تعيق قوانين منظمة التجارة العالمية تطور الاقتصاد دون مشاركة أجنبية.. فهذه القوانين لا تسمح بالتمييز بين المنتجات المحلية والمنتجات المماثلة الأجنبية الا في حدود ضيقة، كما لا تتيح هذه القوانين ضمن مبدأ الدولة الأولى بالرعاية بتقديم دعم للرأسمال المحلي وتمييز المنتج المحلي إذا كانت الدولة التي تقيم معها علاقة اقتصادية لا تفرق بين الدعم الذي تقدمه للمنتج المحلي والمنتجين من بلدك.. وهذه القوانين وإن كان ظاهرها العدل والمساواة فإن باطنها إعاقة التنمية في البلدان الأقل تطورًا، لأن الرأسمال المحلي في البلدان الصناعية المتقدمة هو المحرك الأساسي للاقتصاد، أما في البدان النامية فإن الرأسمال المحلي يحتاج بادئ ذي بدء إلى التكون والوقوف حتى يتسنى له فيما بعد منافسة الرأسمال الأجنبي؛ وذلك على غرار التجربة الكورية التي أدى فيها الدعم الحكومي للرأسمال المحلي إلى قيام سامسونج وهيونداي وال جي. فتجربة التشايبول Chaebol الكورية من الصعب تكرارها بعد قيام منظمة التجارة.

ولذلك فلا غرابة أن نرى دولة متقدمة مثل الولايات المتحدة تلجأ إلى الحماية عندما بدأت تشعر أن انتاجها المحلي غير قادر على منافسة المنتجات الأجنبية. بل إن هذه الإدارة تجنح إلى المقاطعة والعقوبات الاقتصادية، باعتبارها سلاح اقتصادي ضد منافسيها، من أجل الهيمنة على أسواق الطاقة العالمية وخصوصًا في أوروبا. ولذلك فإن هناك مخاوف من قبل الروس أن يخسروا سوق الطاقة الأوروبية لصالح الغاز الصخري الأمريكي. والولايات المتحدة تلجأ إلى ذلك لعلمها أن تكلفة الغاز الروسي أقل من تكلفة غازها الصخري وبالتالي يصعب تسويقه دون الحماية بالعقوبات.

أن توجه أمريكا لإعادة النظر في مناطق التجارة الحرة وانسحابها من اتفاقية «الشراكة عبر المحيط الهادي» وتجميدها لاتفاقية الشراكة التجارية والاستثمارية عبر الأطلسي والتهديد بالانسحاب من منظمة التجارة يفترض أن يكون مشجعا وحافزا لنا أيضًا لإعادة النظر في علاقتنا بهذه المنظمة التي لم نحصل منذ الانضمام اليها عام 2005 وحتى الآن على الفوائد التي نرجوها. فرأسمالنا لا زال يحتاج إلى دعم مختلف وشركاتنا تحتاج إلى مساندة وتسهيلات حكومية تخصها وحدها حتى تتمكن من المنافسة. كذلك خاب أمل المستهلك الذي وعِد من قبل وسائل الإعلام بأن دخول المنظمة سوف يتيح له شراء سلع أفضل بسعر أقل. فمنذ التحاقنا بهذه المنظمة وسلة ما يضعه المشتري من بضائع في عربة التسوق مقابل ما يدفعه من نقود في تناقص.

ولهذا فربما يكون قد حان الوقت لعمل جرد حساب عن الفوائد التي حصلنا عليها والاضرار التي لحقت بنا منذ عام 2005.

الرياض    2017-07-24