الأسد ومجتمعه " المتجانس " .. هل هزمت الثورة ؟
في خطابه الأخير والذي أسماه أنصاره " خطاب النصر" تحدث بشار الأسد عن الحرب التي أشعلها في سوريا وتدميره البلاد وتشريده العباد ، ولكن هذا الحديث كشف هذه المرة كل الضغائن التي كانت غائرة في النفوس ، والتي كان كثير من السياسيين والمراقبين يخفونها في ثنايا تشدقاتهم عند حديثهم عن القضية السورية .
فقد قال الأسد المنتشي في معرض حديثه عن سوريا : " لقد خسر البلد خيرة شبابه وبنيته التحتيّة لكنه ربح ( مجتمعا أكثر صحة وتجانساً ) .
ولا يغيب إلا عن كل مريض نفسيا وعقليا بأنه قصد بتعبيره " التجانس الطائفي " فبعد أن كانت سوريا دولة أغلبية سنية بالكامل باتت - بعد تهجير 13 مليون سوري وقتل مليون وإخفاء مئات الآلاف - باتت - بالتأكيد - أكثر تجانسا عقب تجنيس ملايين الإيرانيين والإفغانيين والعراقيين الشيعة وتوطينهم في البلاد ، وهي نتيجة حتمية للتطهير المذهبي الذي انتهجه الأسد وحلفاؤه منذ ست سنوات ونيف إلى الآن .
وكما يروج البعض ، فإن الأسد وأتباعه " المتجانسين " يعتقدون أنهم ربحوا الحرب وأن الأمور استقرت للنظام بعد التواطؤ الدولي والعربي وخذلان الثورة السورية كل هذا الخذلان المخزي والذميم وغير العادل ، ويحق لهؤلاء الإقتناع بذلك إذاما استقرت لهم النتائج الظاهرة على الأرض راهنا ، وهي نتائج تناقضها وتفندها وتنسفها شواهد التاريخ الحديث والسحيق ، بغض النظر عن مقدار القوة التي يتمتع بها خصوم الشعب السوري وأعداؤه الظاهرون والمخفيون .
لقد وصلت الأمور في سوريا إلى ما نشهده الآن من تغول النظام وحلفائه نتيجة مؤامرات دولية حيكت ضد الثورة السورية ، لدرجة باتت معها هذ ه الثورة وأحداثها شمسا كاشفة لنفاق الغرب والشرق الذي ينظر إلى أية قضية عربية من منظور يشبه منظور الأسد : ديني ومصلحي ( لنتذكر تصريح لافروف عن رفضه تسلم السنة لحكم سوريا والتصريح تجدونه على اليوتيوب ) بعيدا عما يتشدق به هذا الغرب والشرق عن حقوق الإنسان وغير ذلك من الترهات المعاصرة بفضل سياسات شيلوكية قذرة تجاه كل ما هو مسلم وسني على وجه الخصوص .
لقد أعلنت العديد من الدول الغربية أن رحيل الأسد لم يعد ممكنا وإن بقاءه لا جدال فيه ، فكيف يستقيم للعقل السليم والفطرة السليمة استيعاب مثل هذه التصريحات الصادرة عن حكومات تزعم أنها ديمقراطية وإنسانية عادلة ، خاصة بعد كل هذه المجازر وهذا الخراب والدمار الذي عم سوريا ؟؟ . .
إنه الحقد التاريخي البغيض والمريض على هذه الأمة ، والخوف من نهوض الشعوب العربية وتحسس طريقها صوب الفلاح والنجاح واللحاق بركب العصرنة : مدنية وديمقراطية وحياة فضلى ، وهو ما لا ترضاه هذه الدول أبدا لشعوب كان إجهاض ثورتها عملية مدروسة وخطة محكمة تواطأ على تنفيذها هذا الغرب غير المتمدن وغير الحضاري والخائف لدرجة الرعب من أن تأخذ شعوب هذه المنطقة زمام المبادرة وتقود نفسها بنفسها بعيدا عن الهيمنة والتبعية .
لقد أثلج بشار الأسد صدور الحكومات الغربية عندما تحدث عن مجتمعه الطائفي والصحي والمتجانس ، فالمهم أن المجتمع السوري فقد أغلبيته السنية وهذا بالنسبة لحلفاء النظام المباشرين هو المطلوب ، أما بالنسبة لحلفائه المستترين فإنه " بيت القصيد " .
هل أخمدت الثورة وانطفأ أوارها .. ؟؟
بالطبع لا ، فالإنحناء للعاصفة حرب أيضا ، وفي العلوم العسكرية ، فإن خسارة معركة لا تعني أبدا خسارة الحرب .
د.فطين البداد
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews