معركة القدس.. الحلول البديلة للصراع
إذا منعت إسرائيل فلسطينيي العام 1948 من الوصول للمسجد الأقصى لصلاة الجمعة، كما تقول الأنباء المتواترة، فهي لا شك ذاهبة نحو التصعيد لا نحو التراجع، وهذا يعني أنها ستُخرج الصراع الديني من القمقم ليصل إلى أبعد مدى.
ربما تجد إسرائيل الفرصة سانحة لتحقيق غاياتها في القدس القديمة. أقول ربما، مع أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قال قبل أيام إن الوقت غير مناسب بعد، ولكن قد يغري الصمت والتواطؤ والخنوع العربي الرسمي المؤيد لإجراءات الاحتلال، وكذلك حالة التشرذم والتناحر غير المسبوقة التي تعيشها الأطراف الفلسطينية، في الضفة وغزة، إياه للمضي في إجراءاته، ولكن هل يستطيع تحقيق ذلك؟
الإجابة تعتمد على حركة فتح وجماهيرها، وعلى الحركة الإسلامية في الداخل وجماهيرها، وعلى الحشد الذي يمكن أن تحشده وتُسيره القوى الأخرى في الضفة ومنطقة الـ48، فإن نجحت وإن شاء الله ستنجح، قد يدفع ذلك بالأمور إلى ما لا يتوقعه بنيامين نتنياهو ووزير التعليم الإسرائيلي نفتالي بينت، ومتطرفو الصهاينة.
المطلوب إدارة هذا الحراك بحكمة من قبل القيادات الدينية والسياسية الفلسطينية، والابتعاد عن الغايات الحزبية التي تدمر العمل الوطني الجماعي، وتخرجه عن أهدافه.
يستطيع الشعب الفلسطيني من خلال مقاومته، وبكل أنواع مقاومته، أن يجبر العدو على التراجع، وأن يجعل البوابات الإلكترونية وكاميرات المراقبة في خبر كان، إذا نجح الفلسطينيون وهم لا شك سينجحون في نزعها. فهذا يعني أنهم يستطيعون أيضا في حال التحام القيادة مع الشعب أن يوقفوا كل أشكال المخططات التي تستهدف إنهاء القضية الفلسطينية ضمن صفقات عربية إسرائيلية برعاية أميركية يطلق عليها “صفقة القرن”.
سيكون هذا درسا هاما للقيادات الفلسطينية، قبل أن يكون درسا لقيادات الاحتلال والمتخاذلين من عرب التطبيع، مفاده أن الرهان الفلسطيني يجب أن يكون على الشعب، وفقط على الشعب.
تثبت الوقائع كل يوم أن الزعيم الراحل ياسر عرفات ونهجه في المزاوجة بين كافة أشكال النضال، والذي كان يصل إلى حافة الهـاوية كلما ضاقت عليـه وعلى شعبه السبل ليفتح من خلاله بوابة أمل، تثبت اليوم أن هذا النهج هو الأنجع في مواجهة الاحتلال.
أما رهن إرادة الشعب بالمفاوضات وحدها دون دعمها أو إسنادها بالمقاومة الشعبية أو أي نوع آخر من المقاومة، وفي ظل اختلال موازين القوى السياسية والعسكرية لصالح العدو، فهو تسليم بإرادة العدو وباشتراطات العدو وبمخططات العدو.
انتفاضة القدس أو معركتها على أقل تقدير تفتح آفاقا جديدة، وعلى القيادات الفلسطينية أن تستغلها وتستلهم من دروسها العبر بأن الفلسطيني إذا أراد فإن المحيط القريب والبعيد يريد معه.
الإرادة تعني التجاوب مع إرادة الشعب، والقيادة التي لا ترتهن لشعبها وارادته، هي قيادة تضل الطريق وتبقى تحت رحمة أعدائها.
آن الأوان كي تتحرر القيادة الفلسطينية من وهم مفاده أن في السلبية الكفاحية وفي السلمية المفرطة وفي التعاون الأمني يمكن تحقيق تسوية عادلة ومشرفة.
أحداث الماضي أثبتت أنه لا يمكن عقد مثل هذه التسوية ولا يمكن تحويل اتفاق أوسلو من إعلان مبادئ للسلام كان يجب أن يحقق دولة فلسطينية في العام 1999- بحسب طموحات ياسر عرفات والرئيس الفلسطيني محمود عباس- إلى اتفاق قادر على تحقيق ذلك اليوم بحسن النوايا ومد جسور الثقة.
لم يحدث مثل هذا الأمر مع أي ثورة أو حركة تحرر في التاريخ، بل كان الكفاح، كل أنواع الكفاح، مرادفا للمفاوضات، وما يتحقق على الأرض يفرض نفسه على طاولة المفاوضات.
لن ننجز تسوية مشرفة عبر منظمة الأمم المتحدة ولا عبر المؤتمرات الإقليمية والدولية طالما غاب الفعل الفلسطيني الكفاحي على الأرض.
وعندما نتحدث عن الفعل الكفاحي فنحن لا نعني إطلاق الصواريخ، على أهميتها لو كانت حقيقية وليست ظاهرة صوتية فقط، ولكن نعني بالكفاح المقاومة الشعبية التي يشارك بها الكل الفلسطيني، والمقاومة الشعبية ليست مجرد مسيرات تنظم أيام الجمع، بل هي حركة متواصلة تشل حركة الاحتلال وقطعانه من المستوطنين وتجبرهم على إعادة حساباتهم وتفرض عليهم أمرا واقعا جديدا.
اليوم الجمعة هو يوم النفير العام، ويوم إعادة الحياة لروح الكفاح الوطني الفلسطيني الذي بعثرته سنوات الانقسام، فإما أن نفرض إرادتنا على المحتل، وإما هو من سيفرض إرادته علينا.
وعندها علينا التفكير في حلول أخرى لفرض إرادتنا عليه وهزيمته مرة وإلى الأبد باعتماد حل غير حل الدولتين، ولنتجه نحو حل الدولة الواحدة التي يخشى منها اليهود وتؤرق أحلامهم.
العرب اللندنية 2017-07-21
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews