هواية إشعال الحرائق في رام الله

جي بي سي نيوز :- الوضعية التي علقت فيها إسرائيل في أعقاب سلسلة الأحداث حول الحرم هاذية بعض الشيء. فالعملية في الحرم جرت محاولة إسرائيلية مفهومة لتوثيق ترتيبات الحراسة في المكان، ولكن بدلا من أن يفهم الطرف الآخر بأن الأمن في الحرم هو ايضا مصلحته، قرروا في الاوقاف وفي القيادة الاسلامية تصعيد المواجهة. وتطور التصعيد إلى وضع بات فيه حتى بعد أن أعادت إسرائيل وضع ترتيبات الحراس في الحرم إلى سابق عهدها، يرفض المسلمون قبول الوضع ويرفضون إعادة الحالة الطبيعية إلى المنطقة.
روح الأمور عتيقة، ايامها كأيام الحركة الصهيونية. الشعار واحد، «الأقصى في خطر». عندما ينطلق هذا الشعار على لسان محافل اسلامية لا تعترف على الاطلاق بحق دولة إسرائيل في الوجود، فإن أحدا لا يتفاجأ. من ناحيتهم كل ما تفعله إسرائيل، وعمليا حتى مجرد وجودها، هو سبب مبرر للتحريض، ولا يهم ما هو الموضوع. المشكلة تبدأ عندما تنطلق هذه الشعارات ايضا على ألسنة محافل يفترض بها ظاهرا أن تعرض خطا مختلفا.
فنان ثنائية الوجه في هذا السياق، الشخص الذي أخذ إلى اقصى الحدود القدرة على الحديث بصوتين، هو رئيس السلطة الفلسطينية ابو مازن. فالسلطة الفلسطينية، كما يجدر بالذكر تعيش على حراب الجيش الإسرائيلي وعلى انبوب التنفس من دولة إسرائيل. لو لم يكن الجيش الإسرائيلي يمنح السلطة الاسناد الامني، لكان مصير السلطة في رام الله كمصير السلطة في غزة. كانت حماس سيستغرقها أقل من اسبوعين للسيطرة على المناطق والقاء من لم يتمكن من قيادات السلطة من الفرار للنجاة بروحه عن الاسطح. اما استعراض العضلات في رام الله الذي يقوم به ابو مازن امام حماس في غزة فهو قادر على ان يفعله فقط انطلاقا من الحضن الدافيء والمحمي من إسرائيل من مسافة كيلو مترات قليلة في خط هوائي عن قيادة قوات الجيش الإسرائيلي في المناطق.
رغم ذلك، لم يتردد ابو مازن في بداية الاسبوع من الاعلان عن وقف التنسيق الامني مع إسرائيل. ولكنه هو وحركته لم يكتفيا بذلك. فالمنظمة التي يقف على رأسها، منظمة فتح، واصلت امس ايضا التهييج واشعال النار. فقد اجتمع قادة التنظيم امس في مكاتب قيادة فتح في رام الله وقرروا اشعال يهودا والسامرة يوم الجمعة. في القرار الذي نشروه دعوا الجمهور للخروج في مواجهات مع قوات الامن، تكرس كلها لما يجري في نطاق الحرم. فتح، كي لا تقع في الخطأ اعطت مباركتها الرسمية للمظاهرات المخططة.
وبالمناسبة، فإن كلمة «مظاهرات» يمكنها أن تضلل الإسرائيلي العادي. فلا يدور الحديث عن حدث من النوع الذي نعرفه، والذي يتضمن خطابات تبعث على السأم من مكبرات صوت، وبعض الهتافات المتواترة، وبعض اليافطات التي ترفع وعليها شعارات مكتوبة باليد. عندما يتحدث الفلسطينيون عن مظاهرات فإنهم يتحدثون عن اعمال شغب عنيفة هدفها ايقاع الاصابات بين جنود الجيش الإسرائيلي. وتتضمن هذه المظاهرات رشق حجارة، القاء زجاجات حارقة وغير مرة ايضا محاولات الهجوم بجموع ملتهبة الحماسة على الجنود. هذه ليست بالضبط الاحداث التي نعرفها من ميدان رابين او من سدروت او من جادة روتشيد.
على مدى سنين يحاول الفلسطينيون برئاسة ابو مازن، رسم صورة واقع بموجبها إسرائيل هي التي ترفض السلام بينما هم مستعدون للتقدم لمسيرة سياسية. هذه الصورة يشتريها، لشدة الاسف، جزء هام من العالم الغربي. اما الاحداث الاخرى، التي تنضم إلى دعم السلطة الفلسطينية لعائلات المخربين المقتولين، اعطاء أجر للمخربين المحبوسين وتعظيم اسماء المخربين، فتوضح الصورة جيدا. حان الوقت لأن توضح إسرائيل لأبو مازن بأن كرسيه مستقر أقل مما يخيل له. فلا يمكن الاعتماد على حراب الجيش الإسرائيلي، والأكل من يد إسرائيل ومواصلة التحريض للإرهاب بلا عراقيل.

يديعوت  2017-07-28