حائط البراق وحائط " ترامب "
ما لم يقله جبريل الرجوب في حديثه مع القناة الإسرائيلية الثانية أخطر مما قاله عن حائط البراق ، ذلك أن هذه هي المرة الاولى التي يقبل فيها فلسطيني أو عربي أو مسلم التطرق إلى رمز من الرموز التاريخية في مدينة القدس ، بحجم هذا الحائط ، وبمثل هكذا تصريح .
أيا كانت التفسيرات التي أطلقها الرجوب بتصريحه الذي أذهل المذيعة الإسرائيلية والتي - ولدهشتها - أعادت الكرة وطرحت نفس السؤال غير مصدقة لما تسمع ، فإن هذه هي المرة الأولى التي يسمح فيها لمسؤول ما بتجاوز الخطوط الحمر وبكل هذه الجرأة .
لقد صلى ترامب على الجدار ، جدار البراق ، وبكت ابنته أيضا على نفس الكوة المبتدعة ،ومن ثم صلت نيكي هايلي سفيرة ترامب في إسرائيل ، والتي أكدت بأن حائط البراق جزء لا يتجزأ من إسرائيل ولعل هذا ما أثار شهية السلطة لإبداء مرونة غير مسبوقة وحفزها للإيعاز للرجوب بالصلاة أيضا ، نقصد بقول ما قال ، وهذه هي البداية بالمناسبة .
وإذا كان هناك من أحد يشكك في أنها البداية فقط فعليه مراجعة المواقف الفلسطينية الرسمية من المفاوضات مع إسرائيل ، والتي كانت تشترط وقف الإستيطان قبل أي مفاوضات ، وما سيحدث بعد بضعة أسابيع .
مخطئ من يعتقد أن ترامب قادر على الضغط على نتياهو لتقديم تنازلات والتوصل لحل ، إلا أن شروط أبو مازن التي ستتبخر مع الريح ، كما سنرى تباعا ، لا زالت تقابلها شروط نتنياهو التي تتمثل في نقطتين رئيسيتين :
1- عدم التخلي عن أي مستوطنة في الضفة ، أو تفكيكها .
2 - السيطرة الإسرائيلية المطلقة على منطقة الأغوار .
هذان الشرطان الإسرائيليان اللذان لا يتزحزح نتنياهو عنهما ، كفيلان بجعل ترامب في موقف ضعيف جدا ، لكونهما استراتيجيين لدى الناخب الإسرائيلي ولمؤسسات الضغط الأمريكية ولحكومات الظل صانعة القرار الأمني في الدولة العبرية : ( الجيش ) .. وهي شروط تكفل عدم التوصل لأي حل وهدفها الرئيس كسب سنوات عجاف أخرى من المماطلة ، ما يعني أن الفلسطينيين ابتلعوا الطعم وأطلقوا تصريحا تاريخيا تم تسجيله بأحرف من ذهب في أرشيف القناة وأرشيف إسرائيل ، مهما قيل بعد ذلك ..
وكما قلنا ، فإننا سنشهد قريبا لقاء في إحدى مزارع ترامب في واشنطن ، يفضي إلى بدء المفاوضات بدون وقف الأستيطان .
لقد فات الرجوب وغيره أن الحائط الغربي ( البراق ) أصبح مقدسا لدى اليهود قبل أربعة قرون فقط ، وكانوا يصلون في أماكن أخرى بعيدا عن الأقصى ، بينما وقعت معجزة الإسراء والمعراج قبل أربعة عشر قرنا ، ويراد الآن تثبيت أن هذا الجدار هو أحد الجدران المتبقية من الهيكل المزعوم ، مع أنه أحد جدران الأقصى ، وبذلك يستولي اليهود عليه تدريجيا وبطريقة لن تقف عند عقد أول اجتماع لمجلس الوزراء الإسرائيلي في فنائه كما حدث قبل ايام .
وإذا قال قائل : إن هذا لن يحدث ، لرفضه من من قبل مليار ونصف المليار مسلم ، فإننا نحيله إلى تصريح الرجوب عن حائط البراق ودافعه إلى إطلاقه كما قلنا .
أما إذا كان الدافع هو إرضاء الولايات المتحدة ، وهو كذلك كما أشرنا ، فلنطلق عليه إذن : "حائط ترامب " وننتهي من هذه " المعضلة " لأنه ، وكما يقول المثل ، هيك مضبطة بدها هيك ختم .
د.فطين البداد
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews