Date : 17,04,2024, Time : 02:45:12 AM
2089 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: الأربعاء 28 ذو الحجة 1438هـ - 20 سبتمبر 2017م 12:47 ص

كما طعنا الفلسطينيين نطعن الروهينجا

كما طعنا الفلسطينيين نطعن الروهينجا
نزار بولحية

إلى متى ننفي وننكر؟ وإلى متى نرفض الحقيقة كاملة من غير نقص ولا اجتزاء ونلف وندور حول حلقة مغلقة ذارفين دموع التماسيح على الروهينجا ونحن نعلم أكثر من غيرنا أصل مأساتهم وندرك أن بعض جذورها وأسبابها موجود فينا وداخلنا؟ 
والى متى نقول بأننا واثقون ومتأكدون الفا بالمئة من أن الصورة باتت واضحة ومكشوفة بالكامل، وأنه لم يعد هناك داع للكلام على الكلام، بعد أن عرف العالم بأسره أدق تفاصيل الجريمة، وتيقن من أنه لا فرق ولا اختلاف بالنهاية بين ضابط عسكري وراهب بوذي وزعيمة سياسية ذات صيت عالمي، ماداموا جميعا متورطين ومشتركين في حملة الابادة المسعورة ضد هؤلاء المضطهدين؟ 
إلى متى نواصل قول ذلك ونحن ندرك في قرارة أنفسنا أن كلامنا ليس سوى نصف الحقيقة وأنه الجزء الظاهر والمكشوف من لوحة دموية كبرى قد يكون ما أخفي وغيب عمدا من باقي قطعها واجزائها اكبر واعظم، وربما حتى اشد مأساوية وفظاعة مما نتصور؟ يكفي أن ندقق في وجوه السفاحين الذين مسكوا السكاكين وغرزوها بخسة ووحشية في بطون الامهات الحوامل، والذين لم يرحموا شيخا أو امراة أو رضيعا، وأحرقوا وأبادوا قرى وبلدات بأكملها، ودفعوا الالاف للتشرد والهروب في البراري أو القوارب نجاة بارواحهم ونتأمل ملامحهم وتصرفاتهم حتى نقفز على الفور من مقاعدنا الوثيرة وراء شاشات حواسيبنا وتلفزيوناتنا، صارخين لهول المفاجأة بأننا شاهدنا في مناسبة ما الوجوه والملامح والتصرفات ذاتها، وأن ما نراه ليس سوى استعادة لمشاهد رأيناها رأي العين، أو عاصرناها أو على الاقل سمعنا وقرأنا عنها في كتب التاريخ المعاصر. 
إن الشبه عجيب ومذهل ويكاد يبلغ حد التطابق التام بين الملامح والتصرفات التي تظهر الان في ميانمار وملامح وتصرفات اخرى ظهرت وتكررت في أماكن وازمنة اخرى قريبة وبعيدة. لكن لسوء حظنا نحن العرب والمسلمين فان كل المآسي التي حلت بنا، رغم تعدد اسمائها وعناوينها، فهي بالاخير نسخة واحدة طبق الاصل. أنظروا إلى اساليبها وخططها وفظاعاتها، وستتأكدون من أنها فعلا كذلك، بل تأملوا حتى في ردات فعلنا المستخفة والسلبية إزاءها، وتعاملنا القاصر والمهزوز معها، وستلحظون أن المواقف والشعارات العنترية الجوفاء نفسها والاخطاء والحماقات والخيانات التي قادنا ومازلت تقودنا لتلك المصائر الاليمة هي التي تعاد وتتكرر والى أجل غير معلوم. ألا ترون ألا فرق بين ما جرى ومازال يجري للروهينغا وما حصل مثلا في تسعينيات القرن الماضي للمسلمين في البوسنة والهرسك أو لالبان كوسوفو أو لمسلمي كشمير أو للايغور في أوقات اخرى؟ 
ألا تعتقدون أن الامر ليس محض صدفة، وأن هناك صلة وعلاقة بين مجازر كالتي حصلت في دير ياسين وصبرا وشاتيلا وغيرها وما نسمعه ونراه على الشاشات من مجازر وانتهاكات فظيعة بحق من تطلق عليهم الامم المتحدة لقب «اكثر الاقليات اضطهادا في العالم»؟ قد تقولون إن في الامر قدرا كبيرا من المبالغة، وقد تردون أيضا بأنه لا وجود إطلاقا لاي خيط أو رابط حقيقي بين حملات الابادة التي تعرض لها الفلسطينيون في الاربعينيات والثمانينيات على سبيل الذكر، وحملات الإبادة التي استهدفت ومازالت تستهدف الروهينجا إلى اليوم. فالعدو الظاهر للفلسطينيين ليس هو العدو الظاهر والمعلوم للروهينغا، والظروف والسياقات والمعادلات والتوازنات المحلية والاقليمية ليست بالطبع نفسها، ولكن الا تبدو لكم تلك السكين التي ذبحت الفلسطيني ونكّلت به وشردت شعبه وقطّعته على قارات العالم الخمس هي السكين ذاتها التي نكلت بالبوسني والكوسوفي والافغاني والكشميري والروهينغي، وروعت شعوبهم ودمرتهم؟ عودوا إلى كل المذابح والإبادات التي شهدناها على مر تاريخنا المعاصر وستدلكم تلك السكين على أن بصمات القاتل مهما تلونت أو تعددت تظل واحدة. 
ألم يروج اليهود حين عزموا على إفراغ فلسطين من أهلها على إنها «أرض بلا شعب لشعب بلا أرض» ثم قادوا بعدها حملات الإبادة في القرى والبلدات الفلسطينية وفقا لذلك النهج الفاشستي الصارم، وهو وضع كل مدني أمام واحد من خيارين اثنين «إما أن ترحل أو تموت». لقد قال جاك دورينيه مندوب الصليب الاحمر الدولي في القدس، وكان اول شخصية اجنبية تدخل دير ياسين بعد إبادة اهلها عن بكرة ابيهم في شهادته على ما رآه حينها في البلدة، «إن افراد العصابة اليهود، سواء الرجال منهم أو النساء كانوا جميعا مدججين بالسلاح، يحملون الرشاشات والمسدسات والقنابل اليدوية والسكاكين الطويلة. وكان معظم السكاكين ملطخا بالدماء، واقتربت مني شابة ذات عينين مجرمتين وأرتني بتباه سكينها التي كانت ما تزال تقطر دما، وكان واضحا أن هذا هو فريق التطهير للاجهاز على الجرحى، وانه كان يقوم بمهمته خير قيام». ولو أخذنا تلك الفقرة الصغيرة بمفردها من دون أن نقرأ مئات الشهادات التفصيلية الاخرى التي تضمنت روايات اقسى واشد منها، فسنخلص بالتأكيد ايضا لذلك الاستنتاج السابق. 
لاحظوا جيدا أن ما جرى اواخر الاربعينيات في دير ياسين هو ما تكرر بالحرف في التسعينيات في سيربرينتشا، وايضا في كشمير ومور وبالفلبين، ويتكرر الان في اقليم أركان بالوحشية والحقد ذاتهما وبالقدر من التصميم نفسه على محو كل اثر للوجود الانساني، بالإعدام التام لاي اثر للحياة، وتشويه التاريخ والسطو على الجغرافيا وتبديل كل ملامحها. لقد حوصرت دير ياسين وسط صمت وتواطؤ دولي، ولم يختلف الامر في سيربرينتشا أو في اي قرية من قرى الروهينجا. ومن قبل أن يجهز العدو على الاهالي المدنيين العزل بوحشية تفوق الوصف، دفع هؤلاء حياتهم ثمنا لتصديقهم وعود الشقيق والصديق. لقد قال لهم الاول إن الجيوش العربية الجرارة ستهب لنصرتكم وستحميكم لو حصل وتأخرت لسبب من الاسباب، فان كل السلاح الذي تحتاجونه للدفاع عن انفسكم سيكون بين ايديكم في الحال. وقال لهم الثاني إنكم في حماية الشرعية الدولية، ولن نسمح لأي احد كائنا من كان بأن يعتدي عليكم أو يخرجكم من ارضكم ودياركم بالقوة. اما النتيجة فيعرفها الجميع. فهل نلوم اذن الاسرائيلي والصربي والبورمي فقط؟ أم نلوم قبل ذلك انفسنا على كم النفاق والخيانة والتنصل من الوعود والعهود لمن وصفناهم باخواننا في العرق والدين، الذي قد يوازي ويعادل كم الغل الحقد والوحشية الذي دفع القتلة لارتكاب تلك المجازر؟ ألسنا نحن من قدمهم لقمة سائغة وعلى طبق للاعداء؟ ونحن من سعى ويسعى الان ليعيد السيناريو نفسه مع الروهينجا ويحول قضيتهم إلى مجرد قضية لاجئين يطلبون ويبحثون عن اغاثات ومساعدات انسانية؟ ثم اخيرا ألم يحن الوقت بعد لنملك الشجاعة ونعترف بأن ما يسميه البعض تقاعسا عن نجدة الفلسطينيين والبوسنيين والروهينجا، هو في الاصل تلك السكين الحادة التي طعناهم بها في الظهر قبل أن يكمل الباقون المهمة؟ 

القدس العربي  2017-09-20




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
مواضيع شبيهة
يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد