Date : 24,04,2024, Time : 06:23:22 AM
2458 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: الخميس 29 ذو الحجة 1438هـ - 21 سبتمبر 2017م 12:09 ص

احتضار التستر التجاري

احتضار التستر التجاري
عبد الحميد العمري

أستكمل الحديث حول الإجراءات الأخيرة البالغة الأهمية للتصدي لمختلف أشكال التستر التجاري، التي يعتزم عديد من الأجهزة الحكومية القيام بها قبل نهاية العام الجاري، تمحورت حسبما أوضحت في الجزء الأول لهذا المقال، أولا بدء إلزام المحال والمنشآت الكبيرة كمراكز التسوق وغيرها بإتمام جميع تعاملاتها التجارية لنقاط البيع، وتدرج التطبيق ليشمل بقية المحال والمنشآت المتوسطة والصغيرة في المملكة، وثانيا عن قرب الإعلان عن خطة حكومية لمحاصرة الاقتصاد الخفي والتستر التجاري في المنشآت الصغيرة في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، بعد الحصول على الموافقات النهائية اللازمة لها من الجهات العليا.
يؤمل أن تقترن كل تلك الجهود والإجراءات بمزيد من العمل الدؤوب على تطوير وتحديث البنية التحتية للقطاعات، وإنشاء آلية للتمويل والحوافز لتطوير تجارة المنشآت الصغيرة والمتوسطة وتجارة التجزئة، ودعم نظام الامتياز التجاري، التي يُنظر إلى أن تسهم بدورها في رفع معدل النمو والتطوير في القطاعات المستهدفة، وللحد من ظاهرة التستر التجاري الكامنة فيها، وبما يؤدي إلى إيجاد فرص عمل كريمة للمواطنين، وإلى تحسين مستوى الخدمات ورفع جودة المنتجات بأفضل الأسعار التنافسية، وذات الشفافية الأعلى. هذا إضافة إلى استمرار التعاون والتنسيق بين الأجهزة الحكومية ذات العلاقة، الذي يستهدف تطوير التعاملات غير النقدية، وتطوير الموارد البشرية، وفتح فرص وظيفية للسعوديين في مختلف القطاعات ودعم تأنيث الوظائف، ومعالجة حالات التستر الحالية، وتنظيم ومعالجة ملكية غير السعوديين.
إن إتمام تلك الجهود وتكاملها في منظومة عمل مشتركة، سينعكس بكل تأكيد على الجهود الوطنية الرامية إلى تحقق مواجهة أكثر صرامة وجدية لآفة "التستر التجاري"، التي لأجل أن تتمتع بالقوة والفاعلية اللازمة، لا بد أن تبدأ المحاربة من التعرف على تركزه والمواقع الأكثر احتمالا لوجوده داخل اقتصادنا الوطني، سبقت الإشارة إلى تركزه في تجارة التجزئة والسلع الاستهلاكية التقليدية "غير المعمرة"، وعمليات التجارة المرتبطة ببيع الفواكه والخضار والسلع الزراعية، والمتاجرة بالذهب والأحجار الكريمة، وتجارة المواشي، وتجارة السلع المعمرة، وأنشطة البناء والتشييد، وقطاع الخدمات كالدعاية والإعلان، وقطاع الإلكترونيات والأجهزة الكهربائية، وتسويق وبيع برامج الحاسب الآلي ونسخها بصور غير مشروعة، وفي أنشطة البقالات والمحال التجارية الصغيرة والمتوسطة كمحال الحلاقة والسباكة والصيانة الكهربائية والخياطة وغيرها من الأنشطة التجارية الفردية، التي لا تتطلب مهارات عالية.
يمتد الحديث حول مزيد من الحلول الداعمة لجهود محاربة التستر التجاري والقضاء عليه، وتخليص مقدرات البلاد والعباد من آثاره الفادحة الخسائر، وصولا إلى منطقة جني ثمارها الحقيقية، يفترض أن تنعكس إيجابا على النمو الاقتصادي والتنمية الشاملة والمستدامة، وأن تترجم برفع ملموس لمستوى دخل الفرد السعودي، وأن يتحقق في ضوئها انفتاح الآفاق الاستثمارية المثلى أمام رأس المال الوطني، وتحديدا المنشآت الصغيرة والمتوسطة، التي تعد هي الضحية الأكبر في الوقت الراهن لتفشي داء التستر التجاري. كما يؤمل أن يتوافر تحت مظلة تلك الحلول المقترحة مزيد من فرص العمل الكريمة للمواطن والمواطنة، وعدا ذلك من النتائج غير المجدية؛ فلا أقل من القول عنها إلا أنها كانت مجرد هدر للجهد والمال والوقت! إذ لا بد أن نشهد تغييرا ملموسا على واقع البيئة الاقتصادية والاستثمارية المحلية، تنعكس نتائجه الحقيقية عليها، ونرى انحسارا للأنشطة المخالفة المشكلة لخطر التستر التجاري، يقابله انفراج للمواطن والمواطنة سواء المستثمرين منهم أو الباحثين عن فرص عمل كريمة.
الحلول الممكنة والمتاحة كثيرة جدا، رغم صعوبة الخصم "التستر التجاري"، وما وصل إليه من اتساع وامتداد بالغ الخطورة، والمكسب الأهم أن الأجهزة المعنية قد بدأت خطواتها الأولى والأهم، التي يجب أن تستمر وتتوسع تغطيتها وقوتها النافذة، وصولا إلى المرحلة التي تتيح للاقتصاد الوطني ومقدراته الخلاص النهائي من استيطان هذا الداء الفتاك، وضرورة أخذ تلك الحلول في اعتبارها المواطن والمواطنة كشريك رئيس في جهود الحل كافة، كونه النقطة الرئيسة التي يبدأ منها التستر التجاري وإليها ينتهي، وكونه الضحية الأكبر لاستشراء هذا الداء الفتاك اقتصاديا وماليا. فلا بد من قيام الأجهزة الحكومية المعنية بهذا الملف بالبحث في الأسباب التي دعت المواطن أو المواطنة للخضوع والاستسلام للوافد المتستر عليه، والعمل على رصدها وحصرها ومن ثم الانطلاق باتجاه معالجتها، فقد تكون استغلالا لعجز المواطن أو حاجته للمال، وقد تكون لعدم قدرته على اضطلاعه بنفسه بممارسة ذلك النشاط، إما لقوة المنافسة في السوق أو لتكتل بقية المؤسسات المتورطة في التستر التجاري ضده ومحاربته، أو لأي سبب كان.
أيضا من الحلول الممكن تفعيلها، العمل على تصميم أنظمة تتولى مراقبة حركة الحسابات المصرفية للمنشآت التجارية والصناعية، تتركز على حسابات (المنشأة، الكفيل، العامل المكفول). وهذه يمكن تحقيقها في وقت وجيز جدا لتوافر الإمكانات والبنية لدى مؤسسة النقد، كما أنها لا تتطلب تحمل تكاليف مالية باهظة، وهو ما يشبه الأنظمة المصرفية التي تراقب حسابات العمالة في القطاع الخاص (مراقبة الأجور)، والرقابة على حسابات المستفيدين من نظام حافز. إن اتخاذ مثل هذه الخطوة كفيل بالكشف والقضاء على أغلب كوارث التستر التجاري إن لم يكن كلها، وتعد أمرا له مشروعيته الكاملة ما دام أنه يتوافق مع مواد نظام مكافحة التستر ولائحته التنفيذية.
فمن خلال بناء وتصميم هذا الأنظمة الرقابية، ستتمكن الأجهزة المعنية من السيطرة التامة على نشاطات الأسواق التجارية والصناعية المحلية. كما ستتمكن من تسهيل مهام جولاتها التفتيشية الميدانية فيما يختص بالمنشآت، التي قد تلجأ إلى الاحتيال على الأنظمة المصرفية، عبر تحويل تعاملاتها التجارية ودفع وتسلم النقدية خارج النظام المصرفي (تعاملات بالكاش)، وهذا احتمال وارد حدوثه دون أدنى شك للهروب من مقصلة الرقابة، لكنه عبر مراقبة حركة الحسابات المصرفية الراكدة، سيسهل كثيرا التعرف على أوكارها خارج الرقابة المصرفية، عبر تتبع ومراقبة نشاطاتها بصورة ميدانية.
ختاما؛ حان الوقت لإعادة التفكير في جدوى استمرار نظام الكفالة المعمول به في الوقت الراهن، وضرورة البحث من جديد في صيغة تعاقدية أخرى بديلة بين رب العمل والعامل الوافد، فوفقا للتجربة الطويلة الماضية، لم ينتج عن هذا النظام العتيد إلا زيادة في الاستقدام على حساب توطين العمالة، كما نتج عنه عدم تكافؤ فرص الحصول على تأشيرات العمالة الوافدة بين المنشآت التي هي فعلا في حاجة إلى تلك التأشيرات، وغيرها من المنشآت أو الأشخاص الذي تحول معه أمر استخراج تأشيرات عمل إلى نشاط تجاري مربح في حد ذاته! وقد يتذرع البعض بأن هذا قد ينتج عنه انخفاض في إيرادات الخزانة العامة نظير إلغاء نظام الكفالات، إلا أنه في المقابل سيؤدي إلى حماية مقدرات الاقتصاد الوطني والمجتمع من الفوضى وسوء الاستغلال والمظاهر الراهنة للتستر التجاري، التي تتجاوز تكاليفها الباهظة أضعاف الإيرادات السنوية لإصدار وتجديد تلك التأشيرات. والله ولي التوفيق.

الاقتصادية 2017-09-21

 



مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
مواضيع شبيهة
يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد