أبو مازن ينكل بحركة حماس بشكل غير مسبوق
جي بي سي نيوز :- زعيم واحد عجوز، محوط بعصبة مستشارين عديمة الراحة، من شأنه أن يحدث لإسرائيل الحرب التالية مع حماس. هذا الرجل يدعى محمود عباس، وفي الاشهر الاخيرة حدد حركة حماس ككيس لضرباته. والمرة تلو الاخرى يجلدهم ويهينهم بشكل غير مسبوق يقترب من التنكيل.
منذ فترة طويلة وهو يمقتهم، ولكن في الشهر الاخير تلبسه الشيطان. بدأت حماس بالإعداد لإقامة ادارة حكم ذاتي، بمثابة حكومة صغيرة، تدير على نحو مستقل شؤون القطاع. خطوة مطلوبة، في ضوء الانقطاع عن السلطة والعلاقات المشلولة بينهما، ولكن ابو مازن رأى في هذه الخطوة محاولة تمرد تستهدف حل حكومة الوحدة برئاسته. ولا يهم على الاطلاق إذا لم تكن هذه الوحدة تؤدي دورها.
في أزمة الكهرباء سجلت سلسلة الأسر التي يديرها ذروة جديدة من الوحشية بجهاز التحكم من بعيد. فالسلطة تدفع لإسرائيل 45 مليون شيكل في الشهر لقاء الكهرباء التي تضخها إلى غزة. وتورد هذه الكهرباء في عشرة خطوط توتر، مصدرها في الاراضي الإسرائيلية، وهي منتشرة على طول القطاع حتى خانيونس. ابو مازن، بمشورة احد رجاله، قرر تخفيض 15 مليون شيكل من المبلغ وإلى الجحيم بسكان القطاع.
تلبثت إسرائيل في موقفها. في جهاز الامن على علم جيد بالوضع الاقتصادي الصعب داخل غزة، بالمياه التي هي غير مناسبة للشرب، بمعدل البطالة الذي يزيد عن 50 في المئة وبالكهرباء التي ستصل لساعتين في اليوم فقط. ويوجد في إسرائيل بضعة اشخاص يعترفون بمسؤوليتنا عن رفاه سكان القطاع. وآخرون يخشون بأنه حين تقع مصيبة انسانية سيلقي العالم على إسرائيل كامل المسؤولية.
فكروا وفكروا، وقرروا الرفض. شدة التيار تقلصت بالثلث، كمعدل المبلغ الذي خفضته السلطة. وروت إسرائيل للأسرة الدولية بأن هذا نزاع فلسطيني داخلي، وليس دورها أن تتدخل. أو على لسان وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان ـ إذا دفعوا فسيتلقون. واذا لم يدفعوا فلن يتلقوا. ولكن الحقيقة هي أن القدس قررت المعاندة. إذا كانت ستمول الكهرباء لغزة بدلا من السلطة، فإن من شأن اللاعبين في المنطقة ان يستطيبوا الفكرة، ونحن سنخرج إمعات الحارة. صرخة النجدة التي انطلقت من غزة كان يمكن أن نسمعها حتى تل أبيب. فقد روى لي الناطق بلسان شركة الكهرباء في القطاع محمد ثابت هذا الاسبوع كم هو بشع وضعهم. فقد قال ان إسرائيل هي المصدر الوحيد للكهرباء اليوم. وقد مسوا حتى بهذا. وهو لم يخطيء. فالكهرباء المصرية ليست منتظمة، وعلى اي حال فإن قوتها ضعيفة.
أحد في القدس لم يذرف دمعة في ضوء المصاعب (الحقيقية) لحماس في القضية، ولكن القصة قد تعود الينا كالسهم المرتد. في هذه الايام يعمل زعماء حماس بكد على اعادة الوضع إلى سابق عهده. وقد وضعوا على طاولة ابو مازن اقتراحات معقولة وعملية لحل الازمة. والقرار هو في يده. فإذا كان أحس بأنه استنفد تنكيلاته بحماس، فسيقول نعم. اما إذا قرر مواصلة تدوير السكين، فسيستخدم التسويف. وصحيح حتى الآن، فإن الامكانية الثانية اكثر معقولية.
تظهر هذه القضية كم هو خطير وضع حماس في علاقاتها مع السلطة. فيكاد لا يكون للحركة الغزية اي ورقة ضغط امام رام الله في أزمة الكهرباء. بالمقابل، في يدها حل غير مباشر: دهورة الوضع، إلى أن يصل إلى مواجهة عسكرية مع الجيش الإسرائيلي. هذه الامكانية لم تستبعدها حماس للحظة. زعماؤها لا يريدون ذلك، ولكن كعمق انحشارهم في الزاوية، هكذا يرتفع الاحتمال في أن يكون هذا بالنسبة لهم الملاذ الوحيد قبل الاستسلام.
يعرفون في حماس بأن لطول نفس إسرائيل في الحرب توجد حدود. وهذه الحدود تتوفر في اللحظة التي يبدأ افضل ابنائها بالعودة في توابيت. من ناحيتهم لا حاجة لحرب من 51 يوما، مثلما كان في «الجرف الصامد». يكفي ان ينزل ملايين الإسرائيليين إلى الملاجيء، واحتجاج الامهات وتبادل معيب للاتهامات في القيادة. واذا لم يقع خلل على الطريق فستجبي المواجهة ثمنا من إسرائيل وستنقذ حماس من الدرك الاسفل الذي علقت فيه.
مشكلة الكهرباء هي الاخرى ستحل. ابو مازن سيكون مطالبا من الاسرة الدولية بأن يعيد التيار إلى السكان الذين يختنقون تحت النار وسيجد صعوبة في ان يرفض. ومع القتلى الكثيرين بين الغزيين ستعيش حماس بسلام. فقد سبق ان كانوا في هذا الفيلم بل خرجوا منه في حالة لا بأس بها.
يمكن لإسرائيل بالطبع ان تضغط على عباس لتخفيف حدة وحشيته تجاه خصومه من الداخل. ولكنها بحاجة ماسة له، ولا سيما لاجهزة مخابراته، في الصراع المشترك لاحباط العمليات في الضفة وفي شرقي القدس. هكذا يسيطر عباس على هنية وشركائه وبشكل مباشر ايضا على امن بلدات الجنوب. فإن شاء يدفع، وان لم يشأ، لم يدفع.
معاريف 2017-06-24
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews