Date : 26,04,2024, Time : 08:55:34 PM
3535 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: الخميس 01 ذو الحجة 1438هـ - 24 أغسطس 2017م 12:34 ص

تحدياتنا الاقتصادية الأخرى

تحدياتنا الاقتصادية الأخرى
عبد الحميد العمري

أستكمل الحديث عن أهم التحديات التي يواجهها الاقتصاد الوطني خلال الفترة الراهنة ومستقبلا، وهي صلب العمليات التي ركّزت عليها "رؤية المملكة 2030" وبرامجها التنفيذية كافّة. تمَّ استعراض أول وثاني تلك التحديات في المقالات الثلاث السابقة، بدءا من مواجهة تحدي البطالة، ثم التحدي التنموي الآخر ممثلا في أزمة الإسكان، ويأتي الحديث هنا مقتصرا على بقية تلك التحديات التنموية.

التحدي الثالث: الدفع بالقاعدة الإنتاجية للاقتصاد الوطني نحو مزيد من التنوّع، والخروج من رتابة الأداء الاقتصادي العتيق، الذي أفرط في الاعتماد على دخل النفط طوال خمسة عقود مضت، ولعل مما يجدر التذكير به هنا؛ أنّ من نتائج الاعتماد المفرط لاقتصادنا على النفط، أنّه أوجد أنماطا غير كفؤة لمختلف أنشطة الاقتصاد، وتحديدا في القطاع الخاص، أضعف معه التنافسية في جانب، وشجّع على انتشار بعض الممارسات الاحتكارية في جانب آخر، ما أفضى بدوره إلى اختلالات هيكلية في الاقتصاد، كان من أخطر مؤشراتها: (1) الارتفاع المفرط لربحية الممارسات الاحتكارية على حساب النشاطات التنافسية، مثال ذلك احتكار واكتناز الأراضي، الذي حقق أرباحا لا يمكن مقارنتها على الإطلاق بمعدلات ربحية النشاطات الإنتاجية الأخرى كافّة. (2) ارتفاع كعب معوقات الاستثمار، وضيق قنواته المحلية، وتفويت كثير من تلك الفرص وعدم استغلالها، ما أفضى إلى صعوبة إيجاد فرص العمل المثلى والجيدة الدخل، نتيجة عدم وجود المشروعات الإنتاجية المتنوعة.

لهذا جاءت النتيجة؛ أنّه لم يبرز على السطح سوى المنشآت التي تعتمد بصورة أكبر على عقود المناقصات الحكومية، والاستيراد بالجملة من الخارج والبيع بالتجزئة في الداخل، وكلا النشاطين لا يتطلبان إيجاد وظائف تتجاوز مؤهلاتها الشهادة الابتدائية فما دون. كل هذا أصبح تاريخا تحت التحولات والإصلاحات الراهنة، ويجب عدم التوقف عن تنفيذها مهما كلّف الأمر، وصولا إلى تحقيق قاعدة إنتاجية متنوعة وصلبة، تكون أهلا للسير قدما بمقدرات البلاد والعباد.

التحدي الرابع: مواجهة العدو اللدود لأي اقتصاد ومجتمع المتمثل في "الفساد"، مهّد لطريقه الاتساع والتمدد في البيئة التي تغيب عنها شفافية المعلومات والتطبيق الجاد للأنظمة والعقوبات، وعلى الرغم من أنّ المملكة خطتْ في اتجاه مواجهة خطر الفساد عدّة خطوات مشجعة خلال الأعوام الأخيرة، إلا أنّ المرتبة المتأخرة في سلّم الدول المحاربة له، تعبّر صراحة عن ضرورة بذل مزيد من الإصلاحات اللازمة للحدِّ من أشكال الفساد الإداري والمالي بصورة أقوى، ولعل من أهمِّ أدوات مواجهته الواجب الإشارة إليها هنا؛ تكثيف الجهود على مسار رفع درجات الإفصاح عن المعلومات المتعلقة بالنشاط الاقتصادي عموما، ومعلومات عقود المشاريع والمناقصات الحكومية على وجه الخصوص، والانتظام المستمر في الإفصاح عنها، لما لها من أهمية قصوى -كما أشرتُ في مقال سابق- في تضييق الخناق على رقاب المتورّطين في أي مخالفات أو تجاوزات مجرّمة، وفي الوقت ذاته تزيد فعالية الأنظمة والقوانين، وتزيد أيضا فعالية الرقابة والمحاسبة. كما لا تقف فعالية وحتمية سلاح "المعلوماتية" هنا عند مجرّد الكشف عن كل ما يجري على أرض الواقع، بل ترتقي لتقف سدّا منيعا للمراحل التي تسبق نية توريط البلاد والعباد في رزايا الفساد، ودورها المحوري في تسهيل مهام الأجهزة الرقابية، حكومية كانت أم ممثلة في المؤسسات المدنية للمجتمع كالإعلام والمنشآت البحثية، أو حتى ممثلة في أفراد المجتمع، ومساهمتها في مضاعفة قوة الرقابة، وتكثيف أعداد من يراقب المشهد العام.

التحدي الخامس: معالجة كل أوجه قصور أداء الأجهزة الحكومية، فلم تتشكّل لدينا فجوة تنموية هائلة، قُدّر حجمها على مستوى تنفيذ المشاريع خلال العقد الماضي بنحو 1.2 تريليون ريال، أقول لم تتشكل تلك الفجوة إلا نتيجة لتأخّر وقصور أداء مختلف الأجهزة الحكومية المعنيّة بتلك المشاريع التنموية، والمقصود هنا بالفجوة التنموية؛ أنّها ذلك "الفارق" بين احتياجات ومتطلبات المواطنين "خيارات الحياة" من جهة، ومن جهة أخرى ما تم إنجازه من الجهات الحكومية تلبية لتلك الاحتياجات والمتطلبات. أمثلتها كثيرة جدا؛ كالمستشفيات وأسرّة التنويم وعدد الأطباء، والمدارس، والطرق والخدمات البلدية، والمساكن، وغيرها كثير مما يُفترض تلبيته بالكفاية والكفاءة اللازمة من احتياجات إنمائية عديدة لدى مختلف شرائح المجتمع. كان من أهمِّ أسباب تفاقم القصور في الأداء الحكومي، وإسهامه في تشكّل تلك الفجوة واتساع رقعتها على الرغم من توفير الدولة الدعم بكل أشكاله وفي مقدمته الدعم المالي، الذي تجاوزتْ قيمة فاتورته خلال العقد الماضي سقف تريليوني ريال، أقول كان من أهمّ أسبابه: (1) سوء الإدارة والتقصير من قبل الأجهزة المعنيّة بتلك المشاريع. (2) توغّل الفساد في عديد منها. (3) غياب المتابعة والرقابة والمحاسبة. وكما يُلاحظ هنا أنّ هذه الأسباب الثلاثة ترتبط ارتباطا مباشرا بالتحدّي الرابع المذكور آنفا "الفساد"، ما يعني أنّ قصور الأداء الحكومي ليس إلا نتيجة لتفشّي التحدّي السابق.

التحدي السادس: إصلاح الاستهلاك المفرط لمواردنا من الطاقة، الذي ظل يتنامى عاما بعد عام بمعدلات قياسية، حتى وصلنا إلى استهلاك محلي من قدرتنا الإنتاجية من النفط ناهز 40 في المائة، ما يُشير بوضوح تام إلى أننا نسير في اتجاه مقلق جدا، يزيد من وتيرته أنّ استهلاكنا المفرط يتجه جزء كبير منه إلى تلبية متطلبات استهلاكية لا إنتاجية! وأنّ الأسعار التي تخضع لها مختلف استخداماتنا لتلك المصادر من الطاقة الناضبة أقل بكثير من تكلفة إيجادها، وأقل أيضا بأرقام باهظة الثمن من أسعارها في السوق العالمية، تتحمّل الحكومة سنويا دفع ثمن تلك الفوارق المادية الباهظة، وصلت في المتوسط خلال الأعوام الأخيرة إلى أعلى من 300 مليار ريال سنويا. أمّا الأهم في هذا السياق، أنّ الارتفاع المتصاعد لفاتورة المعونة الحكومية المعممة على الطاقة والوقود والغذاء، نتيجة الاستهلاك المفرط للطاقة مقترنا بانخفاض تكلفتها، تزامن مع اكتظاظ الأسواق المحلية بالمعدات والسيارات والأجهزة الكهربائية ذات الكفاءة المتدنية في استهلاك الطاقة، وافتقار ثلاثة أرباع المباني لمواد العزل الحراري. زاد من سوء الأمر هنا، أن أكثر من 85 في المائة من تدفقات الاستثمار الأجنبي، تركّز على الصناعات والمجالات المعتمدة بصورة أكبر على مواد اللقيم ذات الأسعار المنخفضة "النفط المكرر والمنتجات الكيماوية والبتروكيماوية". في الوقت الذي لم يشهد معها الاقتصاد الوطني آثارا تميّزها عن غيرها على مستوى توظيف العمالة الوطنية، أو على القيمة المضافة للاقتصاد، بل على العكس تماما فقد زادت من معدلات استقدام العمالة الوافدة، وأخذت أكثر مما قدمت للاقتصاد الوطني وموارده، وتحديدا تلك التي لجأت بصورة أكبر لتمويل نشاطها التشغيلي إلى وعاء الائتمان المحلي الممنوح من المصارف المحلية. ويُستكمل الحديث في المقال القادم بمشيئة الله تعالى عن بقية التحديات. والله ولي التوفيق.

الاقتصادية    2017-08-24




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
مواضيع شبيهة
يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد