هذا وقت الدبلوماسية الهادئة وليس الجماهيرية
جي بي سي نيوز :- في القدس قلقون وعن حق. فالأزمة في البيت الأبيض بعيدة عن أن تكون موضوعا أمريكيا داخليا. فالولايات المتحدة زعيمة العالم الحر، وهي مشاركة في عدد لا يحصى من النزاعات والخلافات والأزمات الدولية. وواضح منذ الآن بأن الرئيس دونالد ترامب، الذي بدأ أربع سنوات في البيت الأبيض، تسلم مهام منصبه من دون علم مسبق ومعرفة للساحة الدولية، وهو يعمل بطريقة التجربة والخطأ. كما أن ترامب يجد صعوبة في أن يجيز سياسته الداخلية التي تعهد بها في حملته الانتخابية. ففشله الذريع في إلغاء الإصلاح الصحي للرئيس أوباما يدل على أنه لم يقم بفرائضه المنزلية وأن الأغلبية الجمهورية العددية لا تعني أن يقبل أعضاؤها كل مشروع قانون يأتي به الرئيس الجمهوري. فكل المشرعين الأمريكيين، ولكن الجمهوريين على نحو خاص، يخافون من أن يحاسبهم جمهور الناخبين في الانتخابات المرحلية في تشرين الثاني 2018، التي باتت تنتظر خلف الزاوية.
إسرائيل متعلقة بالولايات المتحدة بألف وواحد من الرابط والجسور. فالولايات المتحدة تساعدنا بشكل تقليدي في كل أزمة، وسياسية، وعسكرية، واقتصادية ودبلوماسية. فعل هذا رؤساء ديمقراطيون (نعم، حتى اوباما)، وفعل هذا رؤساء جمهوريون. الكونغرس، على نحو خاص، يحب إسرائيل، حتى أكثر من تأييد الإدارة. وبالمناسبة، فإن 30 في المئة من مشرعي الكونغرس هم من أصل يهودي.
صحيح حتى الآن، في الأشهر الأولى سارت الإدارة في طريق سابقتها. ولكن المصاعب من الداخل، من البيت، أي من البيت الأبيض، ملزمة أن تجد تعبيرها في المواقف الدولية للولايات المتحدة.
كم من الوقت تبقى للرئيس للمناورة حين يكون مستشاروه يقالون بوتيرة لم تشهدها أمريكا أبدا؟ كم من الوقت سيستغرق الأشخاص الجدد في مناصبهم الجديدة ليتعلموا وليرتكبوا الأخطاء قبل أن يصعدوا إلى المسار، وكيف سيؤثر التحفظ الدولي في ترامب وإدارته على إسرائيل؟
ليس لنا أصدقاء كثيرون في العالم، وإن كان رئيس الوزراء يتباهى بعدد الزوار والزيارات هنا. فمظاهر الصداقة هذه لا تترجم بالضرورة إلى أنماط تصويت في الأمم المتحدة وفي منظمات دولية أخرى. كما أن إسرائيل تعتبر من قبل جزء من دول العالم كجسر من خلاله الوصول إلى الولايات المتحدة وتحقيق مصالحها فيها. أما في الفوضى الحالية في الإدارة الأمريكية فستجد إسرائيل صعوبة، حتى لو أرادت، أن تؤدي هذا الدور. يمكن جدا أن يسوء وضعنا الدولي الآن، ولهذا فإن على إسرائيل أن تستعد من جديد وتعيد النظر في الصورة العالمية.
في المستقبل المنظور ليس لنا بديل عن الولايات المتحدة، ولكن محظور علينا بأي حال التخلي عن دول أخرى والاستخفاف بقرارات المنظمات الدولية. إسرائيل ملزمة بأن تجري حوارا مثمرا، وأن تنصت جيدا لدول مثل ألمانيا أو الاتحاد الاوروبي بشكل عام. وما قاله رئيس الوزراء لزعماء دول بولندا، هنغاريا، تشيكيا وسلوفاكيا: «على أوروبا أن تقرر فيما إذا كانت تريد أن تعيد وتزدهر أن تتعفن وتختلف»، ليس الأسلوب والمضمون المناسبين في هذا الوقت.
إسرائيل ملزمة بأن تتبنى سياسة خارجية حذرة، محسوبة وليست كدية بأي حال. أن تنتظر لترى كيف يسيطر ترامب على البيت الأبيض، وعلى أمل أن تعيد الولايات المتحدة بناء مكانتها الدولية. هذا هو الوقت للدبلوماسية الهادئة، الكلاسيكية، وليس للدبلوماسية الجماهيرية.
معاريف 2017-08-14
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews