لا يوجد أي احتمال في أن يحصلوا حتى بعض من آمانيهم. يمكن للعرب أن يلعبوا بالوحدة المدنية بين منظمة التحرير الفلسطينية (فتح) التي هي منظمة إرهاب بكل معنى الكلمة أقيمت حتى قبل حرب الأيام الستة، وبين حماس ولكن كلنا نعرف بأن هاتين هما منظمتان كل غاية وجودهما هي الرغبة في قتل اليهود كي تكرههم بوجودهم هناك.
إذا ها هي الرسالة في عيد العُرش هذا: لم يكن ولن يكون. دولة فلسطين لن تقوم لا هنا ولا هناك. الأردن سيكون، ربما، الدولة الفلسطينية مع حلول الأيام، وإليها يمكن أن ينتقل كل أولئك الذين لديهم تطلعات للاستقلال الوطني؛ ولكن ليس أكثر من ذلك. ألعاب المصالحة بين الفصائل المختلفة لمنظمات الإرهاب الفلسطينية ستبقى أبدا مثابة ألعاب. هم يعرفون هذا، ونحن أيضا.
«النكبة» التي شهدها العرب في 1948 ستكون لا شيء مقارنة بما ينتظرهم إذا حاولوا العودة إلى تلك الأيام. في السبعين سنة التي مرت منذ رفض العرب مشروع تقسيم الأمم المتحدة تبلورت خطوط هيكلية مختلفة جوهريا عن تلك التي كانت في حينه، وهي ستبقى هكذا إلى الأبد.
معاريف 2017-10-09
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews