لن أتوقف هنا عند المؤتمر الذي عقدته شركة أبل مساء الأربعاء الماضي في الذكرى العاشرة لإنطلاقها من قاعة ستيف جوبز في مقرها الجديد بوادي السيليكون في كاليفورنيا، ولا على المنتجات التي استعرضها الرئيس التنفيذي للشركة تيم كوك وزملاؤه. فذلك كله قد شاهدناه.

إن ما يسترعي الانتباه هو النتائج المصاحبة لتلك المخترعات ودلالاتها للتطور الاقتصادي في بلدنا والعالم. فالإصدار الثالث لساعة أبل مثلًا والتحسينات التي أدخلت عليها قد حولتها من مجرد ساعة لمعرفة الوقت إلى جهاز طبي من شأنه مساعدة المرضى؛ بل والمساهمة في إنقاذ حياة الكثيرين منهم. فهذه الساعة سوف تستخدم متابع دقات القلب المحسن للإبلاغ في حالة عدم انتظام ضربات القلب وزيادة سرعة نبضه وذلك بإرسال تنبيه لمستخدميها عندما تتعدى دقات قلبهم المعدل المفترض دونما نشاط بدني. فإذا كانت قدرات الجيل الثالث لساعات أبل على هذا النحو فما بالك بالأجيال القادمة للأجهزة الطبية. أنها بالتأكيد سوف تستفيد من هذه الاكتشافات في مجال النانو متناهية الصغر لتقديم أفضل الخدمات لمرضى القلب.

بالمثل فإن آيفون X، هذا الرقم الروماني للعدد 10، رغم كل الحرج الذي تسبب به لنائب رئيس شركة أبل لهندسة البرمجيات، غريغ فيديريغي، خلال استعراضه لميزة التعرف على الوجه، سرعان ما سوف تدخل تقنياته حياتنا العملية. إن استبدال نظام البصمة بصورة الوجه في آيفون X سوف يؤثر على الملايين الذين قد لا تربطهم بهذا الآيفون أية رابط مثل نساء بلدنا اللاتي لن يتمكن ربما من استخدامه-خصوصًا في الاماكن العامة. فهذه التقنية الجديدة من شأنها تغيير ما صار متبعا في السنوات الأخيرة لمراقبة الحضور والانصراف في الدوائر والشركات. فالبصمة ارتبطت بالبدائية عندما كان الانسان أميًا لا يعرف القراءة والكتابة. وعلى هذا الأساس يمكن أن نتوقع أن تتلاشى مراقبة الحضور والانصراف من خلال البصمة لتحل محلها صورة الوجه.

بالفعل فإن الآيفون وغيره من الأجهزة الذكية ما كان لها أن توجد أو تتطور لولا منتجات النانو متناهية الصغر. فهذه التقنية هي التي ساهمت في تطور شركة أبل ورفعها إلى مصاف أضخم الشركات في العالم. ولهذا فإن بلدنا وهو يتوجه لتحقيق رؤية 2030 سوف يكون في أمس الحاجة، من أجل تقليل الاعتماد على النفط، لإعطاء دفعة لمعهد الملك عبدالله لتقنية النانو والمراكز الخمسة المتخصصة في هذا المجال. وهذا ربما يحتاج إلى إنشاء هيئة مستقلة للنانو؛ خصوصًا وإن هذا القطاع مكثف للمال المتوفر لدينا والتكنولوجيا التي نحن في أمس الحاجة إلى تدفق رؤوس أموالها علينا.

الرياض    2017-09-17