تحية لاستاد الإسكندرية وأهلها

أسعدنى جدا كل هذا الجهد المبذول مؤخرا لتجديد وتطوير استاد الإسكندرية.. وأشكر خالد عبدالعزيز، وزير الرياضة، الذى قرر وقاد تلك الجهود من أجل أن تستعيد الإسكندرية مرة أخرى هذا الاستاد القديم والجميل.. وفى حقيقة الأمر.. لا تعنينى بطولة الأندية العربية لكرة القدم وأرفض ما يقال بشأن هذا الاستاد وأن تجديده وتجميله كان من أجل إقامة هذه البطولة التى يستضيفها الاستاد بداية من يوم الأحد.. فهذا الاستاد أكبر من كل ذلك سواء فى قيمته أو دلالته وتاريخه.. ليس لأنه أول استاد يقام فى الإسكندرية أو فى مصر نفسها أو فى كل أفريقيا.. وإنما لأنه أيضا كان تجسيدا لحكاية مصر وأهلها مع الرياضة وكيف بدأت منذ أكثر من مائة وخمسة عشر عاما.. وكانت البداية مع أنجيو بولاناكى.. أحد اليونانيين الذين أقاموا فى مصر واستوطنوا مدينة الإسكندرية.. وكان عاشقا عظيما للرياضة.. وأصبح أحد أبطال ألعاب القوى.. وبالتحديد سباقات العدو التى فاز بالكثير من بطولاتها.. سواء فى الإسكندرية نفسها أو فى أثينا وأزمير.. وحين اضطر بولاناكى للاعتزال عام 1906.. لم يعد له سوى هم واحد.. هو تشجيع الألعاب الرياضية فى مصر.. وذلك بإعداد النوادى الخاصة بمصر.. وتعهد بولاناكى بمساندة وتشجيع أى فكرة أو بادرة لتأسيس أى ناد رياضى فى مصر.. ولم يكتف بولاناكى فقط بالتشجيع والتصفيق لمن يؤسس الأندية.. وإنما قرر أن ينزل بنفسه إلى هذا البحر الواسع.. وكان أول ناد أنشأه فى الإسكندرية هو نادى الرياضة العامة الذى كان يضم جميع أنواع الألعاب الرياضية.. وبعد عامين فقط.. أى فى عام 1908.. رشحه دى كوبرتان.. رائد الحركة الأوليمبية فى زماننا الحديث..

وأول رئيس للجنة الأوليمبية الدولية.. عضوا باللجنة الأوليمبية الدولية ممثلا لمصر.. وما إن تم تعيين بولاناكى باللجنة الأوليمبية الدولية عام 1910 ممثلا لمصر.. حتى اهتم بإنشاء ملعب رياضى كبير بالإسكندرية، مسقط رأسه، يصلح يوما لأن تقام فيه الألعاب الأوليمبية.. وكان فى نيته أن يعرض ترشيح الإسكندرية لتستضيف الدورة الأوليمبية عام 1916.. ومنعت الحرب العالمية الأولى الإسكندرية من إكمال ملعبها وتحقيق حلمها بأن تصبح أول مدينة غير أوروبية تستضيف دورة أوليمبية.. وكان العزاء الذى قدمته اللجنة الأوليمبية الدولية للإسكندرية هو أن تكون أول مدينة فى العالم وفى التاريخ تشهد رفع العلم الأوليمبى بحلقاته الخمس.. وبعدها تشكلت لجنة من أعيان الإسكندرية ومسؤوليها تحت رعاية الملك فؤاد واختارت مكان هذا الاستاد الذى تكلف بناؤه أكثر من مائة ألف جنيه أسهم فيها الملك فؤاد والأمير عمر طوسون وأهل الإسكندرية أنفسهم.. وقام بتصميمه الروسى نيكوسوف محافظا على الجمع بين التصميم اليونانى والروح الإسلامية الشرقية وفخامة الحلم السكندرى.. وألف حكاية أخرى تخص هذا الاستاد الذى تم افتتاحه عام 1929 بمباراة بين نادى الاتحاد ونادى القاهرة وفاز بها الاتحاد بهدف وحيد.. وأتمنى جمع تاريخ هذا الاستاد وتخصيص جزء منه كمتحف للرياضة المصرية.

المصري اليوم 2017-07-21