Date : 23,04,2024, Time : 08:18:32 PM
2099 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: الجمعة 19 شوال 1438هـ - 14 يوليو 2017م 12:03 ص

حروب الدول لتقاسم البلد تلي حروب الأسد على السوريين

حروب الدول لتقاسم البلد تلي حروب الأسد على السوريين
عبد الوهاب بدرخان

ماذا يعني «مسار آستانة» والاتفاق الذي انبثق منه لإقامة المناطق الأربع «لخفض التصعيد»، وماذا يعني «مسار عمّان» واتفاق وقف إطلاق النار في جنوب غربي سورية؟ إنهما نموذجان لإدارة الأزمة بعدما تعب الطرفان المتقاتلان، نظام بشار الأسد وفصائل المعارضة، وبلغا من الضعف ما يسمح للقوى الدولية والإقليمية بأن تقرّر أن سورية المعروفة انتهت، أصبحت مناطق مشرذمة، ولم يعد ممكناً توحيدها ولا حُكمها، وأن المتاح هو تقاسمها مناطق نفوذ في انتظار الظروف المواتية لـ «حلٍّ نهائي» يُفترض أن يفضي الى تقسيمها. ولا شيء يؤكّد أن التقسيم ممكنٌ وعمليٌّ، أو أنه قدرٌ محسوم. والأهم أن شعب سورية (وليس النظام)، على رغم كل الانقسامات، يرفض مثل هذا المصير.

ليس في الغالبية الصامتة، بمَن تضم من موالين ليسوا مع الأسد ومعارضين لا يراهنون على المعارضة، مَن يؤيّد التقسيم أو يسلّم به، بل إن لديهم ايماناً ضمنياً بأن صعوبات ترميم التعايش مهما بلغت تبقى أهون من آلام التجزئة الجغرافية والاجتماعية. كذلك، ليس في المعارضة وأنصار الانتفاضة الشعبية مَن دفعهم هول المآسي، على فظاعاتها، الى اعتبار التقسيم مصيراً يلبي طموحاتهم أو يحقق المستقبل الذي حلموا به. ما يتوافق عليه هؤلاء وأولئك أن دمار الوطن أصاب الجميع، شعباً ودولةً، وأن تقسيمه لا يعوّض خسارات الأفراد والعائلات والطوائف، بل يضاعفها.

الأكيد أنهم متوافقون أيضاً على رفض الأمر الواقع الذي تفرضه القوى الدولية والإقليمية عليهم الآن، وليست لديهم قدرة ولا حلفاء أو «أصدقاء» يعولون عليهم لتفعيل هذا الرفض بموقف «وطني» جامع. فالمعارضة تحاول بشقّ الأنفس الحفاظ على وجودها في آستانة وجنيف، من دون أي قدرة على مقاومة «مناطق النفوذ» وأصحابها. أما النظام، الطائر زهواً بـ «انتصارات» اعتقدها نتيجة لشطارته وتزكيةً لبقائه، فيتبيّن له أكثر فأكثر أنه لم يكن سوى أداة في أيدي حلفائه وأعدائه، حتى أنه يتلهّف اليوم لقنوات مفتوحة مع الولايات المتحدة والسعودية، اعتقاداً منه أن اللعب على التناقضات والتوازنات لا يزال في مستطاعه. لم تمكّنه عقليته السياسية البائسة من إدراك أن حلفاءه عملوا على تقزيم أي قيمة يمكن أن يمثّلها، وأنه بالنسبة اليهم لم يعد سوى ورقة يساومون بها على مصالحهم، وتوشك أن تفقد صلاحيتها. ولعل اللحظة الراهنة الأكثر دلالة الى أنه فاقد «الشرعية»، فميليشياته وأجهزته وشبّيحته لا تؤهّله لأن يكون حاكماً، أما تآمره على شعبه فلا يخوّله استنهاض حال «وطنية» - على افتراض أنها خطرت في باله - ضد الاملاءات الخارجية. لذلك، وحده هذا النظام يجد في التقسيم مآلاً يناسب طائفته ومخرجاً يغطّي عجزه عن إبقاء البلد موحّداً ويعفيه من مواجهة تحدّيات ما بعد الحرب.

في ضوء التقاسم الحاصل راهناً، ودخلت الولايات المتحدة على خطّه من باب التعاون لا التصادم مع روسيا، دخل الصراع السوري مرحلة يقول اللاعبون الرئيسيون فيها إنهم يسعون الى وقف التقاتل، سواء عبر «مسار آستانة» أو «مسار عمّان»، ليتوجّهوا بعدئذ الى «المسار السياسي». وفيما هم يتقاسمون لا يزالون يقولون، باستثناء الإسرائيليين، أنهم يرفضون أي مشاريع لتقسيم سورية. فبعدما استخدموا التقاتل لتمكين النظام هنا وإيران هناك و «داعش» و «القاعدة» هنالك، ولتعجيز المعارضة وإضعافها في كل مكان، استخدموه أيضاً لرسم الخرائط والحدود بين المناطق، هل يمكّنهم وقف التقاتل من استخدام الفوضى التي صنعوها في استنباط «حلّ سياسي» كفيل بعدم زرع أسباب لتجدّد القتال. الأكثر واقعية أنهم، أي الروس والأميركيين والإيرانيين والأتراك والإسرائيليين، يتنافسون على تقاسم البلد، وليسوا مهتمّين بأي حل سياسي، ويصعب تصوّر أي في ظل هذا التقاسم. ولذلك يُعزى عدم أكتراثهم بـ «مسار جنيف» الى أن التفاوض بين النظام والمعارضة ليس الإطار الذي يُتوقّع منه البحث في التقسيم أو الاتفاق عليه. هذا يفسّر أيضاً لعبة إضاعة الوقت التي يمارسها النظام في المفاوضات، واذا كان انخرط أخيراً في مناقشة «أي دستور للمرحلة الانتقالية» فلأن هذه رغبة موسكو المهتمّة بدسترة تعيد انتاج النظام (من دون الأسد) وبفدرلة تغلّف التقسيم المزمع.

لا وقف حقيقياً للتقاتل، وعدا مواصلة الحرب على «داعش» في دير الزور التي تُوصف بأنها أهم مواقع سيطرته بعد الموصل، سيخوض المتقاسمون المعارك المقبلة لتحريك حدود مناطق النفوذ، توسيعاً أو تضييقاً، فالتقاسم لم يُحسم بعد. لا شك في أن إيران راكمت في الآونة الأخيرة خسائر عدة، بعضٌ منها بفعل الاتفاق الأميركي- الروسي- الأردني في شأن الجنوب الغربي لسورية، وبعضٌ آخر قبله. ولعل هذا الاتفاق أشعر طهران للمرّة الأولى بما عنته واشنطن حين تحدثت عن تقليص نفوذها، إذ إنه يحول دون أن تهاجم باسم «قوات النظام» لاستعادة كامل درعا والاقتراب من حدود الأردن أو لاستعادة كامل القنيطرة لبلوغ الحدود مع إسرائيل. كان هذان الهدفان بالغَي الأهمية في الاستراتيجية الإيرانية، سواء للعبث بأمن الأردن أو بالأخص لإشعال جبهة الجولان.

قبل ذلك، حاول الإيرانيون باسم «قوات النظام» أيضاً السيطرة على معبر التنف، وباسم «الحشد الشعبي» الاستحواذ على معبر القائم - البوكمال، لجعل الحدود العراقية - السورية مفتوحةً لتنقّل ميليشياتها وآلياتها، وتحديداً لتأمين مشاركتها في معركة دير الزور، غير أن الضغط الأميركي على حكومة بغداد أوقف اندفاعها. بل حاولت أيضاً اقحام «قوات النظام» في معركة الرقّة، فأسقط الأميركيون طائرة «سوخوي 22» تابعة للنظام لمنعها من قصف «قوات سورية الديموقراطية»، ما أغضب الروس فأوقفوا التنسيق الجوي ثم أعادوه بعدما اضطرّوا لتفهّم الدوافع. يضاف الى ذلك أن نهاية معركة الموصل، بجهد رئيسي للجيش العراقي وجهازَي مكافحة الإرهاب والشرطة الاتحادية، تترافق مع تطورَين: أولهما فرز سياسي حاصل، خصوصاً في البيئة الشيعية المؤيدة لإيران، والآخر طرح مصير ميليشيات «الحشد الشعبي» التي كانت محاربة «داعش» المبرّر المعلن لإنشائها... صحيح أن هذه الوقائع لم تُضعف نفوذ طهران، لكنها تظهر أن ثمة عقبات باتت قائمة أمام تمدّدها، وأن التقارب الروسي - الأميركي سيربك أهدافها ولا بد أن تعمل للتفلّت من قيوده.

المواجهة الأخرى المؤكّدة ستخوضها تركيا لإحباط أي مشروع لدويلة كردية محاذية لحدودها في شمال سورية، أو في أسوأ الأحوال لتكبيل أي كيان كردي بكثير من القيود لمنعه من التحوّل الى دولة. هذه معركة تجمع بين إيران وتركيا وتتجاوز خلافاتهما، بل تجمعهما مع نظام الأسد اذا كان لا يزال مؤثّراً في المعادلات الدولية والإقليمية. لكن روسيا وأميركا تبدوان متوافقتَين على خطوط عامة ومبدئية بالنسبة الى تلبية طموحات الكرد، وتحاولان معاً تهدئة الغضب التركي، من دون أن تقطعا أي تعهّد حاسم لأنقرة، إما لأن توافقهما لم يبتّ الوضع النهائي لما سيكون عليه الكيان الكردي أو لأنهما - خصوصاً الولايات المتحدة - لا يريدان كشف أوراقهما وسط تصدّر الكرد القتال ضد «داعش» في الرقة، ولذلك مثلاً أكّد وزير الدفاع الأميركي أن واشنطن ستستمر في تسليح الكرد حتى بعد تحرير الرقّة ردّاً على الرئيس التركي الذي كشف أن الأميركيين أبلغوه أنهم سيسحبون الأسلحة التي وفّرت لمقاتلي «حزب الاتحاد الديموقراطي» بعد انتهاء الحرب على الإرهاب. والمؤكّد أن تركيا التي عدّلت سياساتها مراراً في إطار تعاملها مع الأزمة السورية، وقدّمت تنازلات كثيرة على حساب فصائل المعارضة، لا تستطيع التنازل أو التهاون في المسألة الكردية.

قد تكون القوى المتقاسمة في صدد إنهاء القتال بأبعاده الداخلية البحتة، لكن المرحلة المقبلة ربما تشهد أغرب حرب بالوكالة تتقاتل فيها الأطراف المحلية لا من أجل استعادة سورية وإعادة حق تقرير المصير للشعب السوري، بل من أجل تحسين حصص الأطراف الخارجية وتعزيز مواقفها التفاوضية في عملية التقسيم. لكن السوريين «بحاجة الى وقف إطلاق شامل للنار وإلى نشر الأمن في سورية كافة، وليس الى اتفاقات تتخذ ذريعة المناطق الآمنة حجة لتقسيم سورية وتناهب أرضها...» على ما يقول بيان هو أولٌ من نوعه ووقّعت عليه عشرات من الشخصيات السورية.

الحياة  2017-07-14




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
مواضيع شبيهة
يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد