Date : 26,04,2024, Time : 03:01:17 AM
4382 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: الخميس 28 شعبان 1438هـ - 25 مايو 2017م 12:11 ص

احتجاجات تونس.. والقلق الجزائري

احتجاجات تونس.. والقلق الجزائري
خالد عمر بن ققة

تَنظر السلطات الجزائرية إلى الاحتجاجات في تونس هذه الأيام بحذر وتحفظ وحيطة، وهي لا تتخوَّف في الوقت الراهن من عدوى انتقال ما يشبه تلك الأحداث أو ما يقاربها إلى الجزائر، خاصة المناطق النائية والمظلومة، إنما ينبع القلق والخوف من المستقبل في حال تواصلت تلك الاحتجاجات، هذا على مستوى نتائج تأثير الفعل، أما على مستوى إعادة بعث شعارات الثورة في تونس بعد نزول الجيش إلى الشوارع في تحدّ علني لقرارات الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، فإن الجزائر ترى في ذلك خطرا أكبر، كونها لا تود العودة إلى تاريخ اشتعال الانتفاضات والثورات العربية بدءا من تونس منذ نهاية العام 2010.

لا يمكن لنا فهم تأثير الاحتجاجات الراهنة في تونس، إلا بفهم العلاقات الجزائرية – التونسية، وهي علاقات قائمة على الود والمحبة، والخلافات التي تقع بين الدولتين أحيانا عابرة ويتم حلها بسرعة، والتقارب بينهما مميز في المنطقة المغاربية، بل هما من أكثر الدول العربية تقاربا في علاقة جيرة عمَّقها الكفاح المسلح ضد الاحتلال، وتَحَمُّل التوانسة للجزائريين حين ضاقت عليهم بلادهم بما رحبت في سنوات حرب التحرير وما قبلها وما بعدها، وزادتها سنوات الاستقلال -رغم الخلافات الظاهرة والخفية بين النظامين في مراحل الحكم المختلفة- عمقا وتجذرا، وفي العشرية السوداء مثلت تونس نجدة وأمنا بشريا وجغرافيا لمعظم الجزائريين.

إذن أي أحداث تقع في تونس تمسُّ الجزائريين بشكل مباشر، صحيح أن الثورة التونسية على نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، لم يكن لها تأثير على الوضع في الجزائر، ولكن تلك حالة فردية لها ظروفها الخاصة لا يمكن القياس عليها، ويطول شرحها، وعلى العموم هناك سببان حالا دون إحداث أي رد فعل مؤيد للثورة التونسية خاصة والثورات العربية عامة على نطاق واسع في الجزائر لجهة مواجهة النظام أو محاولة تغييره، هما: تجربة الجزائريين مع الإرهاب خلال العشرية الدموية التي أسهمت في تعميق مسألة الأمان والاستقرار لدى الجزائريين، واستفاد منها النظام الحاكم، وبوجه خاص الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، والثاني أن الجزائريين يرفضون التقليد السياسي أو بالأحرى يفضلون الأسبقية عما سواهم، خاصة حين يتعلق الأمر بالتغيير وبالثورات.

الجزائر قلقة من أحداث تونس الراهنة، وهي حالة مختلفة عن قلقها من علاقاتها المضطربة مع دول الجوار الشقيقة والصديقة الأخرى، فهي مثلا أميل للخوف من ليبيا نتيجة الحرب الدموية الدائرة هناك، وهي في علاقتها مع المغرب في تبدل وحذر مشترك بين الدولتين الكبريين في المنطقة، والاختلافات ما بينهما في المواقف هي تعبير عن صراع بين الندين تكتيكيا وليس استراتيجيا، ورسميا وليس شعبيا، وسياسيا وليس جغرافيا، أما بالنسبة إلى تونس فالوضع مختلف تماما، فهي ترى فيها “الجارة المُتَنّفَّس” في أوقات الرخاء والشدة، وبالتي فهي تخاف عنها وليس منها، خاصة وأنها تمثل لديها -رغم انتشار العنف والإرهاب في تونس- مرفأ للأمان على المستوى الرسمي والشعبي في ظل التغيرات الواسعة التي تشهدها المنطقة.

من ناحية أخرى، فإن تونس شريك فاعل في تحمل الأعباء مع الجزائر – مع أنها مستفيدة اقتصاديا من ذلك- ومنها عبء التنزّه والسياحة، ورغم الاختلاف البيَّن في بعض الطباع بين الشعبين إلا أنهما قادران على التفاعل بإيجابية، وكل النقد المتبادل بينهما ينتهي عند تحقيق الحاجات المشتركة، ومعظم الجزائريين يفضل السياحة في تونس، كما يشد الرحال إليها للعلاج وللتبادل التجاري، وللعبور باتجاه أوروبا والعالم. وعلى خلفية هذا وغيره، فإن تونس تمثل حضنا دافئا للجزائريين، تضاف إلى ذلك العلاقات والروابط الدموية بين الشعبين.

على خلفية ما سبق يجتاح القلق الجزائريين، شعبيا ورسميا، من الاحتجاجات في تونس، فبالنسبة إلى الشعب فذلك لحاجات آنية ومباشرة تتعلق بالسياحة، المصيف تحديدا، أو بالتجارة، أما بالنسبة إلى السلطات فذلك لأن الحالة التونسية الماضية في الفساد شبيهة بالحالة الجزائرية الحالية، كما أن الحالتين في الحاضر لجهة تصرفات الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي متقاربة مع أفعال الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة، وهذا يعني أن مخاوف السلطات الجزائرية من أحداث تونس أكبر وأوسع من مخاوف الشعب.

التظاهرات الشعبية في تونس خلال الشهر الجاري لرفض قانون المصالحة الاقتصادية، الذي تقدمت به الحكومة التونسية في عام 2015 للبرلمان كمشروع قانون يهدف إلى التصالح مع رجال أعمال نظام الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي، من خلال العفو عن المتورطين في تهم متعلقة بالفساد المالي، وتراجعت عنه الحكومة تحت ضغط الشارع، وأعيد طرحه للمناقشة بالبرلمان في يونيو 2016، هذا القانون اعتبر تراجعا من الرئيس السبسي عن أهداف الثورة ولا يختلف عن تعامل السلطات الجزائرية مع جماعات الفساد، بل إن الجزائر تقوم بما هو أخطر، ذلك أنها لم تجرّم ما يقوم به أصحاب رؤوس الأموال بل أعطت بعضهم فرصة لتبييض أمواله من خلال ترشيحهم في الانتخابات البرلمانية في بداية الشهر الجاري مرفقة بالحصانة.

المشترك بين النظامين في تونس والجزائر هو تبرير القرارات المرفوضة شعبيا بحجة أنها خطوة لتشجيع الاستثمار، عبر توظيف الأموال غير المشروعة من جماعات الفساد بما يخدم السياسة الاقتصادية في البلدين، ونتيجة ذلك نرى المزيد من الاحتجاجات هي أكثر وضوحا في تونس، لكن هذا قد لا يمنع ظهورها في الجزائر، لذلك تعيش السلطات الجزائرية حالة من القلق، لأول مرة في تاريخ العلاقات بين البلدين سيتحول الخوف عن تونس إلى خوف منها، وإذا حدث هذا فإن الجزائر ستكون وحيدة في محيطها ولذلك ثمنهُ الباهظ حتى لو ارتفعت أسعار النفط.

العرب اللندنية  2017-05-25




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
مواضيع شبيهة
يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد