العقوبات الأميركية والعلاقات بين موسكو وواشنطن
جي بي سي نيوز :- بادر مجلس الشيوخ الأميركي إلى خطوة قاسية ضد روسيا، ووافق على مشروع قانون يشدد العقوبات عليها. وتزامن المشروع هذا مع اقتراح قانون آخر للعقوبات على إيران. وصوّت مجلس الشيوخ بـ97 صوتاً مقابل اعتراض اثنين فحسب على المشروع. ونسبة التصويت تمثل غالبية محصنة ضد أي فيتو رئاسي محتمل. وقد يقر مجلس النواب الأميركي مشروع القانون قبل الاجتماع الأول بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في قمة مجموعة العشرين في هامبورغ بألمانيا.
ويقف الرئيس ترامب أمام معضلة: هل يستخدم حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قانون العقوبات الذي أقر بموافقة الحزبين ليشهد بعدها إبطال نقضه؟ سيكون ذلك هزيمة مهينة لشخص درج على التبجح بالفوز. أم سيوقع على مشروع قانون يثير غضب فلاديمير بوتين ويبدد فرصة نادرة لإصلاح العلاقات الأميركية مع روسيا؟ وقال وزير الخارجية الأميركية ريكس تيلرسون، أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، إنّه يفضل تجنب اتخاذ إجراءات جديدة ضد روسيا من شأنها أن تضر بالقنوات القليلة التي ما زالت مفتوحة بين الدولتين. ومن جهته، على الرئيس بوتين أن يحسم أمره: هل يتخذ إجراء انتقامياً ويخسر أي أمل في تغيير لهجة واشنطن أم يغامر بالظهور في صورة الضعيف والعاجز عن حماية مصالح روسيا مع إطلاق حملة إعادة انتخابه؟
ومشروع القانون هذا متشدد ويغالي في التشريع. فهو يرسخ أسس نظام العقوبات القائم ويقيد قدرة الرئيس الأميركي على رفع العقوبات أو تخفيفها. وسيحتاج أي تعديل على العقوبات موافقة الكونغرس، ما يساهم في نشوب معارك سياسية جديدة وتعقيد جدول الأعمال التشريعية للإدارة الجديدة. ويحتمل أن تكون الكلفة السياسية لرفع العقوبات الروسية باهظة. ويقضي مشروع القانون بضمّ العقوبات المتعلقة بأوكرانيا إلى العقوبات المتعلقة بالقرصنة والعقوبات المتعلقة بسورية وحقوق الإنسان في سلة واحدة. وهذا يغلق الباب أمام موسكو ويبدد أملها في فصل عقوبات الدونباس عن التنفيذ الكامل لاتفاقيات مينسك التي تزعم روسيا أن كييف تعرقلها عن قصد. ويفرض مشروع القانون على المؤسسات المالية الروسية الخاضعة للعقوبات قيوداً تقلص مدة القروض القصيرة الأجل من 30 يوماً إلى 14 يوماً فحسب، ومن 90 إلى 30 يوماً في القطاعات الأخرى الواقعة تحت العقوبات مثل النفط والدفاع. ويستهدف مشروع قانون العقوبات على وجه التحديد خطوط أنابيب الطاقة الروسية، فهو يحظر المبيعات والاستثمارات التي تفوق 5 ملايين دولار سنوياً في القطاع هذا. كما يعزز صلاحيات القيود المفروضة على بيع الديون السيادية الروسية ومشتقاتها من طريق دعوة وزارة المالية الأميركية إلى إصدار تقرير يبحث في هذه المسألة. وهو يحد الاستثمارات الأميركية في صفقات الخصخصة الروسية إذا استفادت منها كيانات أو شخصيات تخضع للعقوبات، بمن فيهم مسؤولو الحكومة الروسية وأقاربهم. كما يدعو القانون الحكومة الأميركية إلى نشر تقارير حول الأوليغارشية الروسية والتمويل الروسي غير المشروع في الولايات المتحدة وأوروبا. وعلاوة على ذلك فهو يجيز لوزارة المالية الأميركية تطبيق إجراءات «مكافحة الإرهاب» ضد روسيا، الأمر الذي قد يؤدي إلى تصنيف روسيا دولةً «داعمة للإرهاب».
ومن العسير تحديد أثر العقوبات الجديدة في الاقتصاد الروسي. وثمة تقديرات تشير إلى أن القطاع المالي الروسي صار محصناً، إلى حد كبير، ضد أي قيود جديدة على القروض القصيرة الأجل. وليس واضحاً إذا ما كانت العقوبات الجديدة ستحمل موسكو على تغيير موقفها. ومن المؤكد أن الكرملين سيتضرر من القانون إذا أصبح نافذاً وأغلقت قنوات الحوار- بخاصة في سورية حيث يجمع أميركا وروسيا تعاون حساس لإنشاء مناطق تخفيف التصعيد. ورفض تيلرسون تأييد مشروع قانون مجلس الشيوخ، ودعا إلى «المرونة من أجل تعديل العقوبات لتحتسب حاجات تطور الأوضاع الديبلوماسية». ولكن أعضاء مجلس الشيوخ البارزين يرون إن التقدم الذي حققه تيلرسون في إقامة علاقة بناءة مع روسيا، كان ضئيلاً ومتأخراً جداً. وانخرط وزير الدفاع جايمس ماتيس في النقاش الدائر، وقال إنه يرى أن احتمال علاقة إيجابية مع روسيا ضئيل، طالما أن موسكو تتصرف على أنها منافس استراتيجي.
وتسعى إدارة ترامب إلى حرف مشروع القانون عن مساره، أو على الأقل تأجيل نظر مجلس النواب فيه. وقد تكسب بعض الوقت قبل اجتماع مجموعة العشرين مع بوتين، ولكن بعد ذلك، فإن المعركة تبدو خاسرة. ومع استمرار التحقيق في التدخل الروسي، فإن إدارة ترامب مقيدة في قدرتها على معارضة العقوبات الجديدة ضد روسيا. ومن سخرية المآلات أن تجد روسيا نفسها تحت عقوبات أشد في ظل إدارة ترامب مقارنة بسلفه أوباما، الذي تتهمه موسكو بدفع العلاقة الثنائية إلى الحضيض.
موسكو تايمز 2017-06-21
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews