هل أساء ترمب استخدام السلطة وأصبح مجرما؟

نيويورك تايمز

جي بي سي نيوز :- تناولت صحيفة نيويورك تايمز العاصفة السياسية التي بدأت رياحها تهب على الرئيس دونالد ترمب، وذلك في أعقاب عزله مدير مكتب التحقيقات جيمس كومي، ووسط مزاعم بمحاولته عرقلة سير العدالة، وتساءلت عن مدى كونه أساء استخدام السلطة وصار مجرما بحق بلاده.

فقد نشرت الصحيفة مقالا اشترك في كتابته كل من ريتشارد بينتر ونورمان آيسين اللذين كانا المحاميين أو المستشارين القانونيين للمسائل المتعلقة بأخلاقيات المهنة لدى الرئيس الأسبق جورج بوش والرئيس السابق باراك أوباما على التوالي.
وقال المحاميان في مقالهما إنه يبدو أن الرئيس ترمب ربما يكون قد عبر الخط باتجاه الإجرام، وذلك عندما أقدم على عزل كومي في ظل الملابسات التي بدأت تتكشف منذ الساعات القليلة الماضية.

وأوضحا أنه عند الجمع ما بين ما هو معروف وما قد يقع بخانة الشك أو المزاعم بمحاولة الرئيس عرقلة العدالة، فإنه قد حان الوقت أن تبدأ تحقيقات موضوعية من قبل الكونغرس والمستشار القانوني أو المحامي الخاص بالجهة التنفيذية، وذلك على أرضية ما يتعلق بمحاولة ترمب حث كومي على التخلي عن التحقيق مع مستشار الأمن القومي السابق مايكل فلين، ودور روسيا التي أثارت الموضوع برمته من الأصل.وعرض المحاميان بعض الحقائق التي من بينها قيام سالي ييتس -التي تولت لاحقا مهمة القائم بأعمال وزير العدل- بإخبار البيت الأبيض يوم 26 يناير/كانون الثاني الماضي بأن فلين يكذب فيما يتعلق بمحادثاته مع السفير الروسي.

ومضيا بالقول إنه ما كان من الرئيس في اليوم التالي إلا أن استضاف كومي على مأدبة عشاء خاصة، وقيل إنه طلب منه أثناءها وبشكل متكرر تقديم الولاء له، الأمر الذي رفضه كومي.
وأضاف بينتر وآيسين: وأما يوم 14 فبراير/شباط الماضي وبعد يوم واحد من استقالة فلين كمستشار للأمن القومي، فيقال إن الرئيس ترمب استوقف كومي بعد اجتماع معين كي يخبره بأن فلين لم يفعل شيئا خاطئا وأنه رجل طيب.
وأشارا إلى أن ترمب حث كومي على التخلي عن التحقيق بهذا الشأن، لكن كومي رفض هذا الطلب أيضا. وأضاف المحاميان: بل إن كومي أكد أمام الكونغرس في مارس/آذار أو الشهر التالي أن التحقيق مع فلين لا يزال جاريا، وأنه طلب مزيدا من المصادر من وزارة العدل من أجل متابعة التحقيق.

وأضاف المحاميان أن الرئيس ترمب سرعان ما أصدر قراره في التاسع من مايو/أيار الجاري القاضي بعزل كومي من منصبه.
ويمضي الرجلان بسرد المزيد من التفاصيل المتعلقة بالتداعيات المتلاحقة التي أعقبت هذا الإجراء من جانب ترمب، بما فيه التناقضات التي حاول ترمب من خلالها تبرير قراره، وإلى قيامه بتهديد كومي عبر تويتر ومحذرا إياه من أي تسريب من جانبه بهذا الشأن إلى وسائل الإعلام.وقالا إن أيا مما سبق الإشارة إليه من وقائع لا يشكل على الأرجح عرقلة للعدالة، وذلك -وكما قال مدير مكتب التحقيقات كومي نفسه- لأن لدى الرئيس سلطة بموجب الدستور لا ينازعه فيها أحد تخوله توظيف وعزل أعضاء إدارته ضمن السياق الطبيعي للشأن الحكومي.

واستدركا بالقول: لكن الذي لا يمكن للرئيس فعله هو ممارسة هذه السلطة بشكل فاسد أو لغرض غير لائق أو شرير أو يبعث على الشر، وذلك من أجل إنقاذ نفسه أو إنقاذ من يعنيه أمرهم أو المرتبطين به من الخضوع للتحقيق والمساءلة الجنائية المحتملة.

ومضيا بالقول إن القيام بهذه الممارسات يعني تجاوز سلسلة من القوانين الفدرالية التي تحدد جريمة عرقلة سير العدالة.
وأشار المحاميان إلى أن أي شخص يقوم "بشكل فاسد" أو عبر رسالة تهديد أو اتصال أو يحاول التأثير أو عرقلة أو أعاقة إقامة العدالة الواجبة، فإنه سيخضع لعقوبات جنائية.

وقالا أيضا إن ما يدل على أن الرئيس ترمب تصرف بشكل فاسد يتمثل في طلبه من كومي تقديم الولاء له، الأمر الذي يناقشه البيت الأبيض بشكل خلافي.
وأضاف بينتر وآيسين أن هذا الطلب من جانب ترمب ينم عن تهديد ضمني، وذلك عند قوله "كن مخلصا وإلا سيتم عزلك".
وأسهب المحاميان في المزيد من التفاصيل القانونية المتعلقة بالسلوكيات والقوانين المعنية بهذا الخصوص، وسط التساؤل في ما إذا كان ترمب قد أصبح مجرما بحق بلاده من خلال إساءته استخدام السلطة.

كما تساءلا عن إمكانية توجيه الاتهام ضد الرئيس بهذا الخصوص، وأشار المحاميان إلى حيثيات فضيحة ووترغيتالتاريخية التي أسفرت عن تقديم الرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون استقالته في فترة رئاسته الثانية، وذلك بسبب مجريات تبدو شبيهة.
وقالا إنه يجب على مجلسي النواب والشيوخ أن يواصلا تحقيقاتهما الراهنة وأن يوسعا نطاقها، وأن تبادر اللجنة القضائية لدى كل من المجلسين إلى البدء بجلسات استماع بشأن مدى كون الرئيس ترمب قد أساء استخدام السلطة.
واختتم بينتر وآيسين بالقول: بل يجب على الكونغرس أن يكون مستعدا لمتابعة الأدلة أينما تقود.

نيويورك تايمز 2017-05-19